المسلمون وأزمة الفكر

لقد صورت تلك الأفكار رؤىً وخططت اتجاهاتا للوصول إلى ماهم فيه ، لم تكن تلكم الحضارات وليدة اللحظة ، ولم تشيد لوهلة ، بل سبقتها أفهام وعقول حتى تسامت وعلت في كل المجالات ، وعلى كافة الأصعدة .

وتعود أسباب التخلف في العالم الإسلامي إلى أمور عدة أولها  جمود الفكر :

إذ كيف لأفكار مكبولة مقيدة أن تشيد أو تبني حضارة أو حتى تتقدم خطوة واحدة نحو الحضارة؟ كيف ننجح بدون أن نتحرر من أفكارنا التي قيدنا بها أنفسنا واستسلمنا لها،

إن أخذ الأفكار على طبق من ذهب دون نقدها أو تقييمها ، هي في الحقيقة وأدٌ للفكر وقتل للعقل واستسلام لمنهجية القطيع .

إن الجمود يعد أكبر أزمة من الأزمات الفكرية ، التي تعانيها أمتنا ، بدون تحرر الأفكار ستكون الأمة في غياهب الجب ، وذيل الحضارات ، تعيش في حقبة ماضية غابرة ، مكبلة بسلاسل الماضي .

إن تحرر العقل هي الشمعة الأولى لمعرفة طريق النور والخروج من كهف الظلمات .

وليس المقصود من ذلك أن ننكر أصول الدين ، بل أن نجعلها هي المنطلق الذي نبدأ منه ،

فأصول الشريعة تدعو إلى إعمار الأرض وأن الانسان مستخلف فيها ، وهذا هو سر وجود الإنسان على ظهر الأرض .

وأن نتعامل مع ما دون ذلك بمنهجية التقييم واستعمال المنطق .

إذ ليس من الحكمة أن نجعل من الفروع أصولا نتمسك بها ولا تقبل التقييم أو حتى مجرد النقد، بل كلها قابلة للاستعراض والنقد .

**

وكذلك من أكبر الأزمات الفكرية هي تلك النظرة العلوية إلى الثقافة الغربية ،  أو إلى الغرب عموما، بأنها مهد الحضارات ، وإليها المنتهى في ذلك ، بل وقد تسمع من ساسة القوم من يقول : إن بيننا وبينهم قرونا حتى نصل إلى ما وصلوا إليه .

تلك الانهزامية هي من أهم أسباب تخلفنا لأنها تعيقنا عن مجرد التفكير في بناء الحضارة، أو في دخول منافسة مع الغير .

والأدهى من ذلك والأمر أن ينظر البعض إلى الغرب فيتلقف منها السلوك والأخلاق المنكوسة ، فيظنها سببا لحضارتهم وتقدمهم ، بينما يغفل الجانب الأهم ، وهو العلم الذي هو أساس كل حضارة.

فلم نستطع أن نتعامل مع الفكر الغربي تعاملاً واعيا ، بحيث نأخذ ما ينفع وندع ما يضر .

ولا استطعنا أن نتعامل مع قيم القرآن الكريم والسنة النبوية والتي تدعو إلى بناء الحضارة واعمار الأرض ، بل ولا التفتنا إلى التراث الإسلامي والحضارة الإسلامية السابقة لنحذوا حذوها ونكمل بناءها .

فإلى أين تتجه أفكارنا ؟؟

فيديو المسلمون وأزمة الفكر

 

 

 

أضف تعليقك هنا

د. محمد الجابي

د. محمد الجابي