الطريق إلى داعش يمر بــ “حزب النور” (2-2)

مررنا مرورًا سريعًا في المقال السابق على أنه لا فارق البتة بين تنظيم الدعوة السلفية و تنظيم أنصار بيت المقدس و تنظيم داعش و غيرها من المنظمات الإرهابية و أن جميعهم إرهابيون بامتياز ، فإن الفكر واحد و المنهاج واحد ، و العقيدة واحدة ، بل .. و الطريق واحد .

وليس بينهم من فارق إلا في التوقيت و السرعات لا أكثر ، و هم جميعًا يسيرون على الطريق ذاته و في اتجاه واحد لا عودة منه أو فيه ، و من يسير إليه لابد و أن يقطعه إلى آخره ، و هذا الطريق و هذه المحطات و المراحل تم التعرف عنها عن طريق الاستقراء و التتبع لتاريخ و واقع تلك المجموعات و الجماعات و الذي كشف بجلاء و وضوح أن المراحل لهذه المجموعات هي ثلاث و لا رابع لها ، مهما اختلفت هذه الجماعات عن بعضها أو مع بعضها البعض ، جميعهم طريقهم واحد يبدأ ببداية معروفة و ينتهي بنهاية معروفة أيضًا ألا و هي الإرهاب .
و هذا الطريق ذي ثلاث محطات لا رابع لها ، تختلف كل مجموعة منها على حسب المدة التي تقضيها في كل مرحلة أو محطة من محطات تلك المحطات الثلاث ؛ و هذه المحطات الثلاثة هي على الترتيب :

1- مرحلة أو محطة العمل الدعوي أو الاجتماعي و الخيري 

و هذه المرحلة ضرورية لكل جماعة و تنظيم حيث تسيطر فيها من خلال العمل الدعوي و الخير و الاجتماعي على عقول و قلوب الجماهير لتستغلهم و تستخدم أصواتهم في المرحلة الثانية و التي تنتقل إليها بمجرد انتهاء المرحلة الأولى .
المرحلة الثانية و هي :

2 – مرحلة أو محطة العمل السياسي 

و التي تستمر فيه الجماعات طالما استفادت منه و كان مصالحها فيه فإذا لم تعد فيها المصالح ممكنة و لم تستطع تحقيق المكاسب من العمل السياسي و لم يوصلهم العمل السياسي إلى السلطة انتقلوا مباشرة إلى :
المرحلة الثالثة و هي :

3 – العمل العسكري و الإرهابي 

و هي المرحلة الأخيرة من المراحل التي تمر بها كل جماعة أو تنظيم سياسي ديني أو جماعة تنتمي فيما تنتمي للإسلام ، تبدأ بالعمل الدعوي أولًا ، ثم تنتهي بالعمل الإرهابي و لا شك .
و لن أضرب المثل بتجربة الجزائر و الذي يعد مثالًا واضحًا للمراحل الثلاث و التي بدأت أول ما بدأت بالعمل الدعوي و العقدي ثم العمل السياسي فلما فشلوا في السيطرة على مفاصل الدولة انقلبوا مباشرة إلى المرحلة الثالثة و هي الإرهاب المسلح و الذي عانت منه الجزائر ما عانت و ضحت ما ضحت ، و لكن سأضرب المثل اليوم بالتجربة المصرية مع جماعة الإخوان الإرهابية و التي مرت بالمراحل الثلاث ، و يراها كل أحد و بمنتهى الوضوح ، بدأت الجماعة كمجموعة دعوية و خيرية و اجتماعية ، ثم انتقلت إلى العمل السياسي و ما زالت تعمل بالسياسة حتى خرجت السلطة من يدها ، فانقلبت مباشرة إلى العمل الإرهابي .

و هذا هو حال كل الجماعات المنتسبة للإسلام ، و التي منها بلا شك الدعوة السلفية بالإسكندرية و ولدها الصغير حزب النور و التي تمر الآن بالمرحلة الثانية و هي العمل السياسي بعد أن ظلت في المرحلة الأولى و هي العمل الدعوي حتى يناير 2011 م و التي تحولت بعده إلى العمل السياسي أو المرحلة الثانية و التي لا يزال فيها إلى الآن ، إلا أنه و بمجرد أن يتأكدوا من فشل العمل السياسي في تحقيق مآربهم في السيطرة على الدولة و الوصول للحكم ، فإنهم سيتحولون مباشرة إلى المرحلة الثالثة و الأخيرة و هي : العمل الإرهابي ، و هذه المرحلة أُرَاها لائحةً في الأفق كأني أنظرُ إليها بعيني لا أكادُ أخطأها ، وهي أقرب بكثيرٍ جدًا مما يظن الناس .
فحزب النور – على سبيل الإجمال- هو جزء لا يتجزأ مما يسمى بــ “التيار الإسلامي” ، يسير على نفس طريق من سبقوه و سيصل إلى نفس النتيجة و النهاية التي وصل إليها غيره كالإخوان و غيرهم ، و من يفرق بين الإخوان و الدعوة السلفية بالإسكندرية و ولدها الصغير ، هو إما جاهل أو مخادع .

و لعلي أزيدك –أيها القارئ المكرم- من الشعر بيتًا علك تتيقن أو تزداد يقينًا على يقينك – إن شاء الله- و لتكون على بينة من أمرك .
و ذلك أنه و في زمن حكم الإخوان – لا أعاد الله تلك الأيام النحسات- و قبل أن يتم إسناد ملف المجموعات الإرهابية في سيناء إلى “محمد الظواهري” عن طريق ابن أخته “محمد رفاعة الطهطاوي” رئيس ديوان رئيس الجمهورية في ذلك الوقت و بتكليف مباشر و دعم مالي بملايين الدولارات من “خيرت الشاطر” ، عرض تنظيم الدعوة السلفية بالإسكندرية خدماته على الرئاسة الإخوانية في هذا الملف ، و وجد “مرسي” فيهم ضالته نظرًا ليقينه بأنه أقرب الناس إلى المجموعات الإرهابية في سيناء في العقيدة و الفكر و المنهج ، فأرسل وفدًا منهم مندوبًا عن رئاسة الجمهورية و عن تنظيم الإخوان في مصر للتفاوض معهم لكي يكفوا عن الشغب و الذي أحرج الإخوان و وضعهم في صورة غير القادر على تحقيق الأمن و الاستقرار ، و السيطرة على الأمور .

و بالفعل ذهب وفد من تنظيم الدعوة السلفية بالإسكندرية و حزب النور على رأسه “ياسر برهامي” نفسه ، وليس ما ذُكر هو الأهم و إن كان مهمًا ، بل الأهم هو ما دار في لقاء هذا الوفد مع وفد تنظيم أنصار بيت المقدس ، و ما دار فيه من تفاهمات و اتفاقات ، حيث أعلمهم “برهامي” و أعلنهم و أعلن للعالم كله من ورائهم أو لمن يسمع و يعي و يريد يفهم من العالم ، أنهم – أي تنظيم الدعوة السلفية بالإسكندرية و حزب النور- لا يختلفون في الاعتقاد أو الفكر أو المنهج شيئًا و لو كان صغيرًا عن أو مع أنصار بيت المقدس و لا غيرهم في سيناء أو في غيرها ، و أنهم جميعًا على نفس المنهج و الطريقة و الاعتقاد في التكفير و الإرهاب و التفجير ، و لكنهم يختلفون معهم –فقط- في تقدير الموقف و حسابات الوقت و التوقيت المناسب -من وجهة نظرهم – لاستخدام العنف و الإرهاب و ليس في مبدأ الإرهاب فإنه أمرٌ متفقٌ عليه ، و لكنهم – أي الدعوة و الحزب- يرون أن وقت استخدام العنف و الإرهاب مازال لم يأتِ بعدُ ، و أنهم يرون أن الوقت الحالي أنسب للمرحلة الثانية و هي العمل السياسي و الذي يتأتي منه مكاسب أكبر من تلك التي قد يُحَصِّلُوها لو انتقلوا إلى المرحلة الثالثة و هي العمل الإرهابي المسلح .

كانت هذه النقطة هي محور النقاش الذي تم بين تنظيم الدعوة السلفية و ولدها مع تنظيم أنصار بيت المقدس في هذا التوقيت في زمن الإخوان ، و هو ما يكشف لنا و لغيرنا و بمنتهى الوضوح خطأ بل خطيئة من يرددون أنهم تنظيم الدعوة السلفية و حزب النور إنما هم مجموعة تؤمن بالسلمية و أنهم وطنيون يؤمنون بالوطن و يحبونه ، و لكن الحقيقة على العكس من ذلك تمامًا .

هذا … و لعله من المناسب و المفيد أن نختم بما بدأنا به و نكرره ، من أن :”طريق حزب النور – و بلا أدنى شك- يؤدي إلى داعش” و أن “الطريق إلى داعش يمر –بلا شك- بحزب النور” ، و أن أعضاء الدعوة السلفية بالإسكندرية و ولدها حزب النور هم في الحقيقة مشاريع دواعش مستقبلية، يوشك أن تنفجر مع الجميع .

أضف تعليقك هنا