في مجال مقارنة الأديان عليك بـ : مدخل إلى علم مقارنة الأديان (1)

علم مقارنة الأديان

– عِلْمُ : إِدراك الشيء بحقيقته.

– مُقارنة : قارن بين الشّيء والشّيء : وازنه به ، قابل بينهما ، وازن بينهما ، نظر في التشابه والاختلاف

– الأديان : جمع دين، والدين في اللغة بمعنى: الطاعة والانقياد. والدين في الاصطلاح العام: ما يعتنقه الإنسان ويعتقده ويدين به من أمور الغيب والشهادة

الدين أشمل من المذهب، وأوسع مفهوما؛ لأن الدين يشتمل على اعتقاد الإنسان حول الخالق والمخلوقات وأمور الغيب والآخرة، أما المذهب فيكون في بعض هذه الأمور أو مسائل منها، وقد يكون في أمور الحياة فقط.

—————————————

أقسام الأديان

تنقسم الأديان إلى قسمين:

القسم الأول:

اليهودية، المسيحية ، الإسلام

القسم الثاني:

أديان وثنية شركية تدعو إلى عبادة غير الله عز وجل.

– فأديان البشر لا تخرج عن واحد من هذه، وهي: الإسلام، واليهودية، والصابئة، والنصرانية، والمجوسية، والوثنية.
—————————————

مقارنة الأديان

تعريف اصطلاحي لمقارنة الأديان :
هو علم يبحث في الأديان من حيث منشئها وتطورها وانتشارها وأتباعها في العقائد والأصول التي تتركز عليه الأديان المختلفة وفي أوجه الاختلاف والاتفاق فيما بينهما مع المقارنة والمناقشة والرد.

يقول الدكتور أحمد جود: لم أجد تعريفا علميا تحت مصطلح علم الملل باعتباره لقبا على الفن المستقل وإنما وجدته تحت مصطلحات:
( تاريخ الأديان ) و ( مقارنة الأديان ) و ( علم الأديان ) وبما أن هذين المصطلحين ( الملة ) و ( الدين ) مترادفان في هذا الفن فإنه يمكن تعريف علم الملل بما ورد تحت تلك المصطلحات ويذكر الباحثون بأن علم الأديان يشتمل على ثلاثة مباحث:

تاريخ الأديان

المبحث الأول: تاريخ الأديان:

وهي تلك الدراسات الوصفية التحليلية الخاصة بملة ملة…

الأسس والمبادئ

المبحث الثاني: الأسس والمبادئ وهي ما يسميه المعاصرون بفلسفة الأديان , ويدرس في هذا المبحث العلاقات بين الأسس التي تستند إليها الأديان المختلفة , من عقيدة وعبادة وشريعة وأخلاق ومعاملات , والغايات التي تهدف إليها…

مقارنة الأديان

المبحث الثالث: مقارنة الأديان: ويدرس فيه خصائص ومميزات كل دين ويوازن بينها وبين خصائص ومميزات الأديان الأخرى…

– أما القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : فأما الدين فقد فرق بينه وبين الملة والشريعة فإن الملة والشريعة ما دعا الله عباده إلى فعله والدين ما فعله العباد عن أمره مثل الصلاة- الزكاة- الصوم…كل واحد يعتبر دين .
—————————————

نشأة وتطور علم مقارنة الأديان:

– علي بن ربن الطبري في كتابيه (الرد على النصارى) وكتاب (الدين والدولة في إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وسلم). والجاحظ في كتابه: (الرد على النصارى)، والأشعري في كتابه (الفصول في الرد على الملحدين)، والمسعودي في كتابه (المقالات في أصول الديانات)، والبيروني في كتابه (تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة)، وابن حزم في كتابه (الفصل في الملل والأهواء والنحل)، والشهرستاني في كتابه (الملل والنحل)، والقرافي في كتابه (الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة)، وشيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح).

وغيرها كثير أرسى به المسلمون قواعد هذا العلم حيث أوردوا عقائد أصحاب الديانات وعباداتهم، ونقلوا ذلك عن كتبهم ومصادرهم المعتبرة لديهم، وناقشوهم فيها وأبانوا عن بطلان أقوالهم وأقاموا الحجة عليهم بالأدلة النقلية والعقلية، وسلكوا في ذلك منهجاً دعويًّا متأسين بذلك بالقرآن الكريم.

وقد سبق المسلمون في هذا المضمار الغربيين الذين لم يعتنوا بهذا العلم إلا في العصور المتأخرة بعد ما يسمى بعصر النهضة في القرنين 15، 16م؛ لأن النصارى بعد عصر النهضة وابتداء عصر الاستعمار أخذوا يرسلون البعوث من رجال دينهم إلى الشرق الأدنى والأقصى؛ للاطلاع على ديانات الناس والتعرف عليها والكتابة فيها، وتلك البعوث لم تكن في الواقع إلا طلائع الاستعمار، ومن الأشياء الجديدة التي استطاع الغربيون إضافتها إلى هذا العلم، البحث في الديانات القديمة، وساعدهم على ذلك التنقيب عن الآثار، وتعلم اللغات القديمة، فأفادوا في هذا الباب معرفة ديانات الأقوام القديمة التي اندثرت، فأكملوا بذلك ما كان بدأه المسلمون، مع أن المسلمين يتميزون عن الغربيين أن بين أيديهم مرجعاً عظيماً قد حوى في هذا الباب علماً جمًّا ذا دلالات مفيدة نافعة لهداية الإنسان ومصلحته الدينية، ذلك هو الوحي الإلهي في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وهو مصدر علمي معصوم من الخطأ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فيعصم العقل البشري من البحث في علوم لا تعود بفائدة على الإنسان في دينه أو دنياه، كالبحث في أديان أقوام غبرت واندثرت من أهل الشرق والغرب، كما يعطيه المعلومات الصحيحة عن أمور لا يمكن للبشر التوصل إليها والقطع فيها بالحق إلا بالعلم الإلهي، كما في بحثهم في نشأة التدين وباعثه – كما سيأتي- فإن البحث في ذلك كثير منه هو من باب التخرص إذ لم يستند إلى الوحي الإلهي.

في رأي الدكتور عبدالرحيم العبدلاوي

الكتابة في الأديان وتفصيل عقائد الناس وعبادتهم وكذلك عقد المقارنات بين الأديان أول ما نشأ في بيئة إسلامية ، إذ المسلمون هم أول من كتب في هذا النوع من العلم وأفرده بالتصنيــف.

وقد اعترف مفكرو الغرب في القديم والحديث بذلك فقد أشاد العلامة –يينارددولابولي– في كتابه ) الدراسة المقارنة للأديان( بابن حزم الأندلسي باعتباره رائدا لمقارنة الأديان في الفكر الإنساني كلـــه.

وأما الأستاذ –إبريك ج شارب – فيرى أن شرف كتابة أول تاريخ للأديان في العالم يختص به الشهرستاني، الذي وصف أديان العالم العشرة المعروفة آنئــذ، وإلى حدود الصين ، اعتمادا على منهج تاريخي وعلمي دقيق. ويقول : فرانز روزنتال إن الغرب يعترف صراحة ، بأن الدراسة المقارنة للأديان تعد واحدة من الانجازات العظيمة للحضارة الإسلامية ، أسهمت في التقدم الفكري للإنسانية كلها.

وكون علم الأديان ظهر مع المسلمين ولم يظهر مع أصحاب الأديان السابقة ، لأن الأديان قبل الاسلام لم يعترف أي منها بالآخـر. وكان كل دين يعد ما سواه من الأديان وما تطرحه من أفكار ومعتقدات نوعا من الهرطقة والضــلال.

* بواعث نشأة علم الأديان عند المسلميــــن :

كان وراء نشأة هذا العلم في الفكر الإسلامي بواعث ودوافع تآزرت وتساندت في توجيه العلماء لوضع هذا الحقل العلمي الجديد وتنميته وتطويره موضوعا ومنهجا أهمها :

– حديث القرآن الكريم عن عقائد الناس وعباداتهم السابقة واللاحقة لوقت نزولـه.

– انفتاح المسلمين وتسامحهم مع الشعوب والدخول معهم في الحوار والدعوة إلى الدين الجـــديد.
المصدر: http://groupe-whatsapp.blogspot.com/2015/02/blog-post_70.html#ixzz4XMJ9gnn0
علم مقارنة الأديان نشأته ومناهجه لجمال السيد.

* نشأة وتطور علم مقارنة الأديان :

1- مرحلة التكوين:

– نستطيع أن نعرف مرحلة التكوين من المصدرين السابقين ؛ لأنهما يتشابهان مع هذه المصدر .
ومن هنا فلم يوجد علم مقارنة الأديان قبل الإسلام،؛ لأن المقارنة نتيجة للتعدد وهذا التعدد لم يوجد قبل الإسلام؛ حيث إن كل دين ومذهب لا يعترف بالآخر .

– هناك آيات كريمة تدل على المقارنة بصفة مباشرة منها:

– قوله تعالى: {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}.

– {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}

– {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}

– {بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ * قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}.
كما يسوق قول الذين أنكروا البعث والحياة الآخرة فيقول تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ * إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ}.

وإذا كان القرآن الكريم في كثير من آياته يحمل اتجاه المقارنة بصفة مباشرة أو غير مباشرة، فإن السنة النبوية المطهرة حملت كذلك اتجاه المقارنة مما يدل على أصالة هذه الدراسة في الإسلام

– المتحدث عن اليهود فقال للرسول -صلى الله عليه وسلم-: ما دليلك على أن القرآن من عند الله؟ فنزل قوله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}”.

ولقد نتج عن هذه المجادلات بالحسنى أن كثيرًا من قادة اليهود قد دخلوا في الإسلام مثل: عبد الله بن سلام، وثعلبة بن سعيد، وأسد بن عبيد، وكذلك نصارى نجران الذين جادلوا النبي -صلى الله عليه وسلم- في أمر عيسى -عليه السلام-.

– وقالوا له: كيف تقول في إلهنا! إنه عبد الله ورسوله ما هو إلا إله تولد من مريم الإلهة، إنه إله لأنه ولد من غير أب، لقد ولد من أم بلا أب، فنزل قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ}.

يقول الإمام ابن كثير -عليه رحمة الله-: “كان سبب نزول هذه الآية وما قبلها من أول السورة إلى هنا في وفد نجران؛ أن النصارى لما قدموا فجعلوا يحاجون في عيسى -عليه السلام- ويزعمون فيه ما يزعمون من النبوة والألوهية، فأنزل الله صدر هذه السورة -آل عمران- ردًّا عليهم.
يقول ابن إسحاق: “وكانوا ستين راكبًا”.

وقد جادلوا النبي -صلى الله عليه وسلم –ومن ثم نزلت الآيات: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}

2- مرحلة التدوين:

– لما جاء عصر التدوين في منتصف القرن الثاني الهجري، وبدأ المسلمون يكتبون الفقه والتفسير والحديث، اتجهوا كذلك للكتابة في علم مقارنة الأديان، فهو بذلك علم إسلامي كباقي العلوم الإسلامية .
– ومن المشاهير الذين كتبوا في مقارنة الأديان: النوبختي المتوفى سنة 202 هـ ألف كتابه “الآراء والديانات”، ويعتبر الباحثون هذا الكتاب أول كتاب في علم مقارنة الأديان.
– والمسعودي المتوفى سنة 346 هـ ألف كتابين في الديانات:
الأول: “المسائل والعلل في المذاهب والملل”.
الثاني: “سر الحياة”.
– والمسيحي المتوفى سنة 420 هـ وكتب كتابه “درك البغية في وصف الأديان والعبادات” وهو كتاب مطول يقع في حوالي ثلاثة آلاف ورقة.
وكثر بعد ذلك التأليف في هذا المجال، ومن أبرز المؤلفين الذين كتبوا في هذا المجال من يلي:
* أبو الحسن العامري المتوفى سنة 381 هـ ألف كتابه المشهور بـ: “مناقب الإسلام”.
* أبو الريحان البيروني المتوفى سنة 425 هـ ألف كتابه “تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة”.
* أبو منصور البغدادي المتوفى سنة 429 هـ ألف كتابه “الملل والنحل” رد فيه على الملل والنحل مدافعًا عن الإسلام.
* ابن حزم الأندلسي المتوفى سنة 456 هـ ألف كتابه “الفصل في الملل والأهواء والنحل”.
* الشهرستاني المتوفى سنة 458 هـ ألف كتابه “الملل والنحل”.
* الغزالي المتوفى سنة 505 هـ ألف كتابه “الرد الجميل لإلهية عيسى بصريح الإنجيل”.
* أبو البقاء صالح بن الحسين الجعفري المتوفى سنة 661 هـ ألف كتابه “تخجيل من حرف التوراة والإنجيل”.
* أحمد بن إدريس القرافي المتوفى سنة 684 هـ ألف كتابه “الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة”.
* أحمد بن تيمية المتوفى سنة 628 هـ ألف كتابه “الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح”.
* ابن قيم الجوزية المتوفى سنة 751 هـ ألف كتابه “هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى”.
* الشيخ عبد الله الترجمان ألف كتابه “تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب”.
* الشيخ رحمت الله الهندي وكتابه “إظهار الحق”.
هذا قليل من كثير مما ألفه القدامى في مجال الملل والنحل.
وفي عهد الخليفة هارون الرشيد وجدت ترجمة للتوراة والإنجيل قام بها أحمد بن عبد الله بن سلام بن خليفة، ربما كانت هناك ترجمات عربية أخرى لم تصل إلى علمنا، قام بها الذميون من اليهود والنصارى يستعينون بها في أداء عبادتهم والتفقه في دينهم.
وفي عهد الخليفة المأمون عقدت مجالس للمناقشة في الأديان والمذاهب والفرق، وهذا إن دل فإنما يدل على تطور الدراسات في المقارنات بين الأديان، ولذلك يقول أحد الباحثين الغربيين: إن تسامح المسلمين في حياتهم مع اليهود والنصارى ذلك التسامح -الذي لم يسمع بمثله في العصور الوسطى أحد- كان سببًا في أن يلحق بمباحث علم الكلام شيء لم يكن قط من مظاهر العصور الوسطى وهو علم “مقارنة الأديان”.
ونشأة هذا العلم لم تكن من جانب المتكلمين، ومعنى ذلك أن هذا العلم لم يكن وسيلة عند المسلمين للحط من الأديان الأخرى، وإنما كان دراسة وصفية لا تعصب فيها إلى نتائجها الطبيعية، وبواسطة هذا العلم دخل الآلاف والملايين في الدين الإسلامي.

3- مرحلة الظهور والاستمرار في الوجود:

– وكثرت فيه الأبحاث والدراسات والمؤلفات وخاصة في القرن الثالث الهجري والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن، حتى القرن التاسع تجد فيه كتاب “تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب” ألفه عبد الله الترجمان سنة 823 هـ، وطبع في مطبعة التمدن في القاهرة سنة 1904م.

4- مرحلة الهبوط والاختفاء:

لعدة أسباب منها:

1- ازدحام قصور الملوك والخلفاء في عصور الضعف بزوجات من أهل الكتاب وبعدد من الأطباء والوزراء من غير المسلمين، فاستطاع هؤلاء بسبب نفوذهم أن يسكتوا أصوات المتحدثين والمؤلفين في علم مقارنة الأديان؛ لطعنه في عقائدهم المنحرفة، ولذا فقد ضعف هذا العلم.

2- زحف الحملات الصليبية على الشرق الإسلامي، وهؤلاء لا يعرفون تسامحًا دينيًّا ولا مجادلة بالحسنى، فقابلهم المسلمون بالقوة فخفت صوت المجادلات والمحاورات التي يتولد منها علم مقارنة الأديان تحت صليل السيوف.

3- غلبة الاشتغال بالفقه على الحركة العلمية في هذه المرحلة، مما أدى إلى تراجع اهتمام العلماء ودراستهم لعلم مقارنة الأديان والمذاهب.

4- تبني بعض المسلمين الاتجاه الذي كان سائدًا لدى أتباع الديانات الأخرى، وهو عدم إمكان المقارنة بين الأديان، حيث لا يعترفون بغير دينهم وبالتالي لا يعترفون بإمكان المقارنة، ودان بعض المسلمين بهذا الاتجاه وهاجموا علم مقارنة الأديان على اعتبار أن الإسلام لا يقارن بسواه، ونسي هؤلاء أن القرآن الكريم كما اتضح سابقًا هو الذي وضع جذور هذا العلم.

5- عدم اهتمام الحكام في تلك العصور بالعلم والعلماء كما كان أسلافهم من قبل، كالخليفة هارون الرشيد والمأمون والمعز لدين الله الفاطمي وغيرهم من الخلفاء والأمراء الذين كانوا يكرمون العلماء.

5- مرحلة انتقال علم مقارنة الأديان إلى الغرب:

– وإذ كان المسلمون في عصور الضعف قد أهملوا علم مقارنة الأديان لسبب أو لآخر، فإن موقف النصارى من هذا العلم كان مختلفًا تمامًا، فقد اهتموا بهذا العلم وهذا الاهتمام يرجع إلى ما قبل القرن التاسع عشر الميلادي؛ لأن اللقاءات السلمية التي كانت بين المسلمين والمسيحيين في الشام والأندلس وصقلية عرفتهم بمقارنة الأديان، وأثبتت لهم قيمة هذا العلم فراحوا يتعلمون ويحاولون الانتفاع به، ثم جاء عصر الاستعمار فقرر المبشرون -في الحقيقة هم منصرون- وقرر المنصرون أن الإنسان به نزعة دينية مهما كان ماديًّا أو تظاهر باللادينية

– كما ظهر اهتمامهم بهذا العلم بصورة ملحوظة في أوائل القرن العشرين بوجود دراسات وأبحاث ودوائر معارف كاملة عن الأديان، وفتح أقسام لهذا العلم في جامعاتهم مثل القسم الخاص بهذا المجال في جامعة بنسلفانيا بأمريكا، ووزعت هذه الجامعة المنشورات للإعلان عن افتتاح هذا القسم مع ذكر ألوان التيسيرات التي تقدم للطلاب.

6- عودة علم مقارنة الأديان إلى الساحة الإسلامية:

أفاق المسلمون في العصر الحديث؛ ليكون سلاحًا في الحاضر كما كان سلاحًا في الماضي، وقد قطع العلماء المعاصرون شوطًا كبيرًا في هذه الدراسات وبدأ الدعاة المسلمون يطبقون قوانين هذا العلم وهم يقومون بالدعوة إلى الإسلام، وبدأت المؤلفات تظهر من جديد في علم مقارنة الأديان إلا أنه لم يأخذ مكانه اللائق به في معاهد العلم الإسلامية، ونرجو أن يتجه الاهتمام بصورة أكبر حتى يأخذ مكانه اللائق في الدفاع عن الإسلام ورد العدوان عنه وكشف زيف وباطل أهل الديانات والمذاهب الأخرى.

– فلا معنى إذًا للتشدق من هؤلاء المحْدثين الذين يدّعون أن هذا العلم إنما يستمد أصوله من علوم الغرب.

ونقول لهؤلاء: أيهما أقدم حضارة وأيهما وجد أولًا: الإسلام بعلومه وأحكامه وآدابه وحضارته أم هذه العلوم والمعارف التي وجدت حديثًا؟

ونخلص من ذلك أن علم مقارنة الأديان علم إسلامي أصيل، أبدعه المسلمون على أسس من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

أضف تعليقك هنا