بهللة الإعلام – ما هو الوقوف على الحياد؟

الوقوف على الحياد

أطلق دانتي أليغييري في القرن الرابع عشر عبارة: “إن أسوا مكان في الجحيم مخصص لأولئك الذين يقفون على الحياد في المعارك الأخلاقية الكبرى”. وذلك ضمن قصيدته الملحمية “الجحيم” في مجموعته الشعرية الكوميديا الإلهية، وتلقت هذه الملحمة الشعرية استقطاب الأدباء الخياليين في ذلك العصر خاصة أنه أول من وصف الجحيم حسب المفهوم المسيحي متأثر بفلسفة القرون الوسطى..

وحينها اعتبر دانتي أن مركز الجحيم هو الأرض ومركز الأرض هي أوروبا آنذاك..

واليوم نرى الكثير من الفلاسفة قد اقتبسوا عبارته هذه ووطدوها ضمن كتاباتهم ليحكموا على الجميع أن يصبحوا شوفونيين في نظرتهم لواقعهم المُعاش، وأن لا يقفوا على الحياد، فبدأ التطرف يأخذ سياقاته الطبيعية ضمن نظام السيطرة على الآخرين.. وبات الشرق الأوسط مركزاً للجحيم بما فيه من تطرف ومعارك لا تهدأ.

ومع هذه المعارك أخذت رياح تغير المناخ السياسي تعصف أرض الشرق الأوسط هذا، فمن كان عدونا إمبارحة بات اليوم صديق حميم لنا، والعكس صحيح..

فما بين القضية الفلسطينية سابقاً وأزمة الخليج العربي متمثلة بقطر مروراً بالوضع السوري والعراقي والمصري والليبي واليمني…الخ  بات لازماً علينا أن نقف ولو للحظة على الحياد، وأن ننظر بقوة لتلك التفاصيل التي تحيط بنا..

فقد قيل سابقاً الشيطان يكمن في التفاصيل، بينما الصحيح هو أن الحقيقة تكمن في التفاصيل..

لنقف على الحياد لحظة

لنقف على الحياد للحظة ونتمعن بما يعصف بنا من تغير في السياقات السياسية.

لنقف على الحياد للحظة ونتمعن وجهات نظر الآخرين وكيف يرون الواقع الذي يعيشونه.

لنقف على الحياد للحظة ونمنح الطرف الآخر أن يكمل كلامه ولنستمع لوجهة نظره.

لنقف على الحياد للحظة ولندقق بكل الدلائل التي لدينا وأهميتها وحقيقتها.

فمن لا يقف على الحياد في الأزمات السياسية والدينية والأخلاقية سيكون بيدقاً سهلاً في يد الآخرين يلعبون به كيفما يريدون..

ومن لا يقف على الحياد ويتمعن واقعه سيكون شرارة في إشعال الشائعات بكل ما تحمله من مآزق إنسانية وتشويه لاعتبارية الحقائق..

الحياد في السياسة

وكما يقال في علم السياسة: إنك تستطيع خداع بعض الناس طوال الوقت وكل الناس بعض الوقت. ولكن وللأسف صرنا نرى اليوم خداع كل الناس طوال الوقت.. ومرد هذا أننا لا نقف على الحياد أبداً..

نحن شعب عاطفي لا عقلاني شعب يعاني من عاطفته التي تجعله متطرفاً بعاطفته تجاه كل ما حوله، والاعتقاد بأن هناك حقيقة واحدة أنت فقط من يمتلكها هو مركز الشرور في هذا الكون.

لنكن حياديين، فالحياد هو الحالة الصحية الوحيدة التي تأخذ صداها وتُسمع بالشكل الصحيح، لنقف على الحياد ولا ننظر إلى ألوان ومذاهب ومعتقدات وجنس وجنسية الآخرين، فهذا شأن خاص بهم، ولننظر إلى تعاملهم وأخلاقهم.

لنقف على الحياد تجاههم لعلنا نستيطع ولو للحظة أن نفهم ما يُعصف بنا من تيارات متغيرة على الدوام.

لنقف على الحياد لعلنا نوقف كرة الثلج المتدحرجة، ولعلنا نوقف الحمار في الركض خلف الجزرة المربوطة بالعصا..

عصا ليست إلا وهماً وإشاعة في أن الحمار سيأكل الجزرة، وجزرة رُبطت في الأصل كي لا تؤكل..

فكلما وقفنا على الحياد أكثر سيتلاشى وهم الإشاعة ونرى بشكل أفضل.

وكلما وقفنا على الحياد أكثر سيرتفع الوعي لدينا وستظهر الصورة أكثر وضوحاً.

فيديو بهللة الإعلام – ما هو الوقوف على الحياد؟

 

أضف تعليقك هنا

حسام ابراهيم الغزالي

حسام ابراهيم الغزالي