كيف سقطت مُحرماتنا ..؟

ذكر الكاتب (عبدالله الشويخ) في أحد البرامج التلفزيونية :” نحنُ كعرب نستورد التقنية ولكن لا نستورد الوعي اللازم لإستخدامها” وهذا الأمر صحيح فعلى سبيل المثال: أي جهاز إلكتروني نقوم بشرائه أول ما يُرمى بالنفايات هو كتيب التعليمات بعذر أننا نعرف كيفية تشغيله والمفارقة الطريفه بهذه الحالة هي إحتفاظنا بالكرتون لأن بعض الشركات تتعمد إلصاق شهادة الضمان على أحد جوانبه ،لا نأخذ الضمان بل نحتفظ بالكرتون ونتخلص من الكاتلوق وكتيبات الإستخدام وهي الأهم…!!

أيضاً عند شراء هاتف ذكي قلما ما نبحث عن مميزات وخدمات بغض النظر عن نوع الهاتف والأغلب يبحث عن ذاكرة ذات حجمٍ كبير وكاميرا بدقة ممتازة لزوم السلفي.

  • تصرفات غير مقبولة بالمحافل والمناسبات الرسمية بسبب تصوير اليوميات:

الشاهد على كلامي هو ما يحصل من تجاوزات بمواقف معينة بسبب سوء إستخدامنا للتقنيات ،فمنذ فترة أصبحنا نجد تغطية واسعة ومفصلة لما يحدث بمحافل خاصة أو مناسبات رسمية ،كمراسم عزاء شخصية معروفة طالبت عائلته بالخصوصية و منعت دخول الصحافة ولكن هل هذا رادع للمعزين …؟ لا إطلاقاً وإلا لما وجدنا فنانين و مشاهير يوثقون تقديمهم لواجب العزاء من خلال تصوير فيديو سناب شات أو إلتقاط السيلفي خلال المراسم.

ومنها أيضاً نقل تفاصيل تصوير عمل ما مما يُفقد المشاهد الحماسة لمتابعته وهذا الأمر طبعاً من صالح الحسابات الفنية المخصصة لتصيد الأخطاء وكتابة النقد الفني ،فحرص الممثل على هذه التغطيات قد يكون سبب وراء أخطاء الراكور أو الأخطاء الإخراجية الفنية وحتى جمود وتصنع الممثلين حين يتعمد أحدهم التعليق على أداء زميله خلال مشهد جاري تصويره وكأن الدراما بوجود الأجيال المُستهترة أصبحت لعبة “أتحداك ما تضحك”

  • التشهير والتعدي على خصوصيات البشر:

موضوع ( ساحرة الرياض ) الذي تحول إلى قضية رأي عام بالمجتمع السعودي حتى أصبح الوسم الخاص به ترند عالمي ،بعيداً عن تفاصيل القضية ما الفائدة التي عادت على المصور من توثيق فعلته؟

ألم يكن تصرفه شبيهاً بتصرف رجل الهيئة الذي “تل” وضبط أحد مشاهير السوشيال ميديا منذ فترة و بفعلته هذه تعدى على مهام الشرطة ؟

و مثل هذه القضايا كثيرة فوسائل التواصل الإجتماعي معبأة بصور وفيديوهات فيها إقتحام مُباشر وصريح للخصوصية الإنسانية ،لم يعد هناك إحترام لهذه الحرمات ولا لقوانين البلد ومايحفظ كرامة الفرد و أصبح التصوير سلاح ذو حدين قد يرفع من قدر أحدهم لأسباب مجهولة كـ “مشاهير وسائل التواصل الإجتماعي ” أو يجيب للمصور “جرية” لم تكن بالحسبان ،كصاحب المكتبة الذي تحول بسبب تصرف غير مسؤول مدفوع بنية حسنة وغيرة دينية من رادعاً للمُنكر إلى مُشهراً يستحق العقاب.

ألم يكن أسهل عليه أن يرفض التعاون معها أو أن يُسلمها لأقرب مركز شرطة دون شوشرة وهذا أضعف الإيمان ..؟ ،معنى المواطنة الصالحه يتمثل بالإلتزام بالقانون وإحترام السلطات التنفيذية الموكل إليها مهمة تطبيق الأحكام واللوائح التشريعية ،قد يعتقد البعض أن التهور والإندفاع مساعدة لهذه الأجهزة وهذا غير صحيح فالتعاون يستلزم الإنصياع للأوامر والتقيد بالنظام.

  • إنتشار الشائعات:

أصبحت مجتمعاتنا العربية نسخه مصغرة عن مسرحية حديث المدينة أو فيلم إشاعة حب ،فكثرة الصور والفيديوهات مع وجود تطبيقات التحرير والفوتوشوب المجانية جعلت الحبة قبة في ثواني ،وارد جداً إقتصاص جزء من فيديو ونشره لهدف غير أخلاقي ،وراد جداً أن يُعدل بصورة فتُنشر لتشويش فكر الرأي العام ،وارد جداً أن تُقرصن وكالات أنباء عربية فتُخلق فتن بين دول تُغذيها خلافات “مُتسيسون” فسبحان الله الطفرة الإلكترونية وإجتماع العرب بوسائل التواصل الإجتماعي حولت كل من هب ودب إلى إعلامي ،أستاذ ،خبير ،محلل سياسي وإقتصادي بالمختصر كُلنا أصبحنا “أبو العُريف”.

المُلفت بهذا الموضوع هو تأييد البعض للنشر بحكم أن الهواتف الذكية أسقطت المحرمات ،فإدمان الناس على توثيق يومياتهم يتعارض مع قواعد اللباقة العامة مما يضع الشخص في حالة حيرة ما بين إستكمال التسجيل وما بين إحترام خصوصية الغير وطبعاً يختار بالنهاية أن يضع حداً لهذا الخلل ويعاود التصوير فالحياة أقصر من أن يجامل على حساب متعته الشخصية.

هنا يولد سؤال مهم: من الذي يحمل الثاني ويتحكم به ،نحنُ أم هواتفنا؟

من الذي كُرم بعقل وقدرات مهولة على االتفكير والإنتاج ،نحنُ أم هواتفنا؟

من الذي شب على أخلاقيات إكتسبها خلال مرحلة التنشئة وكانت تكبر وتزيد أهميتها يوماً بعد يوم ،نحنُ أم هواتفنا؟

بالوضع الطبيعي فالجواب هو: نحن.

إذن نحنُ من أسقط الحرمات وتعدى على الخصوصيات وأساء إستخدام التقنية عندما تخلص من كُتيبات الإستخدام واستورد التقنية دونما وعي لطريقة إستخدامها ،نحنُ وليس قطع إلكترونية “تهنق” إذا وقعت أو إمتلئت ذاكرتها.

فيديو كيف سقطت مُحرماتنا ..؟

 

أضف تعليقك هنا

ابتهال العمودي

ابتهال العمودي