صاحبنا….بین استدعاء الماضي واستشراف المستقبل

صاحبنا….بین استدعاء الماضي واستشراف المستقبل
انتابته حالة من الإكتئاب شدیدة… وطفق یتجرع كأس الذل الذي اعتاد علیه كلما
واجه المسلمون محنة جدیدة ….فهرع صاحبنا لموسوعة التاریخ التي یأوي إلیها كلما انتابته حالته تلك….فاستخرج منها جرعة مسكنة
من أیام المسلمین الخالدة فوقع اختیاره على عین جالوت وكیف أوقف قطز وبیبرس طوفان المغول الذي لم یبق ولم یذر …فتهللت
أساریره وهدأت روحه واطمأنت نفسه…
ثم عاد صاحبنا لحاضره وواقعه لیعیشه دون فائدة تذكر أو تغییر …
استدعاء التاریخ لیس عیباً.. فلا یمكن استشراف المستقبل إلا عبر بوابة الماضي والاستفادة منه .. لكن صاحبنا جعل التاریخ ملاذه الآمن
یفر إلیه كلما أعیاه واقعه!!
ومع توالي الأزمات المعاصرة تحولت حالة الاكتئاب عند صاحبنا لحالة مزمنة مستعصیة ..وأصبح استدعاء التاریخ غیر مجدٍ! فالجراح
غائرة والنفوس خائرة والأرواح حائرة وقد اعتادت على تلك الجرعة التاریخیة المسكنة حتى غدا صاحبنا كمدمنٍ لا یجد ضالته فیما أدمنه
!!
صاحبنا فكر وقدّر ..فوقع على أحادیث المستقبل..فهتف هاتف في داخله قائلاً نعم علیك باستشراف المستقبل فإلى متى ستبقى قابعاً بین
جنبات الماضي؟!
فأخذ في تناول أحادیث المستقبل التي أخبر بها النبي صلى الله علیه وسلم وما لبث إلا وأقنع نفسه بأنها هي المخرج مما هو فیه
فأسقط تلك الأحادیث على واقعنا
فوقع على ما روي
عن على بن ابى طالب رضى الله عنه : ” إذا اختلف الرمحان بالشام , لم تنجلِ
إلا عن آیة من آیات الله قیل: وما هي یا أمیر المؤمنین؟ قال: رجفة تكون بالشام….. یهلك فیها أكثر من مائة ألف ،
و یجعلها الله رحمة للمؤمنین وعذاباً على الكافرین ، ویسقط الجانب الأیمن من حائط المسجد الأموي
فإذا كان ذلك , فانظروا إلى أصحاب البراذین الشهب المحذوفة ، والرایات الصفر , تقبل من المغرب , حتى تحل بالشام ، وذلك عند
الجزع الأكبر والموت الأحمر … فإذا كان ذلك فانظروا خسف قریة من دمشق , یقال لها حرستا فإذا كان ذلك خرج ابن آكلة الأكباد من
*.… .” ! الوادي الیابس … حتى یستوي على منبر دمشق فإذا كان ذلك فانتظروا خروج المهدي
فصاحبنا الآن في انتظار الرجفة ثم المهدي
فقد خلع ربقة العمل من أجل أمته من عنقه !!
كثیرٌ منا الیوم لا ینفك حالهم عن حال صاحبنا …فبینما نعجز عن حل أزماتنا نهرع لماضینا او لأحادیث المستقبل لنجد ما ینزع عنا
عناء البحث الجاد والعمل
الشاق الذي نستجلب به النصر
أدهى من ذلك وأمر
أن تستمر تجارب صاحبنا باستدعاء التاریخ أو استشراف المستقبل على طریقته تلك دون أدنى فائدة او عائدة …فیذهب صاحبنا لواقعه
!! أخیراً ولكن لینسب أي بوادر نصر صغیر لأناس تلطخت أیدیهم بالدماء والخیانة
یبدو أن حال صاحبنا كما وصفه الشاعر
! كلٌّ له من خیالِ الوهمِ فاتنةٌ ::: یأوي إلیها إذا أعیاهُ واقعُهُ
___
*قال الشیخ محمد رشید رضا:” وكانت هذه الروایة قد وضعت فیما یظهر بعد أمیر المؤمنین; للتبشیر بانتقام المهدي من معاویة ; ثم
حملوها على السفیاني الذي كثرت الروایات في خروجه قبل المهدي”.(تفسیر المنار).

فيديو صاحبنا….بین استدعاء الماضي واستشراف المستقبل

أضف تعليقك هنا