عندما يأتي العيد .. يبكي الفقير

في اليوم الذي يضحك فيه كل الناس ، ويفرح ويمرح فيه الجميع ، ويرتدي الكل صنوف الأردية والحلل ، ويتبادل الأحباب والأصحاب فيه الهدايا والزيارات .
في هذا اليوم بالذات يبكي الفقير ؛ تذرف عيناه بالدموع وتكون تلك الدموع حينها من دم .

يتلهف جوعا!

عندما يأتي العيد تداهم الهموم والأحزان رأس الفقير ؛ فتهد كيانه وتحطم أركانه ؛ وهو يرى جيرته وأصدقائه يسرحون ويمرحون ؛ وهو بين أحضان الفقر والحرمان يتلهف جوعا ؛ ولا يجد ما يسد به حاجته فيبكي .

تمر عليه لحظات العيد بطيئة رتيبة ، لحظات انكسار وانهزام صعبة جدا .. ما أثقلها على ذلك الفقير الشريف العفيف الذي يأنف أن يمد يده إلى الغير ! .

يشعر المسكين بالنقص والذل ؛ وهو يلتفت يمنة ويسرة فلا يرى إلا الخيبة أمامه ،
فيمر العيد عنده كأي يوم عابر ؛ لا نكهة له ولا طعم ، ولا أي شيء يمكن الوقوف عليه ؛ سوى أن العيد مناسبة فقط لتعميق جراحه وفتح أبواب همومه وغمومه على مصراعيها ..

العيد بالنسبة للفقير يأتي يذكره بفقره ويؤكد له عجزه وقلة حيلته ؛ يأتي فقط ليرسم في قلبه مشقة الزمان وصعوبة الحرمان ..

فقلب الأم يتفطر كمدا ، وهي تلقى أطفالها بمشهد البؤس والحرمان ولا تجد أي حيلة لإضفاء حنانها المكلوم عليهم .

..وينهزم الأب أمام سؤال ابنه الذي لم يجد له جوابا .. فينهد ويتحطم وترسم الخيبة على وجهه ويظهر العجز على محياه ..

.. يتساءل الإبن ، أبي يا أبي بقي أنا فقط من أصدقائي لا يوجد لدي ألعاب ..
يا أبي لماذا يلبس أقراني الجديد ؛ وأنا لا أجد سوى هذا الثوب الرث المتهالك …

تساؤلات لا تنتهي

… ينظر أطفال الفقراء إلى غيرهم وبرؤوسهم تساؤلات لا تنتهي ..
ما الذي حرمنا نحن من هذا ؟
لماذا هم سعيدون ونحن لا ؟
لماذا لماذا ؟

فيحاول بعض الآباء عبثا ؛ منع أطفالهم من مشاركة أقرانهم أفراح العيد خشية أن يترسخ عندهم شعور النقص ؛ رغم أن ذلك يزيدهم شعورا بالانطوائية والعداء والدونية …

فكيف يطيب لإنسانِِ العيش بفرح ومرح ؛ ولا ترى عيناه مشاهد الجوع وهو ينهش أجساد الفقراء .

أيها الإنسان .. كيف يسمح لك ضميرك توفير كل ما لذ وطاب حتى الأشياء التي لا داعي لها ولا تحتاجها ، بينما هناك أسر يتوارى أطفالها خلف الجدران خجلا من أن تقع أنظار أقرانهم على أرديتهم البالية الممزقة ، ولا يرق قلبك فتساعدهم .

… إذا سمعت بكاء أطفال الفقراء ؛ يوم العيد ؛ اسألهم لماذا يبكون ؟ لماذا عيونهم البريئة تذرف بالدمع ؟ اسألهم ؛ وإياك أن لا تسأل ؛ إياك أن تغفل عن ذلك ؛ فالخزي والعار سيلصق بك ما حييت .
أيقظ ضميرك واسأل ؛ فالضمير قد لا يموت ؛ لكنه ينام .. أيقظه من سباته وتفقد كل من شق عليه الزمان ، وتجرع كؤوس الفقر والحرمان .

فيديو عندما يأتي العيد .. يبكي الفقير

أضف تعليقك هنا

محمد خالد الحسيني

محمد خالد الحسيني
بكالوريوس إعلام - جامعة صنعاء
دبلوم سكرتارية وحاسوب - وزارة التعليم الفني والتدريب المهني
كاتب سابق لدى صحيفة أخبار اليوم.
حاصل على شهادة استحقاق وتقدير وجدارة في العمل الإعلامي وصياغة التقارير، من مكتب وزارة الإعلام في صنعاء.
شهادة مشاركة وتقدير؛ في دورات الصحفي المحترف، من قطاع الطلاب في جامعة صنعاء