ونادى في الظلمات (كيف تضيء عتمة الكربة؟) – قصة سيدنا يونس

ظلمات في قصة سيدنا يونس

لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين، كان هذا هو الدعاء الذى لجأ إليه نبى الله يونس علية السلام في ظلماته التي عددها العلماء: ظلمة البحر وظلمة بطن الحوت وظلمة الليل، وبقى أن نتحدث عن الظلمة الأعظم وهى ظلمة الكرب وظلمة اللحظات الصعبة التي عاشها في بطن الحوت ومن قبلها تكذيب قومه له.

ظلمة البحر وبطن الحوت والليل ظلمات ماديه بمجرد الخروج منها والتعرض لشعاع الشمس وتغيير المكان تتبدل الظلمه بالنور، ولكن ظلمة الكربه لا تتغير بتغير المكان لأنها ظلمه معنويه يبصر فيها الإنسان كل شيء من حوله بعينيه، ولكنه يتخبط داخل إحباطات تصاحب تلك الكربه، وقد خرج يونس عليه السلام من كل هذه الكرب بالدعاء الممتزج بالإعتراف بالذنب.

إنى كنت من الظالمين

المفتاح السحري (إنى):لم يقل إنهم كانوا ظالمين (قومه) رغم ظلمهم له وتكذيبهم له ولكن إعترف فإستحق النجاه وكشف كربته قال تعالى(فاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكذلك نُجِى الْمُؤْمِنِينَ) وهذا لا يكون مدخلا للتشكيك في كمال نبوة سيدنا يونس عليه السلام ولذلك فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ ابْنِ متى }.

وهذا ما تعرض له د.أحمد خيري العمري في كتابه (البوصله القرآنيه) وقال:

إن هناك مايعرف بإنسانية الأنبياء وهو إمكانية تعرضهم لكل مايتعرض له البشر من ضعف ويأس وتردد لذلك قال الله تعلى محدثا الرسول صلى الله عليه وسلم (ولا تكن كصاحب الحوت…) حيث إنتابه يأس من إيمان قومه. خرج يونس مغاضبا، كما كان وصفها القرآني، أي أغضبه قومه لإعراضهم عنه، وخرج الرسول مهاجراً لأن قومه هجروه، ولكن رسول الله رسم رؤيه إستطاع من خلالها الرجوع إلى مكة فاتحاً.

ظلمة الكربة أو المحنة في بعض الأحيان مفتاح نورها (إني كنت من الظالمين)

إني كنت كسلانا -هل سبق أن قلت "إني كنت من الكسالى فضاعت وظيفتي" بدل من الجلوس بلا عمل.

– هل سبق أن قلت أني كنت من الكسالى فضاعت وظيفتي لتخرج من كربة البطالة والجلوس بلا عمل.

– هل سبق لك أن قلت إنى كنت من المقصريين في حق أبى وأمى وطالما كنت عاقاً لهم لتخرج من كربه زوال البركة والتوفيق من حياتك.
البعض فرغ الدعاء من مضمونه المناسب وظل يردد لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين، وكأنها تسابيح وجب الإكثار من ترديدها شفهياً بلا تحرك لإصلاح هذا الظلم الذى إقترفته نفوسنا في حق الله أو في حق البشر .

الغمّ والهم

إنى كنت من الظالمين ليست النهايه ولكنها البداية للتغيير كما كانت بدايه يونس عليه السلام إستجابه ربانيه ونجاة من الغم، وإيمان قومه كان في إنتظاره عندما رجع إليهم، وكان بالتحديد الغم والفرق بين الحزن والهم والغم هو أن الغمّ شعورٌ ينتاب الإنسانَ حينما يعاينُ أمورًا تقلقه إذاً يختلف عن الحزن والهمّ في كونه يحدث بناءً على أمرٍ حاضر.

الحزن والهم

أما الحزن فهو لفظٌ ورد في القرآن الكريم على لسان يعقوب -عليه السّلام- حينما فقد أعزّ أولاده وأحبّهم إلى قلبه وهو يوسف -عليه السّلام-، حيث قال تعالى: “قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُون”، كما يرد هذا اللفظ كثيراً على ألسنة النّاس حينما يتحدّثون عن شعور الإنسان بأمرٍ حدث وانتهى، فالحزن يكون على أمرٍ مضى خلافَ الهمّ الذي يكونُ على أمرٍ مستقبليّ.

بعض الناس إتخذت من بطن الحوت وطناً قررت أن تعيش فيه، وتحاول أن تُأقلم نفسها بكل ما أوتيت من قوه على ذلك المكان الموحش وتلك الغمه الصعبه لأن البديل بالنسبة لهم سيكون صعبا هو الإعتراف بخطأهم ولكنهم فضلوا أن يكونوا أسرى لظلمة الكربه على أن يكونوا أحراراً معترفين بتقصيرهم. وستظل اللغه الرسميه والشعار المتداول هو الشكوى والتذمر من أي شيء وكل شيء، المؤامرات الدوليه والحاله الإقتصاديه وأعداء الإسلام المتربصين، وسيظل بطن الحوت ينزل بهم إلى أسفل حيث القاع والقاع لا حياة فيه.

ولكن هل من يهمس لهم ويقول كفاكم فالشكوى كالماء القليل، منها ينبت ولكن الكثير يغرق.

لنجعل النجاه قريبه بقول (إني كنت من الظالمين…)

فيديو ونادى في الظلمات

أضف تعليقك هنا