علم السعودية

الاستثمار في السعودية

بقلم: هيثم صوان

وضعت وزارة الاقتصاد والتخطيط العديد من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والتنموية خلال الـ 45 عاماً الماضية فما الذي تحقق حتى الآن وما لم يتحقق خلال خطط التنمية التسعة التي انتهت في 2014م ؟

الأراضي و العقار و الأسهم

المضاربات في الأراضي و العقار والأسهم إلتهمت الكثير من الفوائض المالية بسبب غياب الأوعية الاستثمارية الحقيقية والمباشرة والتي كان يفترض أن تجتذب هذه الأموال لتضخها في شرايين وروافد جديدة لتنويع القاعدة الاقتصادية و لإيجاد فرص عمل حقيقية تتناسب مع الأعداد المتزايدة من طالبي العمل سنوياً .

فما العمل مع تشبع القطاع الحكومي واكتفاء القطاع الخاص ؟ إحلال الوظائف قد يكون حلا لترحيل المشكلة ولكن على المدى الاستراتيجي فليس عملياً فضلا أنه مؤقت فما البديل ؟

امكانية ضخ استثمار جديد

لا تزال الجهة المسؤولة عن إيجاد فرص العمل في المملكة هي وزارة العمل رغم أن هذا لا يدخل في إطار تخصصها ولكنها وجدت نفسها مضطرة للقيام بهذا الدور لأن الفرص الجديدة حتى يومنا لا تعني أكثر من التسكين على ” وظيفة “. وهذا قصور كبير ترتب عليه تأزم الوضع الراهن، وعدم المقدرة على توظيف أكثر من 20 في المئة من 300 ألف خريج سنويا، لأنه من جهة إحلال الوظائف محدود، ومن جهة أخرى الآلاف من الجنسين ينضمون سنويا لطابور البطالة، ولا توجد أوعية استثمارية جديدة، والأهم أن الفوائض المالية كلها تقريباً وضعت في الرمال المتحركة؟!

هل الحل في الخصخصة؟

ليس الحل في الخصخصة فالتوجه العالمي الحالي يعيد تقييم التجارب السابقة وقد ثبت أن بيع الأصول وتوغل القطاع الخاص على دور الدولة لم يكن مشجعاً وأحياناً كانت نتائجه وخيمة وكارثية ؟!

وهذا له علاقة بطبيعة رأس المال الخاص لأنه جبان و لا يعبأ إلا بمعايير الربح والخسارة ويحجم عن المخاطرة و الإقدام على مشاريع رائدة تخدم الاقتصاد والتنمية الاجتماعية ولو كانت مربحة ! لأن مثل هكذا مشاريع مكاسبها ليست آنية وفي بعض الأحيان يكون حجم المخاطرة فيها عالياً لذا لا تدخل في دائرة أولويات القطاع الخاص على أهميتها للأوطان والمجتمعات .

تسليم مفاتيح الاقتصاد للقطاع الخاص و تراجع الدولة بالكلية أثبت فشله لذا تعتمد دولة مثل تركيا اليوم على ما يعرف بالشراكة بين الدولة و القطاع الخاص من خلال بيع جزء من أصول الدولة كأسهم للقطاع الخاص ليصبح الاثنان شريكين في الإدارة معاً مع احتفاظ الدولة بدورها القيادي كقاطرة للتنمية ولا تتخلى عن دورها في إنشاء وتبني المشاريع الكبيرة والاستراتيجية التي تحتاج لرؤوس أموال ضخمة وليس بالضرورة أن جدواها و مكاسبها المالية كبيرة فقد تفضل الدولة مشاريع عوائدها الاجتماعية والتنموية أكبر وتتحمل الإنفاق لفترات طويلة حتى يتحقق المكسب المادي الذي لا يصبر عليه القطاع الخاص ولا يتحمله .

التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030 و الاستثمار

التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030 في جوهرهما يقومان من وجهة نظري على وزارتين أساسيتين و مستقلتين وهما : التخطيط والصناعة فهما معاً المسؤولتنا عن تعظيم عوائد الإنفاق الاستثماري وزيادة معدلات نمو القطاعات الإنتاجية وتنويع موارد الدخل وتقليل الاعتماد على الإقتصاد الريعي وإيجاد فرص عمل جديدة من حيث الكم والنوع ؟!

ولكن لفترة طويلة كان التخطيط يتبع وزارة الاقتصاد ولا يزال وكانت الصناعة تتبع وزارة التجارة ثم انتقلت إلى وزارة الطاقة وقد أثر هذا الدمج على أداء عمل كلٍ من التخطيط والصناعة ومنذ جمادى الثاني 1429هـ و مجلس الشورى يوصي مراراً وتكراراً بفصل الصناعة عن التجارة وإنشاء وزارة مستقلة للصناعة تضم كافة الهيئات والجهات المتعلقة بقطاع الصناعة ودعمها بالكوادر الفنية المتخصصة لتقوم بكافة شؤون تنمية القطاع وتفعيل الإستراتجية الوطنية للصناعة .

وتبقى حلقة مفرغة ما بين التخطيط والتنفيذ تحتاج للإهتمام وهي غيبة آليات التنفيذ وعدم وجود متابعة ومحاسبة وقد عبَّر عن ذلك الدكتور أحمد بن حبيب صلاح المستشار الاقتصادي في وزارة الاقتصاد والتخطيط حينما دعا ما سمَّاها بالجهات المعنية في الأجهزة الحكومية المسؤولة عن تنفيذ خطة التنمية إلى ضرورة وضع آليات لتنفيذها كلٌ فيما يخصُّه ؟! وقال: إذا لم تكن لدينا آليات للتنفيذ فإننا نتكلم عن أحلام ؟ وأكد أن المشكلة تنحصر في التنفيذ لأن خطط التنمية التي تضعها وزارة الاقتصاد والتخطيط تتحدث عن أهداف مُمكنة التنفيذ ولها أموال وإمكانات مرصودة؟!

مشاكل سابقة

وعلى الجانب الآخر يؤكد الخبراء أن المشكلة الكبيرة التي تواجهها المملكة هي غياب التخطيط الاستراتيجي الشامل بعيد المدى مما أدى إلى التخبط والعشوائية والتأثير السلبي على سرعة وجودة تنفيذ المشاريع الحكومية بالرغم من إنفاق المملكة أكثر من تريليوني ريال في مشاريع البنية التحتية .

تطوير قطاع الصناعة

إن الارتقاء بمساهمة قطاع الصناعة في إجمالي الناتج المحلي يحتاج لوضع قطاع الصناعة السعودي في مرتبة قيادية للاقتصاد الوطني ليكون أهم مصدر بعد البترول وهذا يحتاج لاستراتيجية صناعية تضعها وتشرف على تحقيق أهدافها وزارة مستقلة للتخطيط ويحتاج وزارة مستقلة للصناعة والثروة المعدنية للقيام بمهمة التنفيذ وإلا سوف يستمر الوضع الحالي على ما هو عليه من غياب للأوعية الاستثمارية الجديدة وتزايد لأعداد البطالة وقلة فرص العمل و استمرار الإعتماد على البترول كمصدر أساس للدخل .

بقلم: هيثم صوان

أضف تعليقك هنا