عودة النطع!

أصبحت كافة أمور حياتنا تدار بأسلوب النطع، النطع الذي نجده في الإعلام، في الصحافة في التليفزيون، النطع الذي نجده في مباريات كرة القدم والدوري والكأس، ونجده بين الجمهور وأحد الثورجية والكلامنجية، والنطع في اللغة: رقعةٌ من الجلد كان يتم استحضارها مع السيف والسياف إذا أرادوا قطع رأس أحد الخارجين على السلطان، لكي لا يتسخ المكان بدمه، وواضح إذن أن النطع غير السيف، فالسيف الآداة الفاعلة القاطعة، أما النطع فليس سوى “فرشة” يتم فرش المقتول عليها أياً كان المقتول(ماتفرقش مع النطع إن كان المقتول عليه رجلاً أو امرأة، كويس أو وحش!)، وقد انتشرت ثقافة النطع بصورةٍ واضحة بعد الثورة، هؤلاء الذين لا هم لهم سوى تأليب الناس وتسخين الرأي العام، أصحاب الحشد على باطل والقتل دون مقابل، لذلك لا تستغرب إذا قابلت في حياتك أحد الأنطاع، لأنه يعجز عن أن يكون سيفاً يقطعك!، فيسلط عليك ذي السيف الحاد البتار، من يتصف بالقطع، أما هو كما قلت فمجرد “فرشة” أو أداة مفعولٌ عليها، يستخدمه غيره دون أمن يدري، وأحياناً كثيرة يدري، والنطع الذي يتصدر المشهد في كل الأمور يحب أن يحمد بما لم يفعل، وأن يقال له “أمرك مُطاع يا كبير الأنطاع!”، وللنطع صفاتٌ معروفة، تميزه ويميزها، فالنطع دائماً ما يتقمص شخصية “الزومبجي”، أو المحرض لأنه لايستطيع أن يقوم بالجريمة، فقد قلت أن وظيفته التسخين، فيكون دوره الإيقاع بين الناس، أو العمل على زيادة الفجوة بينهم من خلال اختلاق “المهاميز”، دائماً ما يمشي بالنميمة بين الناس، لأنه “همازٍ مشاءٍ بنميم” كما وصفه الله تعالى، كثير الحلف، يسمى في لغة العصر الدارجة بالعصفورة، لأن دوره في العمل ليس قيادياً أو قاطعاً، إنما دوره نقل الأخبار التي من شأنها الإيقاع بين الناس، وعندما يراه الناس يتعوذون منه ومن أذاه، أو حتى من سماع سيرته، بل ويرددون المثل العربي القديم الذي كان يردد عند استشعار الغم “استعدي يا قرية لما يأتيك من أنباء”، لأن نظرته غالباً لا تمر مرور الكرام (عينه وحشة)، يحيا حياة العبيد وإن ادعى الحرية، يتسابق على وجود سيدٍ له، لأنه يعلم أنه لا يصلح أن يكون سيداً.

في فيلم حماتي ملاك الذي قدمه الفنان اسماعيل ياسين وقام فيه بدور “حانوتي” دار الحوار التالي بينه وبين صديق الميت ومساعده “مساعد الحانوتي”:
صديق الميت: وكمان بتغسلوه بمية باردة في عز الساقعة دي ؟ الحانوتي: يانهار اسود أهي دي فاتتنا يابيه، مبسوط يابن المفرطحة (الكلام لمساعده) مش عيب تخلي نطع زي دا يعيِّب علينا؟ يالا لِم الميه لم، مساعد الحانوتي: لسه كمان هنلم، الحانوتي: عدم المؤاخذه يا بيه والنبي تمسح الحكاية دي في جتتي، وشرفك حانغسله بميه بتغلي وتبقبق…
هكذا يكون النطع!!

فيديو عودة النطع!

 

أضف تعليقك هنا

د. محمد أبوالعلا

د. محمد أبوالعلا