الثورة العربية الكبرى من الوثائق الرسمية ( 1/ 7 )

ذكرى الثورة العربية الكبرى

جهل العديدين لأسباب الثورة العربية الكبرى

بمناسبة ذكرى الثورة العربية الكبرى تستدعي الذاكرة ما كتبه الشيخ محمد رشيد رضا في مجلة المنار تحت عنوان ” الوثائق الرسمية للمسألة العربية .. عود على بدء” مستعرضا في حينها المكاتبات بين أمير مكة بالأمس وملك الحجاز اليوم وبين نائب ملك الإنكليز بمصر قائلاً :  لا يزال جمهور المشتغلين بالسياسة من عرب الأقطار السورية والعراقية ومصر يجهلون أسباب الثورة التي قام بها أمير مكة بمساعدة بعض السوريين والعراقيين ؛ لأنه كان يكتم ما دار بينه وبين معتمد الدولة البريطانية في مصر ، وما اتفقا عليه ، حتى عن أولاده قواد جيوشه ، وإنما كان يمنِّيهم بأن الذي تقرر ، واتفق عليه الفريقان هو استقلال جميع البلاد العربية العثمانية ، وجعْلها مملكة عربية حرة له ! ، وقد ظهر بعد ذلك أن ما عرضه على إنكلترة ، فقبلت بعضه بقيود ، وشروط – يجعل البلاد تحت حمايتها في الداخل والخارج !

وقد كان جميع أنصاره وأنصار أولاده الأمراء موالين للدولة البريطانية إلى أن انكشف الغطاء ، وظهر ما كان مِن اتفاقها مع فرنسة على قسمة الولايات العربية بينهما من حدود مصر ، والبحر الأحمر إلى خليج فارس ، واحتل كل منهما حصته ، وتصرف فيها تصرف المالك فيما ورثه عن آبائه وأجداده من الأرض ، فعند هذا رجع بعضهم عن موالاتها ، وتعليق الآمال بها دون بعض .

نقض بريطانيا لوعدها استقلال وحماية البلاد العربية

ثم نشر الأمير فيصل في دمشق نص المعاهدة التي أخذها من والده ؛ ليحتج بها على الحكومة البريطانية ، وظهر منها أنها تتضمن حمايتها لجميع البلاد العربية التي طلب استقلالها ؛ ليكون ملكها ، فخابت آمال أناس آخرين ، وسكتوا عن التبجُّح أو الاحتجاج بذلك العهد أو الوعد ، ولكن لا يزال لهم أنصار يتولونهم ، ويتولونها ، وأنصار يتولونها من دونهم ، وآخرون يتولونهم من دونها ، ولا يزال فيهم مَن يطالب الدولة البريطانية بما تطالبها به جريدة ( القبلة ) بالأقوال الرسمية وغير الرسمية بأن تفي بعهدها ، وتنجز وعدها لملك الحجاز ، بل ملك العرب كلها

حكم الدولة العثمانية الإسلامية أرحم أم حكم بريطانيا؟

ومن العجائب أن يكون كثير من أهل فلسطين من هؤلاء الأولياء الذين يسمون ملك الحجاز ( بالمنقذ ) ، وإنما أنقذهم من حكم الدولة العثمانية الإسلامية ، الرحيمة المساوية بينهم وبين الترك في كل الحقوق ، ووضعهم بثورته تحت حكم سيطرة الدولة البريطانية ، والشيعة اليهودية الصهيونية ، ولا يزال يوجد فيهم مَن يظن أن وفاء الدولة البريطانية بوعدها بنيلهم الاستقلال ، كما يظن أولياؤه في سورية الشمالية أنه ينقذهم من فرنسة ، ولو بجعلهم تحت انتداب إنكلترة أو حمايتها ، وإن كانوا لا يجهلون أن انتدابها كان شرًّا على فلسطين من انتداب فرنسة على سائر سورية ؛ فإن كان الضغط على العراقيين دون الضغط عليهم ، فسببه أن حال العراقيين كانت خيرًا من حالهم ، وإنما تنال الشعوب باستعدادها وأعمالها ، لا بأمانيها وأقوالها . ندع هؤلاء الأغرار يتخبَّطون في غرارتهم وغرورهم إلى أن يعلم الزمان مَن كان قابلاً للعلم ، ويربي مَن كان قابلاً للتربية ، ونساعد الزمان على ذلك ببيان ما تمحَّص من الحقائق ، ونشر ما نعلم من البينات والوثائق ؛ لتكون عبرة للمعتبرين ، وحجة على الجاهلين والمكابرين .

كلما دخلت مسائل الشرق في طور جديد ترى المتَّكلين على صاحب الحجاز وأولاده من السوريين – ولا سيما الفلسطينيين منهم – عادوا إلى نغمة المعاهدة بين الملك حسين والإنكليز يطالبون بها ، ويزعمون أن الملك حسينًا وضعها ، وأمضاها باسم الأمة العربية لا باسمه وحده ، ونسأله تعالى أن يكفي هذه الأمة العربية شر تلك المعاهدة التي يريدون استعباد الأمة العربية بها .

مقررات النهضة – المعاهدة الإنكليزية العربية – وثيقة الشريف حسين

ألا أيها النائمون أفيقوا ، ويا أيها المخدوعون بأقوال العائشين من فضلات آكِلِي أثمان أمتكم وبلادكم تنبَّهوا ، قد آن لكم أن تعلموا أن تلك القصاصة من الورق التي يسميها الملك حسين ( مقررات النهضة ) ، ويسميها النافخون ببوقه المعاهدة الإنكليزية العربية ، هي وثيقة من الملك حسين بجعْل البلاد العربية كلها ، حتى الحجاز تحت حماية الحكومة البريطانية في داخلها وخارجها ، وتنص على إعطائها الحق باحتلال ولاية البصرة لتأمين السيطرة على العراق ، فيجب على كل عربي مخلص لأمته وبلاده أن يرفضها ، وينكر أن يكون لواضعها أدنى حق في وضعها ، والافتيات على حقوق مسلمي الأرض في الحجاز ، وحقوق زعماء الأمة العربية في الجزيرة وسورية والعراق بوضْعه هذه الوثيقة الموجبة لاستعبادهم ، وتصرف الإنكليز في بلادهم .

هذه المقررات هي التي نشرها الأمير فيصل قائد الجيش الشرقي لدول الحلفاء- يوم نشرها – وملك العراق اليوم في جريدة المفيد ، ونشرناها في المنار نقلاً عنها ، وإننا نعيد اليوم نشرها مع الوثائق الأخرى المتعلقة بها ، التي أشار الملك فيصل إلى أن الإنكليز اعترفوا بها ، ولم يعترفوا بوجود معاهدة .

-انتهى-

اقرأ سلسلة مقالات الثورة العربية الكبرى من الوثائق الرسمية بقلم هيثم صوان:

– الثورة العربية الكبرى من الوثائق الرسمية (1\7)
http://bit.ly/2uNd6Eq
– الثورة العربية الكبرى من الوثائق الرسمية (2\7)
http://bit.ly/2uNgpf8
– الثورة العربية الكبرى من الوثائق الرسمية (3\7)
http://bit.ly/2tP6J6G
– الثورة العربية الكبرى من الوثائق الرسمية (4\7)
http://bit.ly/2uMUTqz
– الثورة العربية الكبرى من الوثائق الرسمية (5\7)
http://bit.ly/2uN6TIV
– الثورة العربية الكبرى من الوثائق الرسمية (6\7)
http://bit.ly/2uMWVak
– الثورة العربية الكبرى من الوثائق الرسمية (7\7)
http://bit.ly/2uN0tcR

فيديو الثورة العربية الكبرى من الوثائق الرسمية بقلم هيثم صوان:

أضف تعليقك هنا

هيثم صوان

الكاتب هيثم صوان