خواطر شيخ بين المصلين

 

ما ان قضيت الصلاة حتى نهض واقفاً بكل صعوبة وثقل .

اتكأ على عصاه بكل ما استجمعه من قواه التي باتت تهرب منه يوما بعد يوم .

اتكأ على عصاه ولسان حاله قول الشاعر  :

يا سائلاً عن حالتي خذ شرحا لها مفصلا

سرت امشي على ثلاثة أجود ما فيهن العصا

ما ان أستوى قائما حتى أخذ بيده ذلك المرافق الدائم الذي بات يعرف به ويسمى على اسمه ، رجل ذو ملامح آسيوية ، قدم للعمل بمهنه محدده فإذا به هو الابن والرفيق ، هو المعين والسند بعد ان أخذ الزمن ما أخذ .

باتت خطاه ثقيلة والخطوة بالكاد تتبعها الخطوة وبينه وبين مرافقه اكثر من خطوة وخطوة يأخذ بيده ويجره جراً وكانه يقول اسرع … تحرك …

يجر خطاه وعيناه تجول بين المصلين، يتثاقل سيره وعيناه تجوب المصلى تتفحص تلك الوجوه الناظرة اليه ، يبتسم خجلا وألما يضحك ويقول : بارك الله لي في هذا الولد الصالح وبارك الله في مسعاه وممشاه .

تعلوا محياه ابتسامه تخفي تعب السنين وشقاء الزمن ، يظهر الضحكات وتملئه الحسرات ، يتنهد في نفسه ويقول :

اه بني كم كنت فخورا بك وانا أصحبك في سينيك الاولى للصلاة ، كم وكم تبادلنا الضحكات والنكات ونحن نخطو على مهل باتجاه المصلى ، كم من أحاديث وآيات رددتها عليك ونحن نتسلى في طول طريقنا لمصلانا ، لكم جريت بك الخطى بين صفوف المصلين وعيناي تدور بينهم وهي تقول :

هذا ابني انظروه وتابعوه كم كبر وبات يأتي المصلى .

بني لكم جثوت على ركبتي عند باب مسجدنا بين أحذية المصلين لكي أضع حذائك في قدميك .

بني لكم جلست على عتبات المصلى اربط حذائك وكلي فخر بانك معي تحضر الصلاة .

 

واليوم وبعد كل تلك السنين لا اريد لك ان تلبسني حذائي ، ولا ان تجثوا على ركبتيك عند باب مصلى من اجلي .

فقط خذ بيدي بين صفوف المصلين ، كن سندي وقف بجواري بعد كل صلاه ، ساعدني اتخطى صفوف المصلين واتركني انظر اليهم وأقول نعم ها هو فلذت كبدي وعصاي التي اتوكأ عليها ، ها هو من كنتم بالأمس ترونه يتعثر بين صفوفكم ، اليوم يحرص على ان لا اتعثر أنا بين صفوفكم وبين أيديكم .

فهل ستحقق لي ذلك يوما ؟

بني إن بات ثقلي يؤخرك عن مشاغل دنياك وعن عجلة الحياه التي تدور بك سريعا

فاعلم انك ما تلبث ان تجد ان سرعتها لا تناسبك وستنزل عنها ، ستترجل وتمشي الهوينا على قدميك لان لا شيء يستحق الاستعجال ، ولكن هل سأكون حينها بين جنبات المصلين انتظر لمسة يديك تحملني ام سأكون هناك بين من حالة بيننا وبينهم المنون ؟

الامر لك والقرار لك بني لتقرر متى ستلحق بي الان او بعد فوات الأوان ..

 

ما سبق كان خاطرة عن شيخ كبير تعلو محياه ابتسامه لا تنسى هو اليوم ممن حال بيننا وبينهم المنون .

فيديو خواطر شيخ بين المصلين

 

أضف تعليقك هنا