لماذا انتحر هؤلاء؟

“الاكتئاب كالجراد.. يأتي على الأخضر واليابس، ولا يتركك إلا وأنت جثة هامدة لا روح فيك” هذا ما كتبه شابٌ في مقتبل العمر -على حسابه الشخصي- قبل انتحاره بعدّة أيام.

نحنُ الشباب

اعتدنا -نحنُ الشباب- أخبار الانتحار والتي تزايدت بشكلٍ ملحوظ في الآونة الأخيرة، ونعلم جيدًا ما الذي قد يدفع شخصٌ ما لإنهاء حياته بنفسه قبل أن تنتهي -نظريًا- ، هذا لأنها في الواقع تكون قد انتهت بالفعل منذ فترةٍ طويلة.. لكنّ أحدًا لم ينتبه.

ومع أننا اعتدنا الأمر إلا أننا -ومع كل حالة انتحار- نزداد حزنًا، وخوفًا.. الأمر لم يعُد بعيدًا عنّا، قد يصل إلينا فى أيّة لحظة، ولن يتمكن أحدٌ حينها من إنقاذنا.. وإذا تجاوزنا فكرة الخوف على أنفسنا فإننا نتجه لفكرة الخوف على مَن نحب، ماذا إن وصل الأمر إليهم هُم أيضًا؟ هل سنتمكن من إنقاذهم؟ ولكن لماذا لم يتمكن أحدٌ من إنقاذ مَن انتحروا بالفعل؟

الاكتئاب ثاني أكثر الأمراض انتشارًا فى العالم حسب إحصائية كنت قد قرأتها منذ مدة، ولا زلنا هنا -في مصر- ننظر إليه على أنه سَفَه، وأحيانًا بَطَرٌ وجحود; فكيف لمن يمتلك كذا وكذا أن يصاب بالاكتئاب؟ هذا تحديدًا كمن يذهب لمريض السرطان ليسأله -مُعنِّفـًا- كيف لك أن تمتلك كل هذا ثم تصاب بالسرطان؟

حبوب مخدرة

المرحلة الأخيرة

والاكتئاب ككل الأمراض يمر بمراحل متعددة قبل أن يصل إلى مرحلته الأخيرة -والتي في أغلب الأحيان تنتهي بانتحار صاحبها- ، إنه يغزو الجسد ببطء.. لكنّه غزوٌ عميق الأثر; فالمرحلة التي يتخطاها في جسد المريض من الصعب جدًا التراجع عنها، ولذلك لا يكون الانتحار مفاجئًا أو نتيجة عشيةٍ وضحاها، إنه نتاج أعوامٍ كثيرة من الغزو البطيء لذلك الجسد، الذي ما إن تنفد كل محاولاته للمقاومة حتي يُجهِز عليه دون أيّ جهدٍ يُذكر.

لكننا -ولسببٍ ما- نظل ننكر إصابتنا بذلك المرض مهما تأكدنا من بوادره، بل مهما ساءت الأمور وشارفت على النهاية; إما خوفًا من الاستخفاف بنا، أو خوفًا من نظرة المجتمع إلينا على أننا مرضىً نفسيين يجب تجنب التعامل معهم، ولا أدري متى سندرك أن الطب النفسيّ لا يقل أهمية عن الطب العضويّ، بل لولا وجود الطب النفسيّ في الأساس لفشلت الكثير من حالات العلاج العضويّ; فالأطباء يعتمدون -بشكلٍ كبير- على دعم مرضاهم نفسيًا، ويحرصون على بث رغبة الحياة بداخلهم حتى يسير علاجهم العضويّ كما ينبغي.

الأمر لم يعُد مُزحة

الأمر لم يعُد مُزحة، ولم يعُد مجالاً للسخرية أكثر من ذلك، وأكاد أزعُم أنّ كل البيوت الآن تحمل بداخلها شخصًا واحدًا -على الأقل- قد راودته فكرة الانتحار من قبل.. ناهيك عن حالات الانتحار التي فشلت في اللحظات الأخيرة حين تم اكتشافها.. فأورثت لنا أشخاصًا قد ماتوا مرتين بالفعل، لكنّهم ما زالوا على قيد الحياة.

فيديو لماذا انتحر هؤلاء؟

أضف تعليقك هنا