متى نفطِم أنفسنا بأنفسنا ؟

من المعلوم لدينا أن الطفل الذي اعتاد على الرضاع لمدة سنتين أو أقل عندما يحلّ موعد فطامه يبادرنا الطفل بحالة من التمرد والبكاء المستمر لكن تحت إصرار الأم واحتيالها عليه، ومع عدة ليالٍ بلا نوم ومع الصداع الذي يأتي من بكاء الطفل وصراخه، وبالرغم من كل هذه المعاناة يهدأ الطفل يومًا ما، ويرضى بالأمر الواقع ويعتاد على أنواع جديدة من الطعام والشراب، ولعله ينسى أنه كان يومًا من الأيام طفلا رضيعا لا يعجبه إلا لبن أمه ..

لنعلم أن نفوسنا غالبًا ما تكون كمثل ذلك الطفل الرضيع الذي يحتاج لفطام، ومن الممكن جدا أن تكون تعودت على سلوكيات خاطئة التي تحولت مع الوقت إلى نوع من الإدمان أو العادة التي تحدد بشكل ما مصير الإنسان، لكن المفاجأة أننا يمكننا بقليلٍ من الصبر والإصرار والحزم والتحايل عليها أن نتخلص من هذه السلوكيات ونفطم أنفسنا مما اعتدنا عليه من سلوكيات وقناعات وأنماط فكرية، ومع ذلك فمنّا من يخفق في محاولاته لأنه لم يقم بجهد مماثل لجهد الأم التي تصر على فطام ولدها، وإن سألتني لماذا تنجح الأم دائمًا ويفشل بعضنا أو أكثرنا في الحقيقة؟
الجواب ببساطة لأن الأم لم تعط احتمالات، إنما هي توقن بأن الطفل لابد وأن يُفطم، فإذا ما كنت تفكر مثلها وتقول: لابد وأن أترك ذلك السلوك ولم تعط فرصة للتراجع، وأن التغيير ضرورة لا مفر منها أعدك بأنك ستنجح بإذن الله.

والتفسير العلمي لذلك أن لغتنا وكلماتنا تشكل حجر الأساس في نجاح أي محاولة تغيير، فإذا كنت تلقن “لا وعيك” بكلمات مثل: أستطيع – أقدر- يمكنني – سأنجح، ستجد مردود ذلك في صورة طاقة دفع نحو تحقيق أهدافك، والعكس صحيح .. فإذا كنت تردد كلمات مثل: محال – صعب – لا أستطيع – الواقع صعب – لا يمكنني النجاح – سأفشل بكل تأكيد، ستكون النتيجة منطقية بناء على برمجتك لعقلك.
والعالم الآن تجتاحه نوبات عنيفة من التغيير في كل بقعة منه وفي جميع المجالات والنواحي، والحقيقة أن التغيير في العالم لست معنيًا به بشكل رئيس- وإن حاولت أن تفكر فيه – لأنك قد تصل لأرذل العمر وأنت ما فكرت بعد في تغيير نفسك للأفضل، وهو الشيء الأهم والذي يحتاج منك المجهود الأكبر، واعلم أن ما تسميه “شخصيتك” و”طبعك” أكثره مكتسبا ولم يطبع في جيناتك يوم خرجت إلى الدنيا، وقناعتك بإمكانية التغيير هو أول خطوة في التغيير .. فلا تنس: التغيير ممكن إذا أردت.

فيديو متى نفطِم أنفسنا بأنفسنا ؟

 

أضف تعليقك هنا

وسيم الهلالي

وسيم الهلالي