الجسد

يشكل حديث الرسول عليه السلام “مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ” دستورا للسائرين سويا في طريق الحق وبصورة ادق دستورا اخلاقيا لمن يرى ضرورة وحدة الامة وسيادتها للعالم بغض النظر عن اختلافات بسيطة في وجهات النظر حول الوصول لوحدة الامة وسيادتها يوصلها بعض مبتسري الفهم الى التكفير والإلغاء والإبادة ولكن يبقى حديثنا بعيدا عن التشنجات الفكرية والفقهية التي تصيب البعض ومن المعلوم من العلم بالضرورة ان الجسد لا يقوم إلا بالتعاون والعمل التكاملي بين سائر اعضائه فلا يستطيع عضو واحد مهما سمت مكانته وعلت قيمته ان يقول انه الاساس وانه يمكن اختزال الجسد فيه فمثلا مع الاتفاق على مكانة العقل فلا يمكن منحه السلطة المطلقة على الجسد والحديث هنا كناية فان مدرسة العقل المطلق تعتبر نوعا ما غرورا وصلفا اذ انها تخضع كل شيء للاستحسان والاستقباح العقلي المحض وترد بعض النصوص القطعية لأنه يثقل عليها فهما ومعرفة وبالتالي كانت مدرسة العقل المطلق اساس الشبهات واس الاختلاف فمثلا اذا استشعرنا وحدة الامة كجسد واحد فماذا يعني ان يخضع جزء من هذا الجسد لاجتهاداته ويمضي عكس مصلحة الجسد ككل قد يرى البعض ان الحديث هنا مثاليا وإذا اردنا ان نمثل فان الصحف لن تتسع لكن نحاول فمثلا هناك من يقول انه يمكن التعاون مع الباطل في بلد ما مع ان ذلك الباطل يدعم طاغية يسفك الدماء ويهتك الاعراض في كل حين وقد يطل عليك احدهم الان بسؤال ما دخل موقف سياسي داعم لطاغية بتصرفات حزب الباطل في بلده الأصل؟

قد يعوزك السوط حينها اكثر من الكلام المنطقي لكن عندما نجد الايات والأحاديث تتحدث عن امة كالجسد الواحد وكالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا إلا نحتاج حالا في واقعنا المرير ان نستحضر وحدة امتنا الشعورية وان تكون العزة الايمانية والاستعلاء قاعدة التصرف مع غيرنا في معسكر الباطل او حتى في معسكر الحق المخلوط بالباطل نعم الحق المخلوط بالباطل الناتج عن اعمال العقل الاستصلاحي المطلق المبني على الاستحسان والاستقباح العقلي المطلق المخالف للنصوص وفي مقابل العقل المطلق نجد الدماغ المطلق وهو الة الحفظ ومكان التخزين مما يعطينا مدرسة النص المطلق التي ترى العقل مثلبة وسلبية لا يمكن قبولها فكان الناتج جماعات من ممارسي الفقه الملفق الموافق للهوى تمارس الالغاء والإقصاء والإبادة في تقاطع غريب عجيب مع الباطل ان المقصود من الوحدة الشعورية للأمة والاستعلاء الايماني ان يتوقف الافراد المثقفين جزئيا عن اقحام النصوص المطلقة في تأصيل جبنهم ومصالحهم ان الوحدة الشعورية تعني ان تقاطع فردا يرى قتل اخيك في بلد اخر ناتج عن صراع على سلطة ويرى قمع طاغية لأخيك محافظة على امن بلده خطفه بالانقلاب ويبرق التهاني لطاغية اخر لأنه قتل ألافا وشرد الملايين
ان زمنا يتعسكر الباطل فيه بكل امكانياته وما اوتي من قوة في صف واحد لا يجوز فيه بل لا يقبل البتة انه ينحاز جزء من الحق الى ذلك الباطل مهما كانت الظروف ولا تحت أي ذريعة مهما كان مناطها قويا ومؤصلا وربما يحتج احدهم ويقول ان المقول سابقا يناقض كثيرا من روح الاسلام وسياسات الدعوة غير ان الاستقراء يقول ان من وثق في الباطل مرة سيتحول لجندي مخلص له بالتراكم وكم من راغب في منصب قلب ظهر المجن لدينه ودعوته وصار معول هدم في يد الباطل وما تجربة الخرباوي عنا ببعيد ولا حتى تصابي ابوالفتوح ومن شابهه في كل بلد
ختاما ان الجسد الواحد الذي يتغنى به البعض في حال الرخاء لا يمكن ان يبقى حيا اذا ما استبد كل عضو بناحيته يطلب مجدا او نجاة او حتى اجتهادا يطلب فيه نجاة الجسد على حد زعمه وعليه فان الزمن زمن مفاصلة تامة قاطعة حاسمة وليذهب المفاوضون والمرقعون والملفقون والمهادنون الى ما بعد ما القت ام قشعم فلا يمكن ان نستمر في التشرذم والتمزق لأننا نقبل رأي كل شخص بل ونجعله اجتهادا وربما يكون بعيدا عنا ألاف الاميال ويمارس الوصاية الاكليروسية المسيحية علينا فصار لزاما ان ندخل عهد المفاصلة التامة غير القابلة للتراجع ولا حتى التخفيف بحجة روح النص لأنه يكفي ان نمارس براغماتية الثور الاسود الذي لم يفق إلا و عندما سالت دماه كآخر فرد من جماعة قوية وقضى عليه اجتهاده قبل عدوه

فيديو الجسد

 

أضف تعليقك هنا

مروان محمد ابو فارة

مهتم بالحالة الفكرية للأمة
أبلغ من العمر 35 عاما
أمضيت في سجون المحتل الصهيوني عشرة أعوام
أحمل شهادة البكالوريوس في المهن الصحية تخصص تمريض
من فلسطين المحتلة