التطور التكتيكى للعمليات الإرهابية

شهدت العمليات الإرهابية تغيراً ملحوظاً  على مستوى الأسلوب العمليات وكذلك على مستوى التمويل والدعم بكافة أشكاله  سواء تمويل مادي أو عسكري ، إضافة إلى الدور الملحوظ الذي خلفه التطور التكنولوجي فى وسائل الاتصالات والتسليح وتحويل الأموال.

حيث استخدم الإرهاب فى صورته القديمة مختلف الأسلحة بدءاً من السيوف والخناجر القصيرة عن قرب إلى استخدام الأسلحة الآلية والمتفجرات البلاستيكية والقذائف الصاروخية والصواريخ المضادة للطائرات والغازات الكيميائية.

أساليب التنظيمات الإرهابية

عرفت التنظيمات الإرهابية عدة أساليب على مر العصور المختلفة ومنها :

1- الاغتيالات

استخدم الاغتيال من قبل التنظيمات الإرهابية القديمة والحديثة معاً ، وقد تطور أسلوب الاغتيال أحياناً إلى استخدام الطائرات والصواريخ الموجهة أمثلة : اغتيال زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مصطفى أبو علي عام 2001 ، واغتيال الشيخ أحمد ياسين.

2- المذابح البشرية

استخدمت التنظيمات الإرهابية أمثلة التنظيمات الصهيونية المذابح البشرية ضد الفلسطينيين والعرب قبل نشأة إسرائيل، وأبرز الأمثلة ما قامت به جماعات (الهاجانا والشتيرن والأرجون زفاى ليومى) فى دير ياسين وكفر قاسم وقانا إلخ.

3- الاختطاف واحتجاز الرهائن

اتبعت التنظيمات الإرهابية أسلوب اختطاف الطائرات والسفن ، كذلك اختطاف المسؤولين والسياح الأجانب ، مثل ما قامت به جماعات أبو سياف الإرهابية فى الفلبين من اختطاف مجموعة من السياح الأجانب والمسؤولين الفلبينيين سنة 2001، بغرض المساومة على تحقيق بعض أهدافها ومنها فك حصار الجيش الحكومي عن معاقل الحركة.

4- التفجيرات

بدأت التنظيمات الإرهابية القديمة باتباع أسلوب التفجيرات باستخدام العبوات الناسفة أمثلة تفجير المباني والسيارات ، وتطورت وسائل التفجير إلى استخدام الطائرات مثل تفجير مركز التجارة العالمى عام 2001 ، وتفجير قطارات مدريد فى إسبانيا عام 2004 .

5- الانتحاري

قدمت التنظيمات الإرهابية ضمن أسلوبها العملياتي شخصية الفرد الانتحاري ، وهو بمثابة إنسان يقدم على تفجير نفسه بحزام ناسف يلف حول وسطه ، وهو فى كامل قناعاته بهذا العمل الذي يفني حياته فى لحظة مع غيره من الضحايا المستهدفين ، يعد هذا النوع من الأساليب الإجرامية ذو طبيعة خاصة نظراً لأنه يتضمن نوعاً مختلفاً من الأفراد. ولعل أهم سمات هذه الأفراد التي تتعرض لعملية غسيل مخ تام يقبلها على الموت بإرادتها وبنفس راضية دون إجبار التالي:

مواصفات شخصية الإنتحاري

1- يتم اختيار شخصية الانتحاري من قبل التنظيم الإرهابى من الأشخاص التى تتسم بتبعيتها وعدم قدرتها على الاستقلال ، وتلك الشخصيات تكون هي الأدنى فى هرم التنظيم الإرهابى ويسهل الاستغناء عنها ، كما يسهل قيادتها والسيطرة عليها ، بالإضافة إلى سهولة بث الأفكار المتطرفة المغلفة بالشرعية الدينية وقدسية الفعل.

2- الشخص الانتحاري يتميز بضعف شخصيته وغلبة المشاعر السلبية بالإضافة إلى التنشئة الاجتماعية له التي تتسم بالقسوة أو العنف.

3- يغلب على الشخصية الانتحارية عدم النضج العقلي أو السلوك ، ومن ثم يكون عرضة للاستغلال دون صعوبة.

4- يتصف الانتحاريين بالرغبة فى الانتقام من المجتمع ، وقد يكون لديه تجارب حرمان مع هذا المجتمع من فرص للتعليم أو الوظيفة أو حياة كريمة ، ومن ثم يكون هناك سهولة لتجنيده مع شعوره بأهميته من جانب الجماعات المجندة له ، فتعمل تلك الجماعات على غرس فكرة أن الموت هو ساعة الخلاص والثواب التى لابد أن يسعى إليها ، وأنه حامل لواء الشريعة المبارك فعله من الرب ،والذي يعمل على تخليص المجتمع من مظالمه مقابل الفوز بالجنة والاستشهاد.

التنظيمات الإرهابية المعاصرة مقارنة بـ التنظيمات الإرهابية التقليدية

والملاحظ أن التنظيمات الإرهابية المعاصرة قد اختلفت عن التنظيمات الإرهابية التقليدية فى شكلها العملياتى من حيث الآتي:

1- التنظيمات الإرهابية التقليدية كانت أكثر تحفظاً فى استخدام العنف وعدد القتلى ومستوى خسائرها كان منخفض، فكانوا لا يتبعون العنف العشوائي المفرط حتى لا يقلل من شرعيتهم ويبعدهم عن أنصارهم، مع التركيز على الأهداف ذات الصلة المباشرة بالقضية من مسؤولين حكوميين سياسيين أو عسكريين، مع التمتع بفرص الحصول على مكان على طاولة المفاوضات.

2- تمييز الإرهاب فى صورته المعاصرة بالعنف العشوائي والإصابات الجماعية والقضاء على قطاعات واسعة ، مع استخدام أشد الوسائل فتكاً أمثل : المواد الكيميائية أو البيولوجية أو النووية أو الإشعاعية.

3- غياب ضبط النفس فى التنظيمات الإرهابية المعاصرة مع وجود مجموعة من الهواة الجدد.

4- استخدام الوسائل الوحشية مثل الذبح والحرق والغرق مع تسليط الضوء عليها عن طريق وسائل الإعلام المختلفة ، وذلك لتضخيم رد فعل الهجمات وتعزيز الإحساس بالفزع المرتبط بالتكلفة البشرية والمادية.

5- قدمت تكنولوجيا الاتصالات الخدمة للإرهاب المعاصر عن طريق استخدام أحدث الوسائل من هواتف خلوية وبريد إلكتروني مشفر وغرف دردشة وأقراص مدمجة وغيرها، كما مكنت الإرهابيين من تنسيق القيادة والتدريب والخدمات اللوجيستية ، ليس فى المنطقة الواحدة فحسب بل على مستوى العالم ، كذلك يمكن أن تستغل التنظيمات الإرهابية تكنولوجيا الوسائط المتعددة المتطورة فى جمع التبرعات واعلان الدعاية ، مع التدريب المتخصص والاستمرار فى ضخ وتوظيف دماء جديدة واستقطاب المتعاطفين معها.

6- اعتمدت تنظيمات الإرهاب القديم فى تمويلها على الدول الراعية لتلك التنظيمات ، وذلك من أجل تحقيق أهداف سياستها الخارجية سواء كان تلك الدول الاتحاد السوفيتي أو الولايات المتحدة أو إيران أو سوريا أو العراق أو كوريا الشمالية وغيرها ، خاصة فى فترة الحرب الباردة وسعى الولايات المتحدة لدعم تلك الجماعات من أجل توريط موسكو مع الإرهابيين ، بينما نجد أن التنظيمات الإرهابية المعاصرة تستمد تمويلها المادي من بعض الأنشطة غير المشروعة مثل الابتزاز ، وفرض الإتاوات وتهريب المخدرات وغسيل الأموال ، وبعض المساهمين من القطاع الخاص ومصادر تمويل أجنبية مختلفة.

مما سبق نجد أن التطور الذي شملته التنظيمات الإرهابية من خلال عملياتها لابد أن يواجهه تطور على صعيد الاستراتيجيات المكافحة للإرهاب ، حيث أن أبرز عوامل فشل التصدى للعمليات الإرهابية والتنظيمات المعاصرة إنما يرجع إلى التقليدية التي مازالت تمارس فى الاستراتيجيات المكافحة للإرهاب من قبل الدولة والمؤسسات الأمنية المعنية.

فيديو التطور التكتيكى للعمليات الإرهابية

 

 

 

أضف تعليقك هنا

شيماء سمير محمد حسين

باحث في شؤون الإرهاب الدولي