عيد يشبهني

كنت طفلة أتأمله من بعيد محملا” برائحة الموت والرصاص، لم أع لماذا كان ذاك اللون القاتم يحيطني من كل جهة وصوب. كلما كان يشتد القصف تهرع أمي لتنقلنا إلى مكان ما أكثر أمانا” من بيتنا الذي لم تترك لنا الحرب منه حجرا” لنعود إليه.

في الملجأ

في الملجأ المظلم، لمحت بريق عينيها مئات المرات حين كانت تتفقدني قبل النوم. كنا نغفو معا” على ضوء شمعة، نستيقظ على صوت الوجع ونسد جوعنا بكسرة خبز.
آه..فصف.
قصف لم يهدأ بعد على الجرح. قوافل من الشهداء..الأحياء..الغرباء..الأحباء وأطفال مثلي..كانوا يحلمون بأن تتحول القذائف إلى بالونات تهطل عليهم كالأمطار وتطاير في السماء كالحرية لكن لم تتحق الأماني وافترقنا.
كبرت ولم أودع أمي. حملت شجنها في أعماقي ودعاءها لي بأن ؤديغدق الله علي بالفرحة العيد.

عيد…

عيد..عرفته اليوم، في لحظة ولدت أنت فيها..عندما ممدت يدك لترافقني نحو درب أنرته بقلبك وقدمت لي مساحة في الروح. إنها مساحة عيد حقيقي..تكبر أنت..أمسح عن وجهك التعب وأكبر معك.
ولأنك لست جزءا” تقليديا” من حياتي، لن اشعل لك الشموع ولن أحتفل بك كما يفعل الآخرون.
إنك العيد الذي يشبه عمري..مغمورا” بالبهجة رغم الدموع وثقل الحطام المتراكم في نفسي. سأقدم لك ما لاينتهي..ما ليس له شهيد وحرب أو ندبة في الأعماق..
إنني أهديك عهدا” من الوفاء ..ولك حب كدفء الشمس مهما بقي الكون باردا”..
كل عام وأنت وطني الذي اسكنه في غربتي وانكساراتي، في قوتي وفي ضعفي..كل لحظة .. كل يوم.. كل عام وأنت الحياة..

فيديو عيد يشبهني

أضف تعليقك هنا

غادة مخول

الصحفية اللبنانية والكاتبة: غادة مخول