((الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ))

هكذا كانت الحياة عندما يسكت الانسان عن حقوقه امام الظلم والاستبداد، تظهر ملوكاً واقواماً وقومياتً ودولاً تظن بانها لن تزول ولن تسقط، ولذللك فإنها من كبرها وتعاليها لا تخشى من أي أحد، هكذا انتهكت الحرمات واستباحت الدماء، ولكن في ذلك الوقت كان الانسان مدعوماً بحضور الأنبياء والرسل، هم من يوجهون الناس لكيفية النجاة من هؤلاء الطغاة، وان استهتر الطغاة أكثر وحاصروا الضعفاء والمظلومين كان الرد من الله لهم، ليضع سبحانه وتعالى نهاية لهذا التجبر والعظمة واستساغة قتل الانسان.

هذه الآية الكريمة من سورة الفجر، تتكلم عن ثلاثة حضارات عاشت على هذه المعمورة، وهم عاد وثمود وفراعنة مصر، وكلهم تم القضاء عليهم بقدرة الله، فكان الله تعالى بالمرصاد، اما المؤمنون فكانوا مستضعفين اذلاء، كل ما استطاعوا فعله هو الخروج مع انبيائهم ليهاجروا او يهربوا من قومهم ليتكفل الله تعالى بتحريرهم من الظلم والجور.
ولكن بعد ان ختم الله الرسالات برسالة النبي الاكرم محمد صلى الله عليه واله وسلم، لم يعد هناك من نبي ليدافع عن الفقراء والمظلومين، لقد انتهت مرحلة الوقوف امام الظالمين من غير حراك، فمن يا ترى سيتكفل بهذا الدور؟ واي طريق على الأمم ان تتخذه لكي تقف امام الطغاة والقتلة؟ كيف سينتصر المستضعفين في الأرض؟

يقول الرسول الاكرم صلى الله عليه واله وسلم: ((حسين مني وانا من حسين))، الحسين ع وهو ابن علي ابن ابي طالب ع وابن فاطمة الزهراء ع، وهو الحفيد الثاني وسبط رسول الله، هذه الشخصية التي لطالما أعطاها الرسول الأعظم مساحة كبيرة من اهتمامه ورعايته، قد ظهر دورها الكبير في حياتنا الإنسانية، من خلال الحسين ع انتقلت قصة المظلومية من حيزها الضيق والاستعانة بالغير للمطالبة بالحقوق، الى المطالبة الشخصية وان كانت ستنتهي بالقتل.

هذا ما حدث للامة الاسلامية، حينما اعتلى عرش السلطة من لا يراعي حقوق العباد، وينتهك الحرمات والمقدسات، ويستبيح دم الأبرياء، لا يثنيه دين او معتقد من فعل الممنوعات والمحرمات وسفك الدماء، هكذا وصلت الحال الى نشوء دولة لا تراعي الحقوق، أصبحت تنافس الفرعون ببطشه وهيمنته وطغيانه، وتضرب بعرض الحائط لكل القيم والمفاهيم الإنسانية، هذه الدولة كانت بحاجة الى من يقف بوجهها علناً نهاراً جهاراً، لا خوف من قتل او تردد في الفعل، ولذلك فإنها بحاجة الى الرجل الشرارة، والى الدم الموقد لشعلة الحرية، لينطق بكلمته التي تتردد دوماً وابداً، كلما أصاب الاحرار الضيم، وكلما مس الاحرار الظلم والاضطهاد والتعسف، وكلما خرج المستضعفون من حفرة العبودية والتبعية والسجود لغير الله، تتردد هذه العبارة الملهمة للصبر والاستنكار والثورة والتضحية في سبيل المبدأ، انها عبارة ابي الاحرار الحسين ع: ((هيهات منا الذلة)).

في يوم العاشر من المحرم عام 61هـ، وقف الحسين ع مع أصحابه القلة امام جيش الظلم والطغيان والهمجية، لا لشيء سوى الحرية، والاقرار بالعبودية لله تعالى، فالحاكم الظالم والطاغية لابد ان تصدح أصوات الاحرار بوجهه، والحسين ع كان الصوت الأول، خرج مصلحاً لا معتدياً على الاخرين، قاطعاً حجه ومتوجهاً باهله واصحابه الى حيث النهاية المشرفة، ورغم كل العروض الدنيوية التي قدمت له من دولة الطغيان، الا انه لم يبالي بها، فليس الهدف العيش في قصر او امتلاك الأموال، بل الهدف هو ان تعيش حراً عزيزاً وفخوراً بهذه الحرية.
فقدم الى مذبح الإباء وعدم الرضوخ للظالمين، أبنائه واصحابه واخوته، حتى الأطفال لم يسلموا من هذه المجزرة الوحشية، مجزرة أظهرت مدى خطر هذه الدولة وهذا الكيان الغاصب والقاتل، وهم يحملون شعارات اسلام الرحمة، ليقتلوا ببرودة الدم ابن بنت نبيهم، بل ولا يبالون بقتل اطفاله، وسبي نسائه، وحمل رؤوس الشهداء، وإظهار الاحتفال بهذا الانتصار الزائف، انتصار على الأطفال والنساء.

دم الحسين ع وصوته لم يذهبا بلا فائدة، فصوت الاحرار لم يسكت، ومازال الطغاة يخشونه ويحاربونه، مازالت الشعلة التي اوقدها الحسين ع تدلنا الى الطريق، وتضحياته ترخص كل ما نقدمه في سبيل نيل الحرية، فشهداء تلو الشهداء، والمسيرة التي حاربتها عشرات الحكومات الطاغية لم تستطع ايقافها، سكتت ابواق الطغاة ولم يسكت صوت الحسين ع.
فيا ايها القارئ الكريم، الم تر كيف فعل الحسين ع بالطغاة؟ وكيف انتصرت تضحيته رغم بشاعة الجريمة التي ارتكبوها معه، لذلك فان كنت حراً عليك ان ترفض ما رفضه الحسين ع واصحابه واهل بيته يوم عاشوراء، وان تتصور نفسك حيث الحسين ع وهو ينوي الخروج الى مصرعه، ومن ثم التفت يميناً وشمالاً وانظر حزبك وعشيرتك واهل بيتك واصحابك، هل هم مع الحسين ع؟

أيها القارئ الكريم، ان كنت لا ترضى بالظلم والهوان والعبودية، وسنحت لك الفرصة ان تقف مع الحسين ع فهل انت مستعد للموت من اجل المبادئ والقيم والمثل العليا؟ هل انت مستعد ان تترك الدنيا وملذاتها من اجل ان تكون ذلك الصوت المدوي وذلك الاعصار المدمر وان تكون ماء البحر الأحمر الذي اباد الظالمين؟ هل انت مستعد ان تكون مع معسكر الحسين ع؟

ان كنت على استعداد ان تكون مع الحسين ع في معسكره، عليك ان تكون اهلاً للدخول اليه، والانضمام الى صفوفه، فهو معسكر الشرفاء، لا هاتكيَ الاعراض، معسكر لا يقبل المنافقين والسراق، ولا يقبل القتلة والمعتدين على الناس، لا يقبل المفسدين، ولا يقبل أصحاب الفتن، معسكر الحسين ع أكبر من ان يكون ملاذاً لسالبي الحقوق، ومريدي الفتنة، انه للجميع، من المسلمين وغيرهم، بشرط ان يدخلوه طاهرين، لا بثيابهم بل بعقولهم ونواياهم وافعالهم.

فهل انت مستعد أيها القارئ العزيز للدخول الى هذا المعسكر؟
انا ما زلت أربي نفسي للوصول اليه، وأمني النفس ان أكون في معسكر الحسين ع، وحتى ذلك الحين سأبقى اردد كلمته الملهمة ((هيهات منا الذلة))
والحمد لله رب العالمين

فيديو ((الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ))

 

أضف تعليقك هنا

نجم الجزائري

السيرة الشخصية:
نجم عبد الودود الجزائري، ولدت في العراق في محافظة البصرة عام 1980، من ابوين عراقيين، حصلت على شهادة الدبلوم في تقنيات الهندسة المدنية عام 2000، وفي عام 2007 حصلت على شهادة البكالوريوس في ادارة الاعمال من جامعة البصرة، وظفت في جامعة البصرة وما زلت اعمل فيها.

مهاراتي:
* اجيد استخدام الحاسوب وصيانة الحاسبات
* اجيد استخدام البرامج الخاصة بالطباعة والتصميم والرسم الهندسي
* اصمم مواقع الكترونية بسيطة
* كاتب مقالات عامة
* اجيد تصميم البرامج الحسابية وقواعد البيانات باستخدام برامج المايكروسوفت اوفيس
* اجيد فنون الدفاع عن النفس واستخدام السلاح الابيض والخفيف والمتوسط
*