أمة على حافة الهَاويةٌ

لقد طرقت مسامعنا كلمة “أبادة” كثيراً تلك الايام،في الوثائقيات، في الجرائد، وحتى في النشرات ربما في نشرة الخامسة بالأمس !

فنجد مقدم النشرة يقول (بالنمط الصوتي المألوف) :

وفي ذكرى أحد أبشع الأبادات التي قادها فريق واحد ضد فريق أثنان، حيث قام فريق واحد بقتل ممنهج لملايين الرجال من فريق اثنان، وأغتصاب النساء وحرق القرى .

ثم ينتقل المشهد بسرعة إلى تقرير مفصل عن تلك الابادة .
سيدة مسنة تتحدث ببطئ في تأثر شديد عن زوجها وأطفالها الثلاثة الذين قتلوا على يد الفريق واحد في تلك الأبادة،وما هي إلا دقائق حتى تنفجر المرأة المسنة من البكاء وكأن ذلك كان بالأمس .

وإذا بحثنا عن كلمة “أبادة” في المعجم العربي، تجده يخبرك أنها : قتل منظم لشعب بأكمله .

ولكن هل يوجد أمة قد كادت أن تبيد نفسها!!

كان ذلك من زمن بعيد ربما قبل 1700 أ, 1800 عام ، في شبة جزيرة يطوقها الماء من ثلاث جوانب،والروم والفرس.

كانت بعض القبائل العربية هي التي تسكن تلك المنطقة، التى كانت تسير على خطى النبي إبراهيم ،
وفي لية وضحها تيغير كل شئ على يد عمرو بن لحي الذي أتى من الشام بآلهة جديدة .
عمرو : يا قوم هل علمتموني إلا اني اريد مصلحتكم .
الناس : لا والله يا عمرو .
عمرو : يا قوم، أني أرى تلك الآلهة التي أتيت بها من الشام خيراً لكم، فالناس يدعوهم بالرزق فيمدوهم ، والولد فيعطهم …

ولسيادة عمرو ،ومكانته المرموقة في شبة الجزيرة لم تمضي بضع سنين حتى أنتشر الآله الجديدة في شبة الجزيرة العربية
فيتوارث عبدتها جيل بعد جيل اللهم إلا بضع رجال بقوا على دين إبراهيم،ولم ينخدعوا بكلام عمرو.
وسنة تجر سنة وحال العرب يزداد سوءاً، الرجل يوئد بنته خيفة العار ، والآخر خيفة الفقر ،
ما عادت القبائل تراعي حرمت الدمٍ ، فأصبحت صنعتهم سفك الدماء ، فاليوم عدي تغير على تغلب ، فتقتل بعض رجالهم ، وتغلب تنهض للأخذ بالثائر فتغير على عدي ، وثأر يجر ثأر، في دائر لا نهاية لها ، ومن ينسى حرب “البسوس”

في ذلك اليوم الذي راحت فيه خطوات “سراب” الناقة إلى ملك كليب بن ربيعة ، فلما رآها كليب بين إبله أخذته الحمية ،و أنكرها فرماها بسهم في ضرعها فنفرت ،
فما أن علمت البسوس حتى صرخت : ” واذلاه ! واجاراه !” وأنشدت:

لعمري لو أصبحت في دار منقذٍ لما ضيم سعد وهو جار لأبياتي
ولكنني أصبحت في دار غربةٍ متى يعد فيها الذئب يعد على شاتي
فيا سعد لا تغرر بنفسك وارتحل فإنك في قومٍ عن الجار أموات
ودونك أذوادي فخذها وإنني لراحلة لا تغدروا ببنياتي

فلما سمعها الجساس بن مرة غضب، وركب فرسه، ولحق به عمرو بن الحارث الشيباني حتى دخلا على كليب في حماه فقال جساس لكليب: “أيا أبا الماجدة، عمدت إلى ناقة جارتي فعقرتها” فقال له كليب: “أتراك مانعي إن أذب عن حماي؟” فغضب جساس فضرب كليب وقطم صلبه ثم جاء عمرو فطعن كليبا من خلفه فقطع بطنه حتى وقع كليب،
وما هي إلا لحظات حتى أشتعلت نيران المعارك، وعلت أصوات الصليل ، وسالت الدماء ، ودم يجر دم ،
حتى قيل أنها أستمرت أربعون عاماً !

فالقضاء على النسل بوئد البنات، وقتل القبائل بعضها بعضاً كومة،

والأمبراطوريات الروم والفرس التي تتوق شبة الجزيرة كومةً آخرى، فما العرب في شبة الجزيرة إلا لقمة صائغة في أعين ذئب متعطش للدماء أو ثعلباً مكاراً ، وخصوصاً بعد ما رأوه من فرقة ونزاع بينهم، ورغبتهم المتزايدة في تكنيز الأراضي
ولعل الأمر أصبح واضحاً وضوح الشمس في الظهيرة، العرب يقتلون أولادهم فيقطعوا بذلك نسلهم، وبين حرب هنا وهناك، وتربص الامبراطوريات حولهم كان العرب بلا شك على حافة هلاكاً محتم، بل أنقراض، هذه أمة كانت تبيد نفسها بغفلة منها وبدون شعور، وما أشبه الماضي بالحاضر .
وفي نهاية الامر ألا تسألوا أنفسكم كيف بقينا إلى يومنا هذا نتكاثر، ونتوارث لغتنا وديننا وعاداتنا جيلاً يسلمها جيل إلى الآن ؟

فيديو أمة على حافة الهَاويةٌ

 

أضف تعليقك هنا