عام يبحر في ثنايا المجهول، وآخر غرق بآلام المقهورين، ما بين العام 2016 والعام 2017

انقشع غبار عام وحط عام آخر رحاله علّه يأتي بأحسن حال من سابقه ، عام مضى سرد فيها تفاصيل قصص وحكايات جُلُها كان المسلمون ضحاياها ، قتل وتشريد، دمار وخراب ،تطهير وتهجير، هو سيناريو مسلسل اعتاد عليه المسلمون ذكره في نشرات الأخبار المتلاحقة ، خداع ومؤامرات وسرقة للإرث والتاريخ وشرعنة الباطل وإسقاط الحق والعوم في بحور الديمقراطية الكاذبة والدندنة على أنغام السياسة الماكرة هو الحال الواقع والقدر الذي لا مفر منه في عالم منافق جرّم المظلوم وأثنى على الظالم ودافع عنه.

ذهبت هموم وجاءت وعود، أصدقاء عرفناهم وأناس عشقناهم، أحلام تبخرت وآمال تجددت, أشخاص سررنا بمعرفتهم وآخرون سرقهم الموت منا، لحظات عشناها بين الترقب حينا وبين الفرح حينا وبين الحزن حينا آخر ، انقسام شتتنا ومصالحة ننتظر قطف ثمارها ، شباب حملوا لواء الحب والإبداع لوطنهم ومثبطين عاشوا عالة على مجتمعهم ، مواقف شهدنا على قوتها ، ومصائب حلت على أمتنا ، نحاول النهوض ، نحاول أن نسند قامتنا ، نحاول المشي ببطيء ، نحاول أن نواكب الحاضر ، نحاول ان نسرع ، لعلنا نصل إلى أهدافنا ، لعلنا نصل إلى غاياتنا ، لعلنا نصل إلى أمانينا ، لعلنا نصل إلى قمة عطاءنا.

القلم ينحب كاتبا سيرة أمة قد طالها من الألم ما طال ، وقد عاث فيها الحزن وطاف ، ووقفت العيون حيرى من هول ما جرى ولاح، وخرست الألسن لا تدري أين الكلام وأين الصواب ، وباتت القلوب يابسة ضحلة الإحساس والمشاعر لا تعرف طريق الرحمة ولا الإنسانية.

آلام المقهورين خلال العام 2016 

العراق

لا أدري من أين أبدأ وأين أنتهي لأن الهموم والأوجاع قد طالت جميع أجزاء الجسم العربي من الخليج للمحيط ،فالعراق وجرحها الخائر في العمق من احتلال دام 14 عاما ومن تأخر إلى آخر ومن سقوط إلى تغير هويتها بالكامل، وما معركة الموصل ببعيد عن طائفية عفنة وتآمر دولي على طائفة كبيرة بحجم أهل السنة الضعفاء ،

ليبيا

وليبيا وصراع البقاء لشرذمة الهالك القذافي وروح ثورة 17 من فبراير وتنافس كل منهما على تقاسم خيرات وثروات ليبيا التائهة بين حلم السلطة وبقاء حكم الشعب.

تونس

وتونس الغائرة في أحضان العلمانية البائدة والمتهاوية استخباراتياً وسياسيا والتي نجمت عنها جريمة اغتيال الطيار التونسي محمد الزواري على أيدي جهاز الموساد الإسرائيلي واختراقه لعمق الأمن التونسي الذي لا يعرف إلا التطاول على شيء ينتمي للإسلام وأهله ، ويمن يلملم أشلاءه الممتدة على طوله يحاول استرجاع ماض أصبح رهينة بأيدي أذناب وعملاء إيران.

مصر

وفي طريقنا لا بد أن نسلط الضوء على مصر الشحيحة اقتصاديا وسياسيا فمصر على شفا حفرة من الوقوع في إفلاس ودمار للجنيه في وجه الدولار الأمريكي ووصل الأمر بمصر للفشل على المستوى الدبلوماسي وسحب قرار ادانة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتصدي الغرب والعجم وتقديم القرار وانتصارها لفلسطين وقضيتها.

سوريا

ومأساة حلب التي لا يمكن إغماض الأعين عنها ولا إسكات اللسان عما حل بها فكان واجبا علي أن أفرد لها مساحة تليق برائحة الشهداء الذين ارتقوا وبصمود أهلها ومقاومتها للاحتلال الروسي الغاشم ووقوعها بين سندان الشيوعية الغابرة ومطرقة الطائفية الباغية ، حلب وما حصل لها من تدمير ممنهج وتهجير لأهلها وقتل لأطفالها وشيوخها واغتصاب لحرائرها و تشويه لمعالمها وحضارتها كان أدعى لتدخل تركيا بثقلها السياسي والدبلوماسي لوقف المجازر الدائرة هناك وفرض التهدئة ووقف إطلاق النار بموافقة المعارضة المسلحة وإبرازها لشخصيتها الإسلامية ولدورها الأخلاقي والإنساني في حين تغاضى العرب عن إخوانهم واكتفوا بصرخات الشجب والاستنكار.

انقلاب تركيا من أبرز الأحداث التي جرت في عام 2016 

ومن أبرز الأحداث التي جرت في عام 2016 انقلاب 15 من يوليو الذي كان مسرحه تركيا، ومحاولة شرذمة من العسكر اغتصاب إرادة الشعب التركي الذي تصدى لهم ولدباباتهم بصدورهم العارية وعلّم الانقلابيين درسا قاسيا في احترام الديمقراطية التي أفرزتها الصناديق لا الديمقراطية الغربية الزائفة حسب مقاييسهم وأطماعهم ،فكانت 12 ثانية خرج بها الرئيس التركي دافعا للشعب التركي لتفجير براكين الغضب المتوقدة في وجه أي محاولة للالتفاف على إرادتهم أو النيل منها وتدمير دولة حرص الأتراك أن تبقى مزهرة كما رسموا لها وضحوا من أجلها.

فلسطين

وفي وجداني وقلبي فلسطين التي ما زالت وستبقى القضية المركزية والمحورية للعرب والمسلمين وإن طأطأ بعض العرب رؤوسهم تجاهها ، لكن الأيام القليلة الماضية كشفت وبرهنت أن عمق القضية واسع منتشر وأن الهمّ الفلسطيني ليس مختصا بالفلسطينيين بل تعاده لتصل أقاصي المغرب العربي واغتيال الزواري مهندس القسام دليل على أن فلسطين حاضرة في تفكير ووجدان الشعوب العربية المتعطشة للحرية والمؤمنة بعدالة القضية الفلسطينية .

ولكي أختم ، فهذا العام عام كغيره من الأعوام مضى ، حدّثنا بما فيه من خير وشر ، وأبرز عن صورته وحقيقته ، وأسقط أقنعة كانت تحجب قبح وجوه غررنا بها ، وكشف معادن رجال صقلتهم المحن والشدائد ، وعرّفنا بقادة عظماء أبدعوا خلف الكواليس ، وشهد على أحداث بيّن الصديق من العدو ، وتلكّأ في إبرام مصالحة الأخوة العالقة في مسافات ضيقة من التخوين والتسويف ، وشاهدا على معاناة مستمرة لعمالقة قد عجز الصبر عن نظم قصائد صمودهم.

ويروي التاريخ حكاية أمة أثقلتها المآسي والنكبات حتى أضحت عاجزة تجرفها رياح التبعية بعيدا عن شاطئ الامن والاستقرار .

فيديو المقال

أضف تعليقك هنا

محمد فخري شلالدة

مهندس حاسوب ومشروع اعلامي جيد, وأعشق الكتابة الصحفية.