ازدراء الأرواح

 

لم يعرف المجتمع غير ازدراء الأديان، غير أن هناك نوعًا أخر، جعلنا ننتظر الموت، ونتمناه، بالمخالفة لسنن الكون، فالله قد خلق الحياة لنحب ونفرح، غير أن قلوبنا لم تعد قادرة على ذلك.

أصبحنا نخاف، حتى من أجسادنا التي أضحت قاسية علينا، وباتت في حاجة إلى «طبطة» و«حضن» شخص يأخذها بين يديه عله يزيل ما بها من «كهرباء» زائدة تصعق كل من اقترب منها. وإن كان يحمل بين طيات صدره العقار الذي سيرجعنا إلى الحياة مرة أخرى.

لم تعد لنا ثقة في ملابسنا التي تشبعت من هجر أجسادنا، ولا أمان لأهلونا الذين شاركوا غيرهم في ازدراء أرواحنا، دون أن يعلموا – البعض منهم يعلم.

كثير ارتكبوا بنا «ازدراء الأرواح»، لم تشفع لهم فينا قرابة أوصلة رحم، أو حب منحناه لهم، لم تشفع لهم تلك الأوجاع التي تزداد ألمًا، رغم حاجتنا إلى كل ما هو جميل؛ لنواصل العيش، أصبحنا كأهل «الأعراف»، لا نعرف إجابة لسؤال يراود كل من يرانا، هل هم كبار أم صغار؟.. هل هم شباب أم شيوخ؟.. لم ارتسمت على وجوههم علامات الشقاء رغم صغر أعمارهم؟.. هناك أسئلة أخرى، تدور بداخل كل من يقرأ تلك الكلمات. هناك سمات معروفة لمن يشبه قلوبنا، لمن اعتصر قلبه ألمًا جعله يحنو على كل من «شرب من نفس كأسه».

لم لم يجعل المشرع عقوبة لـ«ازدراء الأرواح»، هل لأن الله كفل لذاته حق الحساب وأمرنا بالصبر؟ أم أنه تعالى احتفظ لنا بقلوب تعيد لنا الحياة من آن لأخر، أم أن هناك أشخاص حانية قلوبهم ينتظرون إشارة السماء للاقتراب ينتظرون وحى الله ليبدأوا رحلة العلاج.

من وقعت عليهم جناية ازدراء الأرواح يشتاقون للحياة لكنهم يخشون تكرار نفس السيناريو، يشتاقون للحب لكنهم يخشون الفقدان، يشتاقون لأولئك الذين آمنوا بحقوق القلوب، يشتاقون لمن ينتشهلم من غياهب السجن الذي وضعهم فيه أولئك الكافرون بأنعم الله.

أتمنى أن أنطق شهادة الحب في أحضان رسولة / رسول السماء، التي تحمل وحدها عقار ذلك القلب الذي مورست عليه أبشع أنواع التنكيل، ليس لأنه أجرم، لكنه أعطى قوته لأشخاص ما كانوا قدر المسئولية، تعلق بهم من صغره كطائر استغنى عنه أهله حينما بدأت «قشور البيض» تتشقق.

كطائر ضربته الصاعقة لم تمته؛ لكن جسده تشبع برعدها فنفر منه الناس، الكثير مثلي، ينتظرون شروق شمس غير التي اعتاد عليها البشر، ينتظرون غروب شمس أشرقت عليهم بالهجر والقساوة منذ أعوام، ينتظرون بدرًا يحمل معه الحب، ورياح ربيع تحمل لهم عبق الورد، وأمطار شتاء قلوبهم التي أجدها الازدراء.

حاسبونا إذا أخطئنا، لكنا لسنا مثلكم، نحب من أجل الحياة، من أجل أن نجد زجاجة ماء فتروي ظمئنا، غير أن قلوبنا لن تسامحكم لأنكم كنتم سببًا في بعد من نحب بسبب الخوف، كنتم سببًا في دموع ساخنة انهمرت في ليل بارد فشتققت معها وجهنا، عليكم من الله ما تستحقون.

في الأعوام الماضية لم نكن نخشى الهجر، كنت أخشى لحظة تزداد فيها ضربات قلبي حبًا بفتاة، خوفًا من فقدها وضياعها مع عواصف الزمان، جاءت تلك اللحظة الأن، لكني لن أسمح باقتراب تلك العواصف العفنة ولا باقتراب أولئك المجرمون.

حاسبهم يا الله قبل أن تذهق أرواحنا من الهجر، قبل أن تتشقق أجسادنا من القساوة، قبل أن تجف دموعنا، وتتوقف قلوبنا، وتنض ماء بئر الحياة الذي نبحث عنه، الله سيحاسب البشر على ازدراء الأرواح وليس ازدراء الأديان.

فيديو ازدراء الأرواح

 

أضف تعليقك هنا

محمد الشرقاوي

محمد الشرقاوي - مصر

صحفي