وحدي فِي المساءِ المُشْتَهَى

 

 فِي المطعمِ الشَّتويِّ، عندَ الرَّصيفِ الأَخيرِ الَّذي، قد يُؤَدِّي ولا يُؤَدِّي، إِلى قُلوعٍ أَوْ هُبوط، ضَجِرْتُ مِنْ ضَجَرِي وَمَا تبقَّى مِنْ خَريفِ هُوِيَّتِي. مُستوحشاً ظَمِأً كاشتهاءَاتِ الغريبِ، أُمَسِّدُ فِيْ جَوْفِ اللَّيلِ مَداراتِي؛ رائِحةُ الرُّكنِ الحائِرِ، كرمادِ حريقٍ يتطايرُ حتَّى البعثِ؛ لَمْ يَبْقَ لِيْ إِلَّا مَمَاتُ الرُّوْحِ تَسْبَحُ فِيْ حُشاشَتِهَا الأَخيرَةِ، تَشُقُّ مَجراها البَعيدَ، كلمحِ الآهِ فِيْ غَسَقِ الدُّروبِ؛ لَمْ يبقَ لِيْ إِلَّا نقوشُ الطِّينِ فِيْ جسدٍ أَضاءَ اللَّيلَ مِنْ هَلَعِ السَّكينةِ، أَطفأَ شهقةَ المِصباحِ فِيْ قلبي وأَطيافَ النُّعاسِ، لَمْلَمَنِي، وعِقْدُ الياسمينِ على فِراشِ العُشْبِ يَقْهَرُنِي، كأَنْ، لمْ يُفَتِّتْهُ الأَنينُ، عَلَى سطحِ المَرايا المُعْتِمَة؛ لمْ يَبْقَ لي إِلَّا سؤَالُ البَوْحِ أَلمَحُهُ عَلَى شِفاهِ الفاتناتِ العابراتِ، كأَنَّهُ وَعْدٌ إِلهيٌّ يَضِجُّ خلفَ مشارفِ النَّهداتِ، فيضٌ هُيُوْلِيٌّ يا ربَّةَ الرَّباتِ، يا مليكَتِيَ الطَّريدةَ يا “إِفْرُوْدِيْتُ”.

ها أَنا وحدي، فوقَ المَقْعَدِ الخشبِيِّ،  وحَسْرَةُ الأَوراقِ تَنْبُشُ ما كَتَبْتُ مِنَ النَّشيدِ، وحدي مِنْ ضواحِي اللَّيلِ تأْتي إِلى قلبي المُهَشَّمِ والمُهَمَّشِ، وحدي يا “أَبُوْلُو”؛ نَزْفٌ إِضافيٌّ فِيْ حوضِ هذا الحُزْنِ يا “رَاْمْبُو” الأَميرُ، وحدي، أُراوغُ ما استطعتُ مِنَ التَّماهِي، يا إِلهي؛ هَيْتِ يَا امرأَةَ الأَساطيرِ الجديدةِ، يَنْشُبُ فِيْ دَواخِلِهَا الأُوَاْرُ، وحدي أُفتِّشُ عنكِ فِيْ مُدُنٍ أُسمِّيها خِساراتِي، وحدي وفِي “الأُوْرَاْلِ” وحدي، لا شيءَ لِيْ إِلَّا جِمارُ الشِّعرِ فِيْ نهديكِ يا فاءُ الأُنوثَةِ، يُشْعِلُ جَذوةَ الإِيقاعِ فِيْ رُوحي كما أَنَّا نشاءُ، لا شيءَ لِيْ إِلَّا مخاضُ الوحيِ فِيَّ، نَزَقٌ مِنْ حليبِ اللَّوزِ، تَغَمَّدَ زَهْرُهُ رَحْمَ السَّماءِ؛ وحدي عَلَى بَوَّابَةِ المنفَى أُطِلُّ، حيثُ ماءُ الشَّوقِ يَكْتُبُ سيرَةَ الصَّلصالِ، أُرْجُوانِيِّ الدَّلالةِ، غائِمِ التَّكوينِ، وحدي فِيْ حَضْرَةِ التِّذكارِ، أُنازعُ ما استطعتُ مِنَ الحنينِ، وحدي، كأَنِّي رَغْمَ ما فِي الهَجْرِ مِنْ وَصْلٍ وما فِي الصَّحْوِ مِنْ سُكْرٍ، تَعَمَّدَنِي البقاءُ عَلَى يديكِ .. كأَنِّي الآنَ مِتُّ.

 

 فيديو وحدي فِي المساءِ المُشْتَهَى

 

أضف تعليقك هنا

معين شلبية

الشاعر معين شلبية
-
ولد في قرية المغار الجليلية التي تطل على بحيرة طبرية عام 1958.
أنهى دراسته الجامعية في جامعة حيفا.
شارك في أمسيات ومهرجانات ثقافية، شعرية، عربية وعالمية عديدة أهمها:
معرض القاهرة للكتاب – مصر.
مهرجان جرش- الأردن.
ملتقى فلسطين الشعري – رام الله / فلسطين.
مهرجان تيرانوفا- روما / إيطاليا.
المهرجان العالمي أيام وليال من الأدب - بوخارست / رومانيا.
مهرجان الشعر / مؤسسة محمود درويش للإبداع.
مهرجان الشعر العالمي- إسطنبول / تركيا.
مهرجان القدس عاصمة الثقافة العربية.
مهرجان الدوحة الثقافي - قطر.
مهرجان أمسيات ستروغا الشعرية - مقدونيا.
مهرجان أيام شعرية في سراييفو / البوسنة.
مهرجان الشعر والنبيذ / كوسوفو
مهرجان الشعر "أنتاريس" جالاتس – رومانيا
المؤتمر الثقافي لاتحاد الكتاب العرب – دولة الإمارات المتحدة 2017
-
ترجمت قصائده إلى عدة لغات منها: البوسنية، المقدونية، العبرية، الفرنسية، الإنجليزية، التركية، الإيطالية، الإسبانية والبولندية.
-
عضو في اتحاد الكتاب العرب، حركة شعراء العالم، مؤسسة الأسوار ومؤسسة محمود درويش للإبداع.
المدير التنفيذي لموقع مؤسسة محمود درويش للإبداع - الجليل.
نال تكريماً من وزارة الثقافة الفلسطينية (تقديراً لجهوده المباركة في إثراء الثقافة الوطنية ووفاءه لقضية شعبه ولمبادئ العدل والحرية - المصدر)، وحاز على شهادات تقدير عديدة.
نال تكريماً من ملتقى المثقفين المقدسي وحصل على "درع الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود".
تناولت نتاجه الأدبي عدة دراسات نقدية.
عمل بكد وجهد على تحقيق التطلعات لشعبنا من خلال المواقع العديدة؛ ويعتبر حياته ليست سوى وميض في خوالد المكان والزمان، ولكنها دائمة الصراخ، دائمة السفر، دائمة التخيّل.
-
الأعمال الشعرية:
الموجة عودة 1989    دار الأسوار للثقافة الفلسطينية -  عكا
بين فراشتين 1999    المؤسسة العربية الحديثة -   القدس
ذاكرة الحواس 2001    المؤسسة العربية الحديثة -   القدس
طقوس التَّوحد 2004    دار الأسوار للثقافة الفلسطينية -  عكا
هجرة الأشواق العارية 2008    دار الأسوار للثقافة الفلسطينية -  عكا
قصائد عالقة 2014   الثقافية للنشر والتوزيع – تونس
-
الأعمال النثرية:
تأملات          1992   النهضة للنشر والتوزيع - حيفا
مساء ضيّق    1995   أبو رحمون للنشر -  عكا
شطحات        1998  منشورات البطوف  - حيفا