التسويق السياحى ذلك الفكر الغائب عن مصر!

فى ظل ما تواجهه السياحة المصرية منذ نحو 7 سنوات منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن من تراجع فى إعداد السياحة الأجنبية الوافدة إلى مصر نتيجة لعدم الاستقرار وحوادث الإرهاب كثر الحديث هذه الأيام عن دور التسويق السياحى والحملات الإعلانية والإعلامية والعلاقات العامة فى مواجهة الأزمات المتكررة.

حتى يمكن الحفاظ على السياحة المصرية بما تمثله من إضافة مهمة للإقتصاد القومي، وكذلك ما تقوم به هيئة تنشيط السياحة الآن من إعداد لحملات دولية جديدة لجذب السياحة العربية والعالمية إلى مصر نطرح اليوم رؤيتنا فى هذا الإطار. واليوم أعرض في هذا المقال, قضية التسويق والحملات وأين نحن من الفكر الجديد فى العالم حتى تتفتح العقول لأننا بالفعل أمام ثورة فى التسويق السياحى وحملات التنشيط.

أساليب التسويق

إن تطور المجتمعات البشرية جعلت أساليب التسويق تختلف كثيرا فالمجتمع الزراعى القديم تحول إلى مجتمع الثورة الصناعية ثم إلى مجتمع المعلومات والتطور التكنولوجى الذى بدأ يفرز ما يمكن أن نسميه مجتمع الأحلام .. ولذلك فالتسويق الآن يجب أن يمزج بين المعلومة والاهتمام بالتجربة الإنسانية بما يؤثر على المشاعر التى تدفع السائح لاتخاذ قرار السفر ..

الإعلان العاطفي

ـ إن هناك فى الحملات الإعلانية نوعين من الإعلانات أو الرسائل .. الأول إعلان عقلانى والثانى عاطفي .. والإعلان العقلانى هو الذى يحاول أن يقنعك بطريقة منطقية وبراجماتية أما الإعلان العاطفى فيحاول أن يصنع داخلك شعورا بالعاطفة مع المقصد السياحى.. ولذلك عادة ما يكون العقلانى وصفى للأشياء من شواطيء وخدمات أما العاطفى فهو الذى اتجهت إليه المقاصد السياحية الكبرى فى العالم فى السنوات الأخيرة وحققت نجاحا كبيرا.من المهم الإشارة إلى أن من أهم الأدوات فى الإعلام العاطفى «الشعار» الذى يتخذه المقصد السياحى، فيجب أن يكون قويا واضحا لا لبس فيه، ولنا فى شعار الهند نموذجا.

الفكر التسويقي

أبحاث السوق

أيضا من المهم التأكيد على أهمية أبحاث السوق قبل وضع الخطة التسويقية والحملات، لأن التسويق العملى والفعال هو نتيجة لاستراتيجيات واضحة مبنية على دراسات للأسواق، وأن يكون القائمين على الحملات والتسويق والمكاتب الخارجية متخصصين وأصحاب دراسات وخبرة فى الإعلام، وليس مجرد موظفين ساقهم نظام العمل فى الحكومة المصرية إلى العمل فى إدارات الإعلام أو التسويق.

التسويق النوعى أو القطاعى

إذا بدأنا الحملات علينا أن نعرف أن الفكر التسويقى الحديث يقوم على التسويق النوعى أو القطاعى ولذلك فلابد من حملات منفصلة للسياحة الثقافية وأخرى للشواطئ وثالثة للمؤتمرات أو الجولف وهكذا. ويجب أن نعلم أن خطط وأدوات التسويق لكل نوع تختلف تماما فالطريقة أو الحملة التى نسوق بها للجولف مثلا مختلفة عن حملة الثقافة لأن الشخص مختلف ولذلك علينا تحديد الجمهور المستهدف بدقة.

الاستمرارية

يقول الفكر الحديث إنه حينما يتم التجهيز لحملة جديدة فلابد من الالتزام باستمرار شكل وألوان وشعار الحملة الرئيسى لعدد معين من السنوات وليس عددا قصيرا وذلك لضمان ارتباط الصورة الذهنية عن المقصد السياحى لدى متخذى القرار السياحى فأسبانيا مثلا استمر شعار الحملة الرئيسى فيها لمدة 20 سنة وفرنسا 15 سنة باللون الأزرق والأحمر والتغيير يكون فقط فى بعض التفاصيل.

تجارب دولية ناجحة

اليونان

هناك تجارب ناجحة دولية فى التسويق مثل تجربة المكسيك وتجربة اليونان .. ويرتبط بذلك البحث عن مصادر لتمويل الحملات يشارك فيها القطاع الخاص من خلال تقديم الغرف الفندقية أو تذاكر الطيران أو غيرها.

 

المكسيك فكرة التعامل مع السائح بشكل شخصى

ومن الأدوات القوية فى التسويق الحديث وهو ما استخدمته المكسيك فكرة التعامل مع السائح بشكل شخصى من خلال بطاقة للتوصية تعطى للسائح ليكتب رأيه فى الرحلة والخدمات وإذا كان راضيا فيمكن الاستفادة منه بإقناعه للقيام بإقناع أصدقائه وعائلته بزيارة مصر فلا يجب ألا نترك السائح بل يمكن أن نعطيه بطاقة أو فيلم يهديه لأصدقائه وقد ثبت أن هذه الطريقة من أقوى الأدوات التسويقية.

يقول الفكر الحديث إن التسويق السياحى يجب ألا يغفل التسويق الداخلى وإقناع المصريين الذين يتعاملون مع السائح مثل ضابط الجوازات وسائق التاكسى بأنهم فخورون بالعمل فى قطاع السياحة.

عنصر الجودة 

ولا تنسى الحملات بالطبع أن التسويق الحديث والإعلان العاطفى الذى يركز على التجارب الإنسانية لا يغفل أبدا عنصر الجودة فلابد من وضع نظام صارم لجودة المنتج فى المقصد السياحى ووضع شروط معينة للجودة وأن يعرفها السائح وتوضح علامات فى الأماكن السياحية تحدد المستوى والمواصفات فى كل مطعم وكل فندق.

لا ينسى الفكر التسويقى الحديث عن استراتيجية قومية للتعامل مع الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة وأهميتها الكبرى فى التسويق السياحى والتحديث المستمر للتعامل مع البوابات والمواقع بتحديد فريق عمل فى مختلف المقاصد السياحية وهيئة التنشيط يعمل على تحسين الصورة الذهنية خاصة فى الأزمات ويواصل عمله طوال العام للتسويق ونقل التكنولوجيا الحديثة فى هذا المجال إلى القطاع الخاص.

أن الفكر الحديث فى التسويق والترويج والحملات يؤكد على أن يكون القائمين عليها متخصصين فى أسواق محددة وفى نوع معين من السياحة وعلى علم كبير بالسوق أو بالشخص الذى يتوجهون إليه بالحملة التسويقية أو الدعائية وبناءا على دراسات تقوم بها هيئة التنشيط وتدريب لأفرادها القائمين على الحملات مع عدم نسيان أن التسويق والحملات فى قطاع السياحة يعتمد على مخاطبة العواطف قبل العقل .

وبعد.. هذه بعض أفكار مختصرة بسبب «ضيق المساحة» للتسويق السياحى يمكن الاستفادة بها ونحن نتحدث عن حملات جديدة لدعم السياحة المصرية .. بقى أن نؤكد أن التسويق الحديث فى مجال السياحة لا يجب أن يغيب عن مصر.. وأن التسويق فى النهاية علم وفكر وفن وأن القائمين عليه يجب تكون عندهم الرؤية الإعلامية المبنية على العلم والتخصص وليس «الفهلوة» المصرية.

 

فيديو التسويق السياحى في مصر!

أضف تعليقك هنا

د. أحمد عادل محمد بخيت

متخصص في مجال التسويق