شكيب أرسلان : ما أسباب انحطاط وضعف المسلمين ؟! (14 /16  )

الرد على حُسَّاد المدنية الإسلامية المكابرين ؟!

مدنية الإسلام : أما زعم مَن زعم أن الإسلام لم يتمكن من تأسيس مدنية خاصة ، والاستدلال على ذلك بحالته الحاضرة – فهو خرافة يموه بها بعض أعداء الإسلام من الخارج ، وبعض جاحديه من الداخل . أما القسم الأول فلأجل أن يصبغوا المسلمين بالصبغة الأوروبية ، وأما القسم الثاني فلأجل أن يزرعوا في العالم الإسلامي بذور الإلحاد ، ونحن لا ننكر تأثير الدين في المدنية ، ولكننا لا نسلم بأن يصح أن يكون لها ميزانًا ؛ وذلك لأنه كثيرًا ما يضعف تأثير الدين في الأمم فتتفلت من قيوده ، وتفسد أخلاقها وتنهار أوضاعها ، فيكون فساد الأخلاق هو علة السقوط ، ولا يكون الدين هو المسؤول ، وكثيرًا ما تطرأ عوامل خارجية غير منتظرة ؛ فتتغلب على ما أثلته الشرائع من حضارة وتزلزل أركانها ، وقد تهدمها من بوانيها ، ولا يكون القصور من الشريعة . فتأخر المسلمين في القرون الأخيرة لم يكن من الشريعة ، بل من الجهل بالشريعة ، أو من عدم إجراء أحكامها كما ينبغي . ولما كانت الشريعة جارية على حقها كان الإسلام عظيمًا عزيزًا .

ومدنية الإسلام قضية لا تقبل المماحكة ؛ إذ ليس من أمة في أوربة سواء الألمان أو الفرنسيس أو الإنكليز أو الطليان .. إلخ – إلا وعندهم تآليف لا تُحصى في           ( مدنية الإسلام ) ، فلو لم تكن للإسلام مدنية حقيقية سامية راقية مطبوعة بطابعه ، مبنية على كتابه وسنته – وما كان علماء أوربا حتى الذين عرفوا منهم بالتحامل على الإسلام يُكثرون من ذكر المدنية الإسلامية ومن سرد تواريخها ، ومن المقابلة بينها وبين غيرها من المدنيات ، ومن تبيين الخصائص التي انفردت هي بها .

فالمدنية الإسلامية هي من المدنيات الشهيرة التي يزدان بها التاريخ العام ، والتي تغص سجلاته الخالدة بآثارها الباهرة . وقد بلغت بغداد في دور المنصور والرشيد والمأمون من احتفال العمارة ، واستبحار الحضارة ، وتناهي الترف والثروة – ما لم تبلغه مدينة قبلها ولا بعدها إلى هذا العصر ، حتى كان أهلها يبلغون مليونين ونصف مليون من السكان . وكانت البصرة في الدرجة الثانية عنها ، وكان أهلها نحو نصف مليون . وكانت دمشق والقاهرة وحلب وسمرقند وأصفهان وحواضر أخرى كثيرة من بلاد الإسلام أمثلة تامة ، وأقيسة بعيدة في استبحار العمران ، وتطاول البنيان ، ورفاهة السكان ، وانتشار العلم والعرفان ، وتأثل الفنون المتهدلة الأفنان . وكانت القيروان وفاس وتلمسان ومراكش في المغرب أعظم وأعلى من أن يطاولها مطاول ، أو يناظرها مناظر ، أو أن يكاثرها مكاثر في ممالك أوربة حتى هذه القرون الأخيرة .

وكانت قرطبة مدينة فذة في أوربا لا يدانيها مدان ، وكان عدد سكانها نحو مليون ونصف نسمة ، وكان فيها نحو سبعمائة جامع عدا المسجد الأعظم الذي لما زرته في هذا الصيف قال لي المهندس – الذي كان معي من قِبَل الحكومة الأسبانيولية- : إنه يسع بحسب مساحته خمسين ألف مصلٍّ في الداخل و30 ألف مصل في الصحن ، فجملة مَن يسعهم هذا المسجد العجيب ثمانون ألفًا من المصلين ! ولما ذهبنا إلى آثار قصر الزهراء رأيناها آثار مدينة لا آثار قصر واحد ، وعلمنا أنها تمتد على مسافة تسعمائة متر طولاً في ثمانمائة متر عرضًا ، والأسبانيول يقولون : مدينة الزهراء ، وقال لي المهندسون الموكلون بالحفر على آثارها : إنهم يرجون الإتيان على كشفها كلها من الآن إلى خمسين سنة . وحسبك أن غرناطة التي كانت حاضرة مملكة صغيرة في آخر أمر المسلمين بالأندلس لم يكن في أوربا في القرن الخامس عشر المسيحي بلدة تضاهيها ولا تدانيها ، وكان فيها عندما سقطت في أيدي الأسبانيول – نصف مليون نسمة . ولم يكن وقتئذ عاصمة من عواصم أوربا تحتوي نصف هذا العدد ، و حمراء غرناطة لا تزال

يتيمة الدهر إلى اليوم .

هذه لمحة دالة من مآثر حضارة الإسلام وغُرَر أيامه ، وإلا فلو استقصينا كل ما أثر المسلمون في الأرض من رائع وبديع لم تسع ذلك الأجلاد الكثيرة ، المرصوفة طبقًا فوق طبق . وكم حرر المؤرخون الأوروبيون تحت عنوان ( مدنية الإسلام ) كتبًا قيمة ومجاميع صور تأخذ بالأبصار . وإن أشد مؤرخي الإفرنجية تحامُلاً على الإسلام لا يتعدى أن يحاول التصغير من شأن مدنيته ، وأن ينكر كونه أبا عذرتها . فقصارى هذه الفئة أن ينكروا كون المسلمين قد ابتكروا علومًا ، وسبقوا إلى نظريات صارت خاصة بهم ، وغايتهم أن يقولوا : إن المسلمين لم يزيدوا على أن نقلوا وأذاعوا وكانوا واسطة بين المشرق والمغرب . وهذا القول مردود عند المحققين الذين يعرفون للمسلمين علومًا ابتكروها ، وحقائق كشفوها ، وآراءً سبقوا إليها ، فضلاً عما زادوا عليه وأكملوه ، وما نشروه ونقلوه ، ومَن استرقَ شيئًا وقد استرقّه ، فقد استحقه .

وبعد : فلم نعلم مدنية واحدة من مدنيات الأرض إلا وهي رشح مدنيات سابقة ، وآثار آراء اشتركت بها سلائل البشرية ، ومجموع نتائج عقول مختلفة الأصول ، ومحصول ثمرات ألباب متباينة الأجناس .

الرد على حُسَّاد المدنية الإسلامية المكابرين :

أينسى حساد الإسلام والمكابرون في عظمة فضله ، الزاعمون أنه إنما نقل وتعلم وقلد واقتدى ، وأنه إنما صلى وراء غيره – أن المدنية الشرقية يوم ظهر الإسلام كان أخنى عليها الذي أخنى على لبد ، وأنه هو الذي جددها وأحيا آثارها ، وأقال عثارها ؟ وأنها بعد أن كانت قد امَّحت ولحقت بالغابرين – أبرزها من أصدافها ، وجلاها من بعد أن كانت ملفوفة بغلافها ، ونشرها في الخافقين ، وبلَّجها كفلق الصبح لكل ذي عينين ، وأضفى عليها لباس الإسلام الخاص ، ودبجها بديباجة القرآن ، التي لم تفارقها في شرق ولا غرب ، ولا سهل ولا وعر ، حتى حمل ذلك كثيرًا من علماء الإفرنج ممن لم يُعمه الهوى ، ولم يحِدْ في التحقيق عن مهيع الهدى – على أن اعترفوا بأن مدنية الإسلام لم تكن نسخًا ولا نقلاً ، وإنما هي قد نبعت من القرآن ، وتفجرت من عقيدة التوحيد ؟

فأما ما ترجمته حضارة الإسلام من كتب ، وما أخذته عن غيرها من علوم ، وما أفادته في فتوحاتها من مَنازع جميلة ، وطرائق سديدة ، فلا يقدح ذلك في بكارتها الإسلامية ، ومسحتها العربية ؛ لأن هذا شأن الحضارات البشرية بأجمعها أن يأخذ بعضها عن بعض ويكمل بعضها بعضًا ؛ فالعلم الحقيقي ينحصر في هذا الحديث الشريف : ( الحكمة ضالة المؤمن ينشدها ولو في الصين )  وهذه من

أقدس قواعد الإسلام .

وعلى كل حال لا يقدر مكابر أن يكابر أن الإسلام كان له دور عظيم في الدنيا ، سواء في الفتوحات الروحية أو العقلية أو المادية ، وأن هذه الفتوحات قد اتَّسقت له في دور لا يزيد على ثمانين سنة ، مما أجمع الناس على أنه لم يتسق لأمة قبله أصلاً . وكان نابليون الأول لشدة دهشته من تاريخ الإسلام يقول في جزيرة سنتيهلانة : إن العرب فتحوا الدنيا في نصف قرن لا غيره !

وتأمل أيها القارئ في أن قائل هذا القول هو بونابرت الذي لم تكن تملأ عينه

الفتوحات مهما كانت عظيمة .

وتعظم في عين الصغير صغارها … وتصغر في عين العظيم العظائم .

فهذا رجل عظيم جدًّا استعظم حادث العرب الذي لم يسبق نظيره في التاريخ ، وقد بقي دور العرب هو الأول في وقته ، ولبثوا هم المسيطرين في الأرض ، لا يضارعهم مضارع ، ولا يغالبهم مغالب ، مدة ثلاثة أو أربعة قرون . ثم أخذوا بالانحطاط ، وجعلت ظلالهم تتقلص عن البلدان التي كانوا غلبوا عليها شيئًا فشيئًا ، وذلك بفتور الهمم ، ودبيب الفساد إلى الأخلاق ، ونبذ عزائم الدين ، واتباع شهوات الأنفس ، وأشد ما ابتُلوا به التنافس على الإمارات والرئاسات – ولا سيما القيسية واليمانية – مما لولاه لدانت لهم القارة الأوربية بأجمعها ، وكانت الآن عربية كما هو المغرب .

فالمصائب التي حلت بالمسلمين إنما هي مما صنعته أيديهم ، ومما حادوا به عن النهج السوي الذي أوضحه لهم القرآن الذي لما كانوا عاملين بمُحكم آيه علوا وظهروا ، وكانت لهم الدول والطوائل ، فلما ضعف عملهم به وصاروا يقرؤونه بدون عمل ، وانقادوا إلى أهواء أنفسهم من دونه – ذهبت ريحُهم ، وولى السلطان الأكبر الذي كان لهم ، وانتقصت الأعداء أطراف بلادهم ، ثم قصدوا إلى أوساطها . ولنضرب الآن بعض أمثلة عن الأمم الأخرى لأجل المقابلة بيننا وبينهم ؛ إذ كانت بضدها تتبين الأشياء .

اليونان والرومان قبل النصرانية وبعدها :

كان اليونانيون قبل النصرانية أرقى أمم الأرض أو من أرقى أمم الأرض ، وكانوا واضعي أسس الفلسفة ، وحاملي ألوية الآداب والمعارف ، ونبغ منهم مَن لا يزالون مصابيح البشرية في العلم والفلسفة إلى يوم الناس هذا . وكان الإسكندر المكدوني أعظم فاتح عرفه التاريخ ومن أعظم الفاتحين الذين عرفهم التاريخ – حاملاً للأدب اليوناني ، ناشرًا لثقافة يونان بين الأمم التي غلب عليها . وما كانت دولة البطالسة التي لمعت في الإسكندرية بعلومها وفلسفتها إلا من فتوح الإسكندر . ثم لم تزل هذه الحالة إلى أن تنصرت يونان بعد ظهور الدين المسيحي بقليل ، فمذ دانت هذه الأمة بالدين الجديد بدأت بالتردي والانحطاط ، وفقد مزاياها القديمة ، ولم تزل تنحط قرنًا عن قرن ، وتتدهور بطنًا عن بطن – إلى أن صارت بلاد اليونان ولاية من جملة ولايات السلطنة العثمانية . ولم تعد إلى شيء من النهوض والرقي إلا في الماضي ، وأين هي مع ذلك الآن مما كانت قبل النصرانية ؟!

أفيجب أن نقول : إن النصرانية كانت المسؤولة عن انحطاط يونان هذا ؟ ! إن القائلين بأن الإسلام قد كان سبب انحطاط الأمم الدائنة به لا مفر لهم من القول بأن النصرانية قد أدت أيضًا إلى انحطاط يونان التي كانت من قبلها عنوان الرقي .

ثم كانت رومة في عصرها الدولة العظمى التي لا يُذكر معها دولة ، ولا يؤبه في جانب صولتها لصولة ، ولم تزل هكذا هي المسيطرة على المعمور إلى أن تنصرت لعهد قسطنطين . فمنذ ذلك العهد بدأت بالانحطاط مادةً ومعنًى إلى أن انقرضت أولاً من الغرب ، وثانيًا من الشرق . ولم تسترجع رومة بعد انقراض الدولة الرومانية شيئًا من مكانتها الأولى ، وبقيت على ذلك مدة 15 قرنًا حتى استأنفت شيئًا من مجدها الغابر . وما هي إلى هذه الساعة ببالغة ذلك الشأْو الذي بلغته أيام الوثنية .

أفنجعل تنصر الرومان هو العامل في انحطاط رومة وتدحرجها عن قمة تلك العظمة الشاهقة ؟ لقد قال بهذا علماء كثيرون كما قال آخرون مثل هذه المقالة في الإسلام ، وكلا الفريقين جائر حائد عن الصواب .

فإن لسقوط الرومان بعد فشوّ الدين المسيحي فيهم ، ولسقوط اليونان من قبلهم بعد أن تقبلوا دعوة بولس إلى النصرانية – أسبابًا وعوامل كثيرة من فساد الأخلاق ، وانحطاط الهمم ، وانتشار الخَنَى والخلاعة ، وشيوع الإلحاد والإباحة ، ومن هرم الدول الذي يتكلم عنه ابن خلدون ، وغير ذلك من أسباب السقوط الداخلية منضمة إليها غارات البرابرة من الخارج ، فكانت ثمة أسباب قاسرة مؤدية إلى السقوط الذي كان لا بد منه ، فلو فرضنا أن النصرانية لم تكن جاءت وقتئذ ، لم يكن الرومان ولا اليونان نجوا من عواقب تلك الحوادث ، ولا تخطَّتهم نتائج تلك الأسباب . فدعوى بعض المؤرخين الأوربيين أن تغلب المسيحية على اليونان والرومان أخنى على عظمتها ، وذهب بمدنيتها ، ليس فيه من الصحيح إلا كون الأوضاع الجديدة تذهب بالأوضاع القديمة ، سنة الله في خلقه ، وأنه في هيعة هذا التحول لا بد من اضطراب الأحوال وانحلال القواعد واستحكام الفوضى ، وإلا فلا أحد يقدر أن يقول : إن الوثنية أصلح للعمران من النصرانية   .

وهذه الدعوى كانت تكون أشبه بدعوى أعداء الإسلام الذين يزعمون أن الشرق كان راتعًا في بحابح العمران ، فجاء الإسلام وطمس المدنيات الشرقية القديمة ! لولا أن الحقيقة هي كما قدمنا أن المدنيات الشرقية كانت كلها قد انقرضت أو انحطَّت قبل ظهور الإسلام بكثير ، وأن الإسلام وحده لا غيره هو الذي جدَّد مدنية الشرق الدارسة ، واستأنف صوْلته الذاهبة الطامسة ، وبعث تلك الحواضر العظمى الزاخرة بالبشر كبغداد والبصرة وسمرقند وبخارى ودمشق والقاهرة والقيروان وقرطبة وهلم جرًّا ، ولئن كانت قد بقيت للشرق آثار مدنيات قديمة ، فإن الإسلام هو الذي وطد بوانيها ، وطرز حواشيها ، وحمل السيف بيد والقلم بيد ، إلى أبعد ما تصوره العقل من حدود الأقطار التي لم يسبق لشرقي أن يطأها بقدمه .

فإذا كان الإفرنج الصليبيون من الغرب ، وكان المغول أولئك الجراد المنتشر من الشرق ، قد تبَّروا ما علا الإسلام في تلك الممالك ، ونسفوا عمران هاتيك الحواضر ، وكانت منافسات ملوك الإسلام الداخلية واتباعهم للشهوات ، وإمعانهم في الضلالات ، ومحيدهم عن جادة القرآن القويمة ، وفقدهم ما يزرعه في الصدور من الأخلاق العظيمة ، قد قضت في الداخل ، على ما عجز عن تعفيته العدو من الخارج ، فليس الذنب في هذا التقلص ذنب الإسلام ، ولا التبعة في هذا الانقلاب عائدة على القرآن ، وإنما الذنب هو ذنب الهمج من الإفرنج ، وجناية ذلك الجراد الزحاف من المغول ، وإنما هي تبعة المسلمين الذين رغبوا عن أوامر كتابهم واشتروا بآياته ثمنًا قليلاً ، إلا النادر منهم .

وأيضًا فقد تنصرت الأمم الأوربية في القرن الثالث والرابع والخامس والسادس من ميلاد المسيح ، وبقيت أمم في شرقي أوربة إلى القرن العاشر حتى تنصرت . ولم تنهض أوربة نهضتها الحالية التي مكَّنتها تدريجًا من هذه السيادة العظمى بقوة العلم والفن إلا من نحو أربعمائة سنة ؛ أي من بعد أن دانت بالإنجيل بألف سنة . ومنها بعد أن دانت به بسبعمائة سنة ومنها بثمانمائة سنة … إلخ . وهذه هي القرون المسماة في التاريخ بالقرون الوسطى . ولا نقول : إن الأوربيين كانوا في هذه القرون بأجمعها هائمين في ظلمات بعضها فوق بعض ؛ بل نقول : إن العرب كانوا أعلى كعبًا منهم بكثير في المدنية بإقرار مؤرخيهم ، وبرغم أنف لويس برتران وأضرابه .

ومن الكتب المخرجة حديثًا الشاهدة بذلك ( التاريخ العام ) للكاتب الفيلسوف الإنكليزي ( ولز ) و ( تاريخ مدنيات الشرق ) لمؤلف إفرنسي متخصص في التواريخ الشرقية اسمه ( غروسه ) ، فالحقيقة التاريخية المجمع عليها هي واحدة في هذا الموضوع ، لم يظهر ما ينقضها ولن يظهر ، وهي : أن العرب في القرون الوسطى كانوا أساتيذ الأوربيين ، كان الواحد من هؤلاء إذا تخرج على العرب تباهى بذلك بين قومه !

فيديو شكيب أرسلان : ما أسباب انحطاط وضعف المسلمين ؟! (14 /16  )

 

أضف تعليقك هنا

هيثم صوان

الكاتب هيثم صوان