القدس بين إسرائيل اليهودية وفلسطين العلمانية.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الصراع بين الحق والباطل ، الاحتدام بين الأمم والدول ، على مواقع الكرة الأرضية تأسس مذ برأ الله الخليقة إلى يومنا هذا ، ولا يعلم إلا الله تعالى مداه ، إلى يوم الدين ، أم إلى حد يقطعه بين الناس.

صراع الأديان

النزاع بين الأديان والعقائد مستمر منذ أول روح نفخت بين الخلائق إلى يوم الناس هذا.

ومنه العراك حول القدس وبيت المقدس ، مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومقر المساجد والكنائس والمعابد.

تبادل المسلمون والنصارى واليهود بسط النفوذ على القدس أحقابا ، إلى أن احتلت فلسطين سنة 1948م ، والنزال قائم عليها بين الفلسطينيين واليهود في غياب الأمانة المسؤولة للمسلمين الذين تغنوا بفكرة {المسألة داخلية ، ولن نكون ملوكا أكثر من الملك} ، فتركوا إخوانهم يُفَلّتُونَ أجسادهم وأرواحهم من مخالب الأعداء.

القدس عاصمة أبدية لليهود!

ومنذ قرار السلطة الصهيونية اعتبار القدس عاصمة أبدية لليهود ، والمنافحة الظاهرية للسلطة الفلسطينية عنها ، والقضية تراوح مكانها.
لكن الملفت هو منطلق كل من اليهود والفلسطينيين في المشاكسة حول تبعية القدس.

ففي الوقت الذي يتشبث اليهود بالمنطلق العقائدي للدولة الإسرائيلية لتنفيذ وعد الرب والرسالة وتثبيت دعائم الصبغة اليهودية ، نجد الفلسطينيين ينصرفون عن هذا الاعتبار ويعلقون بعلمنة السلطة على أرض تابعة إداريا للدولة الصهيونية ، في خشية كبيرة ظاهرة لهم من الرأي العام الأممي الغربي بالخصوص من تمثل المنطلق الديني ، باعتبار الغرب على الأخص لا يقبل تمسكا به لقضايا المسلمين لما يعلمه من قوة تأثيره على نتائج تحركاتهم به.

إن الميزان هنا يختلف تماما ، فمعيار الدولة الإسرائيلية هو اليهودية والديانة والعقيدة ، أما معيار الفلسطينيين ما هو إلا العلمانية التي يشتركون فيها مع غيرهم.

حين يرفع الإسرائيليون راية التلمود والتوراة التي تقوي الجانب الروحي المرتبط بالسماء والوعود الربانية ، ينكس القادة الفلسطينيون راية القرآن والإسلام ، بل ويعاقبون كل من يرفعها من المسلمين ومن ضحاياهم المنافس القوي حماس الجناح السياسي للمقاومة المسلحة عزالدين القسام.

تهديد رئيس السلطة الفلسطينية

لا أنسى تهديد رئيس السلطة الفلسطينية لكل من يهاجم إسرائيليا بالعقاب ، وسماه اعتداء رغم أصلية الأرض لأهلها.

إن ما يعرفه العقلاء من الخلق أن الجانب الديني قوي جدا في دفع الروح المعنوية للتوفيق والسداد في النصر.

لذلك نفهم جيدا رفض اليهود والغرب رفع راية التدين عند المسلمين لعلمهم بما يحققه ذلك بين أنصاره ، ويرفعونها سرا مع المسلمين وجهرا بينهم.

انظر إلى الدنيا التي يقيمها الغرب ولا يقعدها إذا علق المسلم بدينه ولو في لباس ، بينما لا يتوانى اليهودي على الأقل عن وضع الطاقية ذات النجمة السداسية فوق الرأس في مختلف المحافل تظاهرا بالشخصية بكل شجاعة ، ويستحي المسلم العلماني على الأقل بتلفظ كلمة تنبي عن انتماء للأصول.

إن مثل هذا التنازع لابد له من التكافؤ ولو في المنطلقات الفكرية والعقائدية والمعنوية ، والمنظور يبين لنا انعدامه.

أفيحق بعد هذا البيان ادعاء القدس عاصمة لفلسطين العلمانية والصهاينة يريدونها عاصمة لإسرائيل اليهودية ؟

أضف تعليقك هنا

سعد الدين شراير

الأستاذ سعد الدين شراير