الكــــوكــــب المكتئــــــب ؟!

الحزن والكآبة يخيمان على معظم كوكب الأرض ولخطورة الاكتئاب بدأت منظمة الصحة العالمية حملة عن تحت شعار  ” الاكتئاب : دعونا نتحدث عنه” وقد انطلقت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2016، و سوف تستمر لمدة عام واحد.

ما هو الاكتئاب؟

فما هو الاكتئاب ؟ مرض يميّزه الشعور الدائم بالحزن وفقدان الاهتمام في الأنشطة التي يتمتع فيها الشخص عادةً، وهو يقترن بالعجز عن أداء الأنشطة اليومية لمدة أسبوعين على الأقل. وإضافة إلى ذلك، يبدي المصابون بالاكتئاب العديد من الأعراض التالية في العادة: فقدان الطاقة؛ وتغيّر الشهية؛ والنوم لفترات أطول أو أقصر؛ والقلق؛ وانخفاض معدل التركيز؛ والتردّد؛ والاضطراب؛ والشعور بعدم احترام الذات أو بالذنب أو باليأس؛ والتفكير في إيذاء النفس أو الانتحار.

كما يعتبر الاكتئاب من العلل الشائعة على مستوى العالم برمته حيث يؤثر على أكثر من 300 مليون شخص ويختلف الاكتئاب عن التقلبات المزاجية العادية والانفعالات العاطفية التي لا تدوم طويلاً، كاستجابة لتحديات الحياة اليومية. وقد يصبح الاكتئاب حالة صحية خطيرة، لاسيما عندما يكون طويل الأمد وبكثافة معتدلة أو شديدة. ويمكن للاكتئاب أن يسبب معاناة كبيرة للشخص المصاب به، وتردي أدائه في العمل أو في المدرسة أو في الأسرة. ويمكنه أن يفضي في أسوأ حالاته إلى الانتحار. وفي كل عام يموت ما يقارب 800000 شخص من جراء الانتحار الذي يمثل ثاني سبب رئيسي للوفيات بين الفئة العمرية 15-29 عاماً.

الأسباب الحقيقية للاكتئاب:

لو تحدثنا على أسباب الحقيقية للاكتئاب ستجد أهمها إنسداد الأفق وانعدام الأمل في التغيير الذي تتطلع له الشعوب المضطهدة بسبب التسلط و الاستبداد السياسي والظلم اليومي الذي تمارسه أغلب الحكومات على كوكبنا والتي تصنف بأنها  ديكتاتورية ومع ذلك فإن حبلها السري لبقائها على قيد الحياة يأتيها من  الدولة ” الديمقراطية ” ؟!

قال العَلاَّمةُ المُصلِحُ الشيخ مُحمّد رَشيد رِضا رحمه الله تعالى: إِنَّ الشُّعُوبَ الَّتِي تَنْشَأُ فِي مَهْدِ الِاسْتِبْدَادِ، وَتُسَاسُ بِالظُّلْمِ وَالِاضْطِهَادِ، تَفْسُدُ أَخْلَاقُهَا، وَتَذِلُّ نُفُوسُهَا، وَيَذْهَبُ بِأْسُهَا، وَتُضْرَبُ عَلَيْهَا الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ، وَتَأْلَفُ الْخُضُوعَ، وَتَأْنَسُ بِالْمَهَانَةِ وَالْخُنُوعِ، وَإِذَا طَالَ عَلَيْهَا أَمَدُ الظُّلْمِ تَصِيرُ هَذِهِ الْأَخْلَاقُ مَوْرُوثَةً وَمُكْتَسَبَةً حَتَّى تَكُونَ كَالْغَرَائِزِ الْفِطْرِيَّةِ – وَالطَّبَائِعِ الْخِلْقِيَّةِ!! تفسِيرُ المنَار (6 / 278).

و قال سيد قطب مبينًا أثر الذل على هؤلاء اليهود في تفسير ه ” في ظلال القرآن ” لقوله تعالى : { ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا } (آل عمران: من الآية 112). وقال: { إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } (الأعراف: من الآية 152).

إن فترة الإذلال التي قضوها تحت حكم فرعون الطاغية قد أفسدت فطرتهم إفسادًا عميقًا وليس أشد إفسادًا للفطرة من الذل الذي ينشئه الطغيان الطويل، والذي يحطم فضائل النفس البشرية، ويحلل مقوماتها، ويغرس فيها المعروف من طباع العبيد، استخذاء تحت سوط الجلاد، وتمردا حين يرفع عنها السوط، وتبطرًا حين يتاح لها شيء من النعمة والقوة وهكذا كانت إسرائيل، وهكذا هي في كل حين .

وقد سئل الشافعي :كيف يكون سوء الظن بالله ؟ قال : الوسوسة والخوف الدائم من وقوع مُصِيبَة وترقب زوال النعمة كلها من سوء الظن بالرحمن الرحيم ولكن أين نجد السعادة الحقيقية ؟ يقول ابن قيم الجوزية : الحزن يضعف القلب، ويوهن العزم ويضر الإرادة، ولا شيء أحب إلى الشيطان من حزن المؤمن, لذلك افرحوا واستبشروا وتفاءلوا وأحسنوا الظن بالله، وثقوا بما عند الله وتوكلوا عليه وستجدون السعادة والرضا في كل حال.

و هل الدنيا تخلو من الهم والشقاء وما فائدتهما ؟ يقول ابن القيم : لا فرحة لمن لا هم له ، ولا لذة لمن لا صبر له ، ولا نعيم لمن لا شقاء له ، ولا راحة لمن لا تعب له.

و هل يجلب الإنسان على نفسه التعاسة ؟ يقول ابن القيم : لا تفسد فرحتك بالقلق، ولا تفسد عقلك بالتشاؤم، ولا تفسد نجاحك بالغرور، ولا تفسد تفاؤل الآخرين بإحباطهم، ولا تفسد يومك بالنظر إلى الأمس! لو تأملت في حالك لوجدت أن الله أعطاك أشياءً دون أن تطلبها ؛ فثق أن الله لم يمنع عنك حاجة رغبتها إلا ولك في المنع خيرًا تجهله.

إن ضريبة الخنوع والاستسلام للأمر الواقع خطيئةيدفع ثمنها الكوكب اليوم حزنا و ألما وحسرة ومهما كان ثمن الحرية فهو يستحق أن يدفع من أجل أبنائنا و من أجل أن نبذر لهم الأمل في مستقبل مشرق خالٍ من الذل والهوان و لأن العيش في ظلال الحرية هي السعادة الحقيقية على كوكب الأرض بل هي فريضة إسلامية حيث قال تعالى : ” وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ”

فيديو الكــــوكــــب المكتئــــــب ؟!

أضف تعليقك هنا

هيثم صوان

الكاتب هيثم صوان