في اليوم الذي يضحك فيه كل الناس ، ويفرح ويمرح فيه الجميع ، ويرتدي الكل صنوف الأردية والحلل ، ويتبادل الأحباب والأصحاب فيه الهدايا والزيارات .
في هذا اليوم بالذات يبكي الفقير ؛ تذرف عيناه بالدموع وتكون تلك الدموع حينها من دم .
يتلهف جوعا!
عندما يأتي العيد تداهم الهموم والأحزان رأس الفقير ؛ فتهد كيانه وتحطم أركانه ؛ وهو يرى جيرته وأصدقائه يسرحون ويمرحون ؛ وهو بين أحضان الفقر والحرمان يتلهف جوعا ؛ ولا يجد ما يسد به حاجته فيبكي .
تمر عليه لحظات العيد بطيئة رتيبة ، لحظات انكسار وانهزام صعبة جدا .. ما أثقلها على ذلك الفقير الشريف العفيف الذي يأنف أن يمد يده إلى الغير ! .
يشعر المسكين بالنقص والذل ؛ وهو يلتفت يمنة ويسرة فلا يرى إلا الخيبة أمامه ،
فيمر العيد عنده كأي يوم عابر ؛ لا نكهة له ولا طعم ، ولا أي شيء يمكن الوقوف عليه ؛ سوى أن العيد مناسبة فقط لتعميق جراحه وفتح أبواب همومه وغمومه على مصراعيها ..
العيد بالنسبة للفقير يأتي يذكره بفقره ويؤكد له عجزه وقلة حيلته ؛ يأتي فقط ليرسم في قلبه مشقة الزمان وصعوبة الحرمان ..
فقلب الأم يتفطر كمدا ، وهي تلقى أطفالها بمشهد البؤس والحرمان ولا تجد أي حيلة لإضفاء حنانها المكلوم عليهم .
..وينهزم الأب أمام سؤال ابنه الذي لم يجد له جوابا .. فينهد ويتحطم وترسم الخيبة على وجهه ويظهر العجز على محياه ..
.. يتساءل الإبن ، أبي يا أبي بقي أنا فقط من أصدقائي لا يوجد لدي ألعاب ..
يا أبي لماذا يلبس أقراني الجديد ؛ وأنا لا أجد سوى هذا الثوب الرث المتهالك …
تساؤلات لا تنتهي
… ينظر أطفال الفقراء إلى غيرهم وبرؤوسهم تساؤلات لا تنتهي ..
ما الذي حرمنا نحن من هذا ؟
لماذا هم سعيدون ونحن لا ؟
لماذا لماذا ؟
فيحاول بعض الآباء عبثا ؛ منع أطفالهم من مشاركة أقرانهم أفراح العيد خشية أن يترسخ عندهم شعور النقص ؛ رغم أن ذلك يزيدهم شعورا بالانطوائية والعداء والدونية …
فكيف يطيب لإنسانِِ العيش بفرح ومرح ؛ ولا ترى عيناه مشاهد الجوع وهو ينهش أجساد الفقراء .
أيها الإنسان .. كيف يسمح لك ضميرك توفير كل ما لذ وطاب حتى الأشياء التي لا داعي لها ولا تحتاجها ، بينما هناك أسر يتوارى أطفالها خلف الجدران خجلا من أن تقع أنظار أقرانهم على أرديتهم البالية الممزقة ، ولا يرق قلبك فتساعدهم .
… إذا سمعت بكاء أطفال الفقراء ؛ يوم العيد ؛ اسألهم لماذا يبكون ؟ لماذا عيونهم البريئة تذرف بالدمع ؟ اسألهم ؛ وإياك أن لا تسأل ؛ إياك أن تغفل عن ذلك ؛ فالخزي والعار سيلصق بك ما حييت .
أيقظ ضميرك واسأل ؛ فالضمير قد لا يموت ؛ لكنه ينام .. أيقظه من سباته وتفقد كل من شق عليه الزمان ، وتجرع كؤوس الفقر والحرمان .
فيديو عندما يأتي العيد .. يبكي الفقير