في العلم – العلم التّجريبي لما هو محسوس وغير محسوس

بقلم عبد القادر

العلم التّجريبي

العلم التّجريبي يستنبطُ ماهو متعقَّلٌ ذهنيّ وذلك بوسيلة المنطق و الرّياضيات ويستقرئ و يُجرّب ماهو موجود في الخارج و يدوّن نتائجَه و يبني عليها .

العلم التّجريبي ليسَ أداةً اخترعَها الإنسان تريه أكثَر من رأي عينه و تكشف له الغيْب المطلق . بل هو جملة من القواعد و المنهجيات التي تفسّرُ جزءًا من الوجود .. جزءا فحسب وهو المحسوس و المعقول = أي الذي يبحثه العقل و يستنبطُه.

العلم التّجريبي ليس سوى خبرة الإنسان بما حوله ، حاصل ما علمه الإنسان من الكون. مهما ألقى عليها من التّقديس .. فإنّه نفسي داخلي. وهذه سمَة غربيّة حديثة لم تعُد تنبع من ذات العلم كقيمة عامّة، بل صارت ملازمةً لعلم معيّن هو ما ينتجه الجنس الغربيّ .. فذاك علم أقدس و أرقى من علم غيره و إن كانت النتائج متطابقة.
أمّا العلوم فهي قواعد مجرّدة لا يزيدُها التّقديس جدّة و لا يبليها التّكذيب ، فهي ثابتة في نفسها إن كانت رياضيّة استنباطيّة أو تجريبيّة استقرائيّة تعميميّة .

الإنسان يكشف بهذه القواعد و المناهج ماهو موجودٌ وهو يجهلُه و لا يأتي بما ليس موجودًا ، فهو في نطاق المحسوس و المعقول .

فما مقدار ما يجهلُه و يعلم أنّه يجهلُه = أي لم يتوصّل إليه مع تمكّنه من حصره عموما ؟ فما مقدار ما يجهلُه و لا يدري بجهته التي يبحث فيها ؟ أي لا يدري بمقداره؟

( يجهل انّه يجهله : إذن فهو لا سُلطة له عليه نفيا و لا إثباتا . فلا يحقّ له أن يقول لما لم يعلمه = إنّه غير موجود .. فهو في الحقيقة محتمل الوجود لكنّه غير معلوم . )

العلم التّجريبي لما هو غير محسوس

الآن : ما مقدارُ ما يمكنُ أن يعلَمه أصلا من الوجود؟ ما مقدارُ ما لا يحيطُ به العقل و لا التّجربة و لا تَطوله العلوم؟ كيف لبعض النّاس أن ينفيَ كُلّ وجود غير محسوس؟ هذه مصادرة.

ينبغي الإنتباه إلى أنّ الغرب ليس ثقةً في العلوم التجريبيّة ، في ميزان منطق العلم و في ميزان الشرع . وذلك لأنّه صار يدعو إلى معتقدات أخرى غير علميّة و يضلّل بالعلم التجريبي و يثبت فوق الثّابت و يستغلّ التفات النّاس إليه و تعويلهم على ما يُنتجُه من نتائج ليؤوّلها وفق فلسفتِه. فلا غروَ أن يطلب في سبيل ذلك كلّ ما يستغلق و يؤول بالنّاس إلى التّجهيل. ومن السّذاجة إحسان الظّنّ بمن في مثل هذه الحال .

و لا يخفى ما آلت إليه بعض الفرضيّات حتّى كأنّها أديان .. في حين أنّ قابليّة التّكذيب أشهر ما ميز به العلم . فممّا لا ينبغي أن يُهمله العالم و الفيلسوف و الباحث :
أن يبحث بنفسِه و إن وثقَ في غيره فليجعل ثقته بعد التحرّز و التّحقّق .

ألاّ ينتظر من العلم فوق حمله، فإنّ نتائج العلم و موضوع بحثه من جنس واحد، فلا تنتظر بحثا في الميتافيزيقا بالعلم التجريبي و لا في الإلاهيّات و لا في الأخلاق و لا في قيم الجمال و المعنويّات .. و بالأحرى : ألاّ تقبل نفيا لهذه الحقائق .. لأنّك مطالب بإثبات عدم وجودها بالعلم التجريبي نفسه . وهذا لا ترغب فيه أكيد .

إنّ العلم أضعف من كشف ما لا يُكشف ..

بقلم عبد القادر

أضف تعليقك هنا