صدام حسين والتنمية الانفجارية

أكبر دليل على وجود عبقري أن ترى الناس جميعا تقف ضده ؛ ولا يكاد يظهر الإنسان الفريد حتى يقف الناس منه موقف العداء ؛ يقاومونه ويشهرون به ويحشدون ضده كل قوى التفاهة والضحالة والسوقية …

..وتمر علينا في هذه الأيام ؛ ذكرى رحيل إنسان عبقري فريد..
تعود ذكرى ارتقاء روح النضال والكفاح ولواعج الشوق نحوه تحرقنا..
تعود ؛ من جديد ذكرى رحيل القائد الفذ صدام حسين المجيد ؛ لتكرس فينا أكثر ؛ معنى ذلك الفقد وعظم تلك الخسارة

تأتي هذه المناسبة وهناك من يسعى جاهدا إلى تجاهل هذا الرجل وتاريخه ؛ والعزوف عن شخصيته الفذة وتاريخه الحافل بالمنجزات والتضحيات الجسيمة ..

ولكن ؛ مثل هذه الرموز وهذه الهامات ؛ لا خوف عليها ؛ فلا يستطيع أبدا أن يتجاهلها التاريخ أو يغض الطرف عنها مهما تنوعت أساليب المرجفين والمغرضين في النيل منها ومن ما صنعت ..

هناك من كان ينظر إلى شخص صدام بأنه غير مسؤول ؛ ومتهور في قراراته وغبي سياسيا ..
إظافة إلى ذلك أنه كان يحب أن يشاهد الأحداث في المنطقة وهي متوترة ومتسارعة ؛ أيضا هو شخص لا يهمه أمر شعبه ولا أمته وغير ذلك من التهم الباطلة والشائعات الزائفة . .
.. كان يصوره أعداؤه ومعارضيه بهذه الطريقة ..
على الرغم أنه كان على النقيض من ذلك تماما ..

وبهذه المناسبة

كان لزاما علي أن أتطرق وأطلعكم على لمحة بسيطة من تجربة ذلك الرجل ؛ لنكون على الأقل منصفين حتى بعد موته …

كانت له تجربة فريدة في الوطن العربي ؛ كانت خطة واستراتيجية الرئيس صدام حسين ؛ هي تحويل العراق الذي يتميز بموقعه الجغرافي والإستراتيجي إلى قوة إقليمية عظمى ؛ خطط لذلك وأعد استراتيجية متكاملة للتنمية ؛ ساعده على تنفيذها ثراء العراق بالموارد الطبيعية وفي مقدمتها النفط ووفرة المياه للزراعة وقوة بشرية استطاع تنميتها وتطويرها من خلال برامج تعليمية أساسية وجامعية طموحة ؛
.. وكان طموحه وتفكيره دائما تفكيرا شاملا بمصلحة الأمة العربية ؛ ولم يكن يتناول ذلك من بعد شخصي في إرساء مملكة خاصة به ؛ وهذا هو ما ميز ذلك الطموح وذلك الحلم بوطن عربي واحد ؛ وكبير ..

وقد شهد العالم في السنوات الأولى لتلك التجربة نجاحات مذهلة ومتعددة ؛ انعكست جليا في السنوات الأولى للتجربة وأثبتت صدق التوجه وترجمة ألأفكار على أرض الواقع ، فانتشل المجتمع الذي هو أساس بناء الدول من حضيض الجهل والتخلف وركز على ذلك كثيرا حتى هبط معدل الأمية إلى مستوى صفر كما قام بافتتاح الكثير من المشاريع التنموية الفاعلة وأصبح يطلق على تلك النهضة المتسارعة والتنمية الشاملة آنذاك بالتنمية الانفجارية ولعل المقصود من هذا الوصف اللافت أنها تنمية لم تترك مجالا من المجالات الأساسيه إلا واندفعت إليه لترتقي بنوعية المواطن العراقي وفي أسرع وقت ممكن ..

ولم يتردد صدام حسين

بحكم نزعته القومية العربية والإسلامية الغلابة في فتح حدود العراق أمام المواطنين العرب الذين يرغبون في العمل في مشاريع التنمية العراقية بل أنه وهذه سابقة تاريخية دعا مئات الألوف من الفلاحين المصريين لكي يستوطنوا العراق ويفيدوه بخبراتهم الطويلة في الزراعة وملكهم أراضي وساواهم في المعاملة تماما مع أشقائهم العراقيين واستطاع الرئيس صدام حسين أن يبني ؛ ويقود شعب العراق ..
ذلك الشعب الذي له تاريخ اجتماعي فريد ؛ ويتألف هذا البلد من مذاهب دينية متعددة وأحزاب سياسية متصارعة وقوى اجتماعية متناقضة
لكنه استطاع بحنكته القيادية بث روح التآخي والتآزر والترابط والتلاحم بين أبناء الشعب ؛ وكذلك القناعة بعدالة مشروعهم والاصطفاف خلف مشروع النهضة والتطور ، وحل الخلافات الداخلية ؛ وطمس تاريخ تلك الصراعات ..
ليظهر بذلك عراقا قويا موحدا ناهضا طموحا ..
على الرغم من كل الدسائس والمخططات التي ظلت تحاك ضده طيلة فترة حكمه .. سواء من قبل عملاء الداخل أو من أعداء ومتآمري الخارج ..
وكانت المؤامرات تحاك باستمرار لا ينقطع والبناء والتطور والتقدم بكافة أشكاله ومستوياته متواصلا كذلك
ومستمرا ولا ينقطع

كان النهوض موازيا لكل صنوف المخططات ؛ والحصار الذي دام ما يقارب ثلاثة عشر عاما ..
تم الاستخدام فيها شتى وسائل الحرب والتضييق والخناق لإخضاع الشعب العراقي وإذلاله ؛ ولكن دون جدوى
… فقاموا بارتكاب الوقاحة ؛ قاموا بارتكاب تلك الجريمة ؛ وتلك الهمجية بحق شعب العراق البريء لا لشيء إلا لأنه قال نعم للبناء ؛ نعم للاكتفاء ؛ لا للركوع والانحناء ..

قام تحالف عدواني امبريالي يعد الأكبر في التاريخ المعاصر ؛ ومضى يحشد كل قوى التفاهة والضحالة والشر ؛ في عدوان بربري غاشم
..ارتكب كل حماقاته وطرح كل فضلاته وسكب كل حقده ومرضه بكل جنون وتهور ..
ليبدأ بعدها العد التنازلي لكل ماهو جميل في العراق تم تدمير العراق ومقوماته وكل مقدراته بدافع حقدي دفين تم تدمير الأرض والإنسان في هذا البلد العريق .. دمروا الآلة العسكرية والجيش الذي كان يعد من أوائل الجيوش المؤهلة علميا والتي تتصدر العالم تدريبا وعتادا .

... لماذا حصل كل ذلك إذا ..

وتجاه شعب بريء … ؟
حصل كل ذلك لأن الحالم عربي ولأن الحلم كان كبيرا والطموح شاهقا .. كل ذلك لأن العربي بدأ يفكر .. بدأ يتيقظ بدأ يحاول أن يكون هو ؛ أن يصنع ذاته وأن يعتمد على نفسه كعربي صاحب حضارة وتاريخ ؛
كل ذلك الحقد لأن صدام حاول أن ينتشل الأمة من سبات عميق طال ليله ومن ذل وخنوع تكرس على مرور الأيام والسنين لأنه حاول خلال فترة حكمه أن يرقى بمستوى ومكانة العرب والمسلمين ويجسد نضالات الآباء والأجداد في إعادة روح النضال والجهاد
إعادة الروح المعنوية ورد الاعتبار لتلك المكانة التاريخية في حضارة العرب والمسلمين في ذلك المشروع الذي تبناه هو ومن معه والاستراتيجية التي كانت ستسمح اذا ما استمرت وتضافرت معها جهود الجميع في إيجاد وحدة عربية قوية وشاملة وغنية وكفيلة بإيجاد توازن نوعي في المنطقة التي ما تزال تعاني الاختلال الذي أصابها حتى اليوم .

فيديو صدام حسين والتنمية الانفجارية

 

أضف تعليقك هنا

محمد خالد الحسيني

محمد خالد الحسيني
بكالوريوس إعلام - جامعة صنعاء
دبلوم سكرتارية وحاسوب - وزارة التعليم الفني والتدريب المهني
كاتب سابق لدى صحيفة أخبار اليوم.
حاصل على شهادة استحقاق وتقدير وجدارة في العمل الإعلامي وصياغة التقارير، من مكتب وزارة الإعلام في صنعاء.
شهادة مشاركة وتقدير؛ في دورات الصحفي المحترف، من قطاع الطلاب في جامعة صنعاء