محبة عمياء أم ولاء

أحمد الله وأستعين به،،،
أظهرت لنا وسائل التواصل الاجتماعي مدى وعي الشعوب، وقيمهم ومبادئهم، وولائهم وانتماءاتهم، وذلك بأكثر مما كان يمكن الحصول عليه مسبقاً من نتائج في وسائل الإعلام التقليدية.

المحبة في الله هي أصدق محبة، وما عدا ذلك فهي خادعة.

نرى الكثير يختزل محبته لغيره بما يوافق هواه، حتى المحبة في الله تتطلب أن يوافقه فكره وأسلوبه وطريقته ومذهبه، هو لا يهتم في محبته في الله أن تكون عابداً لله سبحانه ومقتدياً بهدي رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم فقط، ولا يرغب معرفة الحق بقدر ما يرغب أن تصدقه وتمتدح طريقته وتوافق أطروحاته وأفكاره. وكذا من يختزل محبته لحاكمٍ أو عالمٍ أو رمزٍ من الرموز عربي كان أو أعجمي على أساس صفةٍ من صفاته قد أعجب بها، فيبدأ في سرد أمجاد تلك الشخصية والدفاع عنها وجعلها قدوةً ومنبراً وأسطورة لا يمكن تكرارها.

هناك حكام وعلماء ومفكرين ودعاة وأدباء وناشطين في جميع المجالات لهم بصماتٌ في مجالات معينة أو لديهم صفات طيبة، لكنهم يصيبون ويخطئون كباقي البشر، فهم غير معصومين، ولكن تم تمجيدهم لصفةٍ وافقت هوى محبيهم الذين لم ينظروا من زوايا صفاته الأخرى وإنجازاته، وغفلوا عن سيئاته ولو عظمت وأنتجت دماراً وخراباً.

لستُ في مجال ذكر الأشخاص هنا بقدر تقييم الناس حيالهم، فمحبةٌ جاءت لميزة أو صفة وحيدة لا يجب أن تنسينا العدل بسوء صفاته التي يراها الغير وأنت تخفيها أو تبرر لها.

من العدل أن نذكر حسناته، وأن نغفل عن سيئاته بقصد ستر العيوب فهذا الأجمل، ولكن أن نجعل من صفته الحسنة قدوةَ في كل شيء وأسطورةَ عظيمة لا تتكرر، وأتغافل عن سوئه، فذاك ما لا يجب علينا.

الظلم في المحبة

وليس من العدل أن تجعل من محبتك لحاكم أو عالم بأن تقيمه كأفضل الناس في وجود الأفضل، ممن خدم الأمة وقام بواجبه ولم يبتغ شهرةً أو مجداً، وكان عمله خالصاً لله وحده.

لا تكن محباً ظالماً بأن تعمي بصيرتك عن الحق، وتغفل عن بشرية ذلك الشخص وقيامه بأخطاء قد تراها صغيرة ويكون أثرها على الأمة كبير. ولا يعني هذا أن ننسى صفاته الحميدة التي تحلى بها. ولكن لا ترفع له مقاماً فوق من هو أفضل منه، ولا تبرر سوء أفعاله، واعلم أن في الأمة خير وأهل خير إلى قيام الساعة.

كما أنه من المستغرب أن تجد من المحبة لبعض الحكام أو العلماء من جعل من المحبة لهم أن اقتدى بهم وفضلهم على حكام وعلماء بلده، حتى شككنا بأن تلك المحبة ولاء.

العدل في المحبة

كونوا عادلين في محبتكم، كما يجب أن نكون في كرهنا عادلين، ففي الكره للأشخاص أو الأعداء لا يجب أن نترك العدل، فمن أحسن وفعل الصواب نقول له أحسنت، ومن أساء نقول له أسأت، ولا ننسى الآية التي تطلب منا العدل مع الناس ولو كان عدواً (ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى).

فيديو محبة عمياء أم ولاء

أضف تعليقك هنا

علي سعيد آل عامر

متخصص في إدارة الموارد البشرية