نشاط الإنسان بين التنويع والروتين – هل الروتين مفيد؟ وكيفية الترويح عن النفس

الروتين ساعة وساعة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الإنسان كثير النشاط فكريا وبدنيا ، وبعض الناس يجتالهم الملل من المواصلة على صيغة واحدة من الاجتهاد ، قد يحتاج ابن آدم إلى مهارة أخرى يقضي بها على ما سمي {الروتين} في الحياة ، فقد روى الإمام مسلم وغيره عَن حنظلَة الأسيدي أنَّه قال: انطلقتُ أنا وأبو بَكرٍ حتَّى دَخلنَا على رَسول الله صلى الله عليه وسلّم فقلتُ: نَافقَ حنظلَة. قال رسول الله، صلَّى الله عليه وسلم،: وما ذاك؟ قلتُ: نَكون عندكَ، تُذَكِّرنا بالنَّار والجنّة كأنَّا رأيَ عَينٍ، فإذا خَرجنا عافسنا الأزواجُ والأولاد والضيعات، نَسينا كثيرا. فقال رَسولُ الله صلَّى الله عليه وسلم: والذي
نَفسي بيده، لَو تَدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لَصافَحتكم الملائكةُ على فُرُشِكم وفي طرقكم ولكن ياحنظلَة ساعَة وساعة ثلاثَ مرَّاتٍ”.

فلا خلاف في حاجة المرء إلى ترويح للنفس. لكن وأنا أقرأ كتاب “الطريق إلى النجاح” للدكتور ابراهيم الفقي رحمه الله أوقفتني عبارة منه تتحدث عنه ، فانتبهت إلى أن الكثير من الساعين في دنيانا مجانبون لفهم حقيقة الترويح ، لذا يحتجون به فتضيع حياتهم لهوا بالمهمات وهدرا للأوقات.

إن تتابع الأعمال في نظري هو الواقي من الملل ، أما تفاديه فلابد له من نظام كي لا ينقلب علينا بالعواقب.

كثير من الناس وجدوا أنفسهم في تيه كبير بسبب انفكاكهم عن ديمومة العمل والحيوية، لتبنيهم مسألة الترفيه وبتر الروتين بشكل خاطىء في الفهم ، بحجة رفع المعنويات ، والمحافظة على سلامتها من المكروه ، حتى إذا حدثت أحدهم بواجباته استحضر ملل الروتين واحتج بالترويح فرارا منها ، مع أن الواجبات أكثر من الأوقات.

إن ما يحيل الحياة عادية ويجنبها الضجر والتبرم أن يكون للشخص نظام حياة متعدد الأنشطة يتناوب عليها فلا يشعر بالتعب بل بالمتعة في العمل ، والجد ، والاجتهاد ، مثل ذلك اللاعب لكرة القدم الذي يمارس في حصصه التدريبية عددا من التمارين تتداول عليه كي لا يمل من تمرين واحد فقط ، فمن التحضير البدني إلى التمارين الهجومية إلى التمارين الدفاعية إلى الخطط التكتيكية إلى غيرها فما إن تنتهي الحصة التي قد تدوم ثلاث ساعات إلا وقد شعر بالمتعة الرياضية كونه حصل على المنفعة البدنية والفنية مع التنوع المجنب للسأم لكن في إطار نظامي دون إفراغ الوقت وتضييعه فيقتل الإنسان نفسه دون شعور ، أويقتله الفراغ.

في نظري لو خصص الشخص لكل مدة عملا فحتما سيشعر بالراحة في خضم الأعمال واللذة في الأشغال والمتعة في المشاق. فهذا حنظلة فسر ذهاب متعة ما عند النبي صلى الله عليه وسلم بالعمل مع الأولاد والأزواج والضيعات ، لا بالعطل.

أما اللجوء إلى إفراغ الوقت من محتواها العملي بهذه الذريعة الواهية واللجوء إلى اللعب أو النوم والسمرأو غيرها ، فيجلب السآمة لا التنفيس.

إن أمتنا غبنت في خطأ فهم كثيرمن الحقائق فضاعت سيادتها بضياع جهودها ثم أوقاتها ثم إنتاجها.

أضف تعليقك هنا

سعد الدين شراير

الأستاذ سعد الدين شراير