الطقوس واثارها التحريضية على الدول السنية (٢\٢) – #السنة و #الشيعة

السنة والشيعة

يمكن قراءة الجزء الأول من المقال: الطقوس واثارها التحريضية على الدول السنية (١\٢) على الرابط 

تحريض الخروج على الحاكم السني عند الشيعة

إن مسيرة هذه الطقوس في الدعوة والتحريض للخروج على الحاكم السني تحديداً طويلة جداً , تبدأ من الفكر والعقل , وتظهر متجلية بذلك السلوك الذي يتجسد في الألفاظ والحركات والإيماءات والتي تصرخ بسيل من الدماء , ويبتدأ أيضا في التهييج , وينتهي بساحات القتال والذبح والحرق ,  والتواجد في كل ساحات الفتنة والعبث من أجل زيادتها لهيباً واشتعالاً لأجل حرق البلاد على أهلها .

لأن عامة الشيعة الإمامية يعتقدون على سبيل الجزم أن الثورة الحسينية والتي تمثلها تلك الطقوس إنما هي مرتبطة بذات  الباري جل جلاله , لذلك فقد صرح الكثير من مراجعهم بأنها أفعال إلاهيه تحوى وتتضمن مشاريع عدة ,  وفي مقدمتها ؛  اجتثاث جميع أشكال الذنوب والفساد من خلال مجاري السلطة والقوة في المجتمع , أومن خلال اعتبار حركة الإمام حركة لذات الباري جل شأنه .

إن الناظر في تلك الحركة الرهيبة الرعيبة والتي تحمل في طياتها كل أنواع الغدر والختل , لا يجد إلا وفؤاده ينخلع من بين جنبيه هماً وحسرةً وجزعاً , لما يلقى ببصره من حوله ؛ فلا يجد إلا الغفلة أو التغافل بين ثنايا تلك الأضاليل والأباطيل , وهو يرى العامة من الناس ترتعش أقدامهم , وترتجف بين تلك المضائق والمنفرجات , وتتدافع بين الثنايا والعقبات ,  فقد ضلوا السبيل لما يروا من اتصال الأفاعي المتمسحة بتلك الطقوس وهي ترسم في كل طيات أركانها وقسماتها سمات الوداعة والسذاجة , وهي تتسلق ظهر ذلك الرجل السليم ابتدءاً من  كرة دماغة من خلال التمويه والخداع , حتى تتربع على أم رأسه كمليكٍ على عرشه , وحينها تحركة كيفما تشاء تلعب بروحه وبدنه  .

إن فكرة الجريمة التي تخلقها تلك الطقوس تتمثل في ذلك الإلحاح الشديد والمتواصل من قبل أولئك المراجع والدعاة لجمهورهم من أجل جعله بأجمعه مصراً على فعل تلك الجريمة, مستثمراً ومستغلاً كل السبل والأسباب , لأجل أن يجعلوا من تلك الطقوس فيصلاً شرعياً يحول بينهم وبين الحكومات ؛ وكما عبر عن ذلك الشيخ الشيعي محمد السند في كتابه الشعائر الحسينية بين الأصالة والتجديد 2/ 340 حيث قال : [ استطاعت كربلاء أن تنجح في فصل الشرعية عن السلطات الحاكمة والتي تتذرع بسنة الجماعة ] فهذه الطقوس تحشد تلك الفئة وتجيّشها من أجل أن تكون قوة ضاربة لاجتثاث أي حكومة لا تدين بالتشيع.  ومكمن الخطورة أنها تخاطب عقل الشيعي وقلبه,  بمختلف مستوياته وطبقاته, فتجعل منه خلية سرطانية منظمة في جسد كل وطن يمكنه الانتشار فيه , وكلما توفر المناخ الملائم لتلك الطقوس ازداد حجم تلك الخلية السرطانية وازداد خطرها.

كيف ينظر الفرد الشيعي إلى الحاكم السني؟

إن السني وبالذات الحاكم, لا يمكن وضعه عند الشيعي إلا في خانة المتهم, بل في خانة المجرم الذي تأكد وبان جرمه بكل الصور والدلائل , ومن الإسراف في الخطاء أن نظن أن هنالك مجال لتصحيح هذا الوضع بأي حال من الأحوال , أو يمكننا توحيد الرؤى ولو على مر الزمان , فبتلك الطقوس أصبح الدين اليوم في معترك رهيب رعيب  , مفعم بالمخاطر مكتظ بالنوازل , ومحتشد بالأفاعي والصلال ,  ومشتبك بالعصي والحبال , في معترك رقا فيه الضجيج , وعلا منه العجيج , وقد وقف فيه الأبناء على رمال متحركة لايدرون إلى من الدرك .. إلى ذلك الجسم الزاكي أم إلى ذلك الجسم الفاني , والليل يتقلب والنهار , وتتجلى الجروج والقروح , وتزداد المزوق والخروق , وبيننا وبين القوم ما قد علمه الدهران , ولكن شتان بين صنيعنا وصنيع القوم , القوم لم يألوا جهداً لنكاية , إلا وقد بلغوا فيه حد الغواية , ونحن مشغولون بذكرى الأعمال , والتضحيات الخطيرة لأولئك الآباء والأجداد , لعلنا بهذا الصنيع نقيل الكبوات , وننتشل الهوات , وننتهج سبيل السعادات , وننأى عن مهاوي الشقاوات ..

فهل يجدر بنا يا قوم ونحن أبناء أولئك السادات أن ندع تعاليم – ذلك الدين القيم – تذهب منا ضحيةً لتلك الطقوس التي تتهاوى علينا تهاوي الصلال والأفاعي , ونحن ننظر إليها من مشهد ذلك الصوفي الذي أعياه الموت .. فما أنفك على نفسه يدور ويحور ..

ننتظر أن تكون الأمة ضحية لتلك الطقوس التي طفقت تتوصل بسمومها القتّالة إلى أدمغة المسلمين بكل حيلة ووسيلة , حتى أنخدع بها من شبيبة المسلمين من أنخدع , ثم انقلبوا إلى أقوامهم يحملون ألوية الباطل ,  وقد فاؤوا على رؤوسهم دون أن ينظروا أو يتبصروا بوعد الله ووعيده .

كيف للباصر الحكيم أن يمسك صبره وهو يرى أولئك الحثالة يشنون الغارات تلو الغارات على معاقل المسلمين , ففتحوا وجهزوا وقطعوا الأنفاس تلوا الأنفاس , ونحن نعلم أن أولئك الأوباش ليسوا بشئ لولا غفلتنا أولاً عن ديننا , ثم تلاحم الغرب معهم بعدته وعداته وسلاحة وكراعه ودسائسه ووساوسه , لم يألوا جهداً , ولم يدخروا وسعاً في سبيل إحياء تلك الصلال , متطوعين بين أيديهم , يعبدّون لهم السكك , ويقتلعون عن طريقهم الشوك والحسك , ثم بعد هذا المطاف والغمار,  يمنونهم ويمدونهم بمال ورجال , وليت الخطب وقف عند هذا الحال , بل زاد من بليتنا أولئك السذج الذين وضعوا أنفسهم موضع المصلحين لهذه الأمة , وهم يفسدون أكثر مما يصلحون , ويهدمون أكثر مما يبنون , لا قصداً ولكن جهلاً وبلادة , وكم بين أظهرنا من هؤلاء الذين لا يميزون بين سوانح الخير , وبوارح الشر .. ارتبكت عليهم السبل والمذاهب , فخبطوا خبط عشواء , في الليلة الظلماء , جهلهم  في الأمر كجهل الناقة التي يركبها , فيا لله متى اعترض الريب , وقد سلكنا هوة الطريق ..

فإلى متى يا قوم نقابل اليقظة بالسنة , والنباهة بالبلادة والبلاهة , والكياسة بضعف الرأي , وإلى متى لا نتعض بالتجربة ولا توقظنا العبرة والمثلة .. كيف وقد أصبحنا ملأ السمع والبصر , والرمل والحجر.

ألم يكفي ما نشاهده كل يوم من ذبح وسلخ وحرق لأخوتنا , والقوم يرددون بكل صلف – لبيك يازهراء – لبيك يازينب – يالثارات الحسين –  ألم يكفي هذا الخطب الفادح , والعمل الفاضح الذي ملأ صدور المسلمين قيحاً ,  وفجرّ عيونهم دماً ,  لأن يوقظنا من هذا الرقاد , ولا يحسبن أحد أن هذا هو غاية منتهى أمال القوم , بل أنهم يريدون أن يزيدوا على الأبالة ضغثاً , وأن يمعنوا في آلامنا فيذروا على الجرح ملحاً , ثم ينقظوا على قلوبنا وعقولنا فينزعوا منها – ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه –

وليس هنالك من منزع بالتغاضي عن تلك العاديات الطارية , فالقوم يسبون ويلعنون ويجاهرون بالتكفير ولم يكتفوا بذلك بل حولوا تلك المفردات إلى برك من الدماء بدعوى الولاء والنصرة لآل البيت صلوات ربي وسلامه عليهم , ومازال بعض الأغبياء يحسبون أن جلّ ما تعني تلك الطقوس والأعمال إنما هو أذى وضلال محصور في تلك الطائفة , ولن يتجاوزها إلا شراً وإثماً , وما علموا أن لتلك الطقوس والأعمال أسراراً ورموزاً ومقاصداً وأدواراً ووظائف تشمل السياسة والاقتصاد والاجتماع والأدب .

إني وإذ أسطر هذه الكلمات , بدافع الحب الصميم لأمتي مدفوع بمواقع الحزن والأسى , والقلب في ثنايا تلك المواقف , والأنفاس فيه هامدة , والعيون مغرورقة لجريان تلك الكارثة , التي حارت فيها العقول بالرغم من شدة وضوحها , وبيان عوارها , فضربت فيها الحواس أخماساً وأسداساً , ويزداد بي الوجد والكآبة , وتتصاعد بي الحسرات , وتتصوب بي العبرات , ويغلب عليّ العنوان , وتنطلق في نفسي الرغبة , من أسف ذلك إلى البيان والتبيان .

أضف تعليقك هنا