فنّ الظرف – أنّ المزاح هو السّباب الأصغر

أوما علمتَ ومثلُ جهلك غالبٌ ** أنّ المزاح هو السّباب الأصغر


بنا حوجٌ ملحّ إلى أخلاق تقينا مقارفة السّفاهة في الفكاهة ..
في هزلنا و تظرّفنا و استرواحنا .. إنّ الاسترواح من المروءات و المكارم و من قطاف الحياة ومن عمل أهل الجنان ..
فلا ينقلب مزاحنا سبّا ممجوجا قبيحا .. لا يفرقُ عن الهجو و التّقفية ..
خَلْفَ بسماتنا له تختفي منه قروح و نخاريب .. مقزّزة ..
كيف نجعل مزاحنا ظرفا طلقا أتيّ المدخل هشّ المسمع رقيق المذاق يشج بالمحبّة و يوحي بالتّوادّ ..
يشعرك بالفضائل و يقرّ بك على عماد الأدب و يراعي المعروف في طيشه ..
ينهض بنفسك من كلالها و يبلّها من جفاف الحياة و شجونها و يطلق من عقالها الفكر..
إلى لطافة نظر و رقّة ذوق .. تميز لنا التّظرّف المقبول الذي هو دافعنا الحقّ إلى المداعبة من السّخف و الفسق ..
كيف نمزج الأدب بالتسهّل و الاسترسال على السّجيّة ..
فنحصل على ما يسمّى : #دماثَة .. و ظرفا ..
في غير قحة و لا صلافة و لا اعتداء ..
نجعله : سمنا و عسلا .. و لا نجعله كخليط من :
حلوى شامية و لبن و حمص و هريسة …

المزاح

إنّ للمزاح نصيبا من الحقيقَة .. فاعرف ذلك ..لابدّ لمن يمازحُك أن يرى سببا بين التحقّق و التّمثيل .. حتّى تستفزّ النّفس بالحقيقة إلى التّصديق و بالتّمثيل إلى التّضاحك ..
المزاح هو الظرف .. و هو من المروءة و من اكتمال نوازع الإنسان و توازنه ..
وفيه سبل تفيدك النّباهة وتشحذ خبرتك و تتخلّل روحك بالخفّة ..
لا يُستحيى منه و لا يتركه إنسان إلاّ غلب على طباعه التّزمّت و وفسد طبعه ..
كيف السّبيل إلى أنّ كلامك مع صديقك لا يملّ .. غير مصنوع .. غير متكلّف ..
و أهمّ ذلك ألاّ يصير هجوا متقنّعا … وكيف مداعبتُك إيّاه تزيدك له حبّا ..
و أهمّ من ذلك : أن تفهم حين يكون مطلوبا قريرا .. وقت الحاجة إليه ..

قال محمّد الورّاق :

تلْقى الفتى يَلقى أخاهُ و خِدنه ** في لحن منطقِه بما لا يُغفرُ
و يقولُ كنتُ ممازحا و ملاعبا ** هيهاتَ ! نارك في الحشا ستسعّر
ألهبْتها و طفقت تضحك لاهيا ** عمّا به و فؤاده يتفطَّرُ
أوما علمتَ ومثلُ جهلك غالبٌ ** أنّ المزاح هو السّباب الأصغر

بقلم: عبد القادر

أضف تعليقك هنا