متحرفاً لقتال

يقول تعالى ((وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ))
عندما تخوض معركة ميدانية ومصيرية مع عدو قوي، وخاصة عندما تتمحور المعركة في موضوع عقائدي تصبح بعض المظاهر الطبيعية في ميدان القتال مؤثرة في كلا الطرفين المتقاتلين، وإحدى هذه المظاهر هي التولي من القتال والهروب من المعركة.
الآية الكريمة تتحدث عن معركة بدر الكبرى والتي خاضها المسلمون في أوائل انطلاقة الإسلام، ولأهميتها البالغة في تحديد مصير الدين الإسلامي ورسم الخطوط الأولى للأساس المجتمعي المنابذ لمظاهر الجهل، كانت خطة المعركة انها لا تقبل الانهزام وتولية الظهور للإعداء.

الانهزام علامة مبشرة للعدو

وكيف لا تكون علامة مبشرة للعدو، حيث يرى الخصم يولي دبره متخبطاً في ميدان المعركة، معطياً الضوء الأخضر للقوة الاحتياطية بالتدخل للقضاء عليهم، وكيف لا تكون علامة مبشرة وهم يهاجمون قفا الخصم كطريدة فارة من مخالب الوحش.
نعم وأكثر من ذلك فان عزيمة المقاتلين وحتى الجبناء سترتفع الى حدٍ يكفي لصنع شحنة الرجولة للهجوم على الخصم، في الوقت نفسه، عندما يشاهد المتخلفين والقوة الاحتياطية والساندة لإخوتهم النخبة المقاتلة قد ولت الدبر وانهزمت من المواجهة، فان شحنة العزيمة والشجاعة ستصل الى أدنى مستوياتها، وسيصبح الشجاع غزالاً هارباً تاركاً خلفه التراب.
ولكن في وسط هذه المعركة وتحت هذا الضغط النفسي، كان لمظهر الهزيمة معنى اخر، فهناك استثناء من هذا الانهزام، او تخطيط يشبه الانهزام، وهو ان يكون متحرفاً لقتال او متحيزاً الى فئة، فماذا يعني (متحرفاً لقتال)؟

متحرف

متحرف، أي مائل من موضعه منحاز الى موضع اخر، وهي احدى الخطط العسكرية الميدانية في المعركة، حيث يترك المقاتل موضعه الطبيعي، حتى يظن العدو انه منهزم، فيطلب موضعاً اخر أضعف ليضرب بقوة أكبر، هذه المناورة القتالية تسبب افقاداً لتركيز العدو، حيث لا يستطيع التمييز بين المنهزم الفعلي والمنهزم بغية الالتفاف الى نقطة اضعف، وهذه العملية تتطلب عقلية عسكرية جبارة تستطيع خداع العدو بشكل مستمر، وتتطلب ايماناً من المقاتلين بحكمة وحنكة قائدهم لكي لا يقعوا في مستنقع الهزيمة عند التشكيك بقدراته ومؤهلاته القيادية، كما حصل للمسلمين في معارك أخرى كمعركة احد مثلاً.
فلو انسحبت كتيبة المشاة من مواقعها القتالية ساحبة معها كتيبة مشاة العدو مع الكتيبة المدرعة الى ارض محروقة، واقعة تحت نيرانهم المدفعية والصاروخية، فان رؤية العدو لخصمه وهو يولي دبره له وعزمه على ابادته وإلحاق أكبر الخسائر به، ستدفعه للتقدم بشكل سريع دون مراعاة لخفايا الأمور، حتى يقع في المصيدة ويتحول الانتصار الى هزيمة وتنقلب الأمور رأساً على عقب، فالمهزوم يتحول الى منتصر.
ولهذا لا يمكن لنا من موقعنا ان نحكم على مجريات المعارك بهزيمة وانتصار الاخرين الا ان نكون ممن يمتلكون الخبرة الميدانية، فالمعركة والحرب خدعة، وفن لا يستطيع فهمه الا صاحبه، وما علينا الا ان نترك التحليل والتعليق العسكري لإصحابه، لان في تعليقنا قد نسبب حالة من الفوضى والانهزام لمقاتلينا، حيث ليس من الحكمة ان تناقش خططك مع كل مقاتليك، فالخطط موضعها الأمين هو عقول القادة ومخططي المعركة، اما المقاتلين فليس عليهم سوى التنفيذ والامتثال، ونحن علينا ان نثق بهؤلاء القادة كما وثق المقاتلون بهم وهم في ارض المعركة، وندعو لهم بالنصر، وان النصر حليف الصابرين.
والحمد لله رب العالمين

فيديو متحرفاً لقتال

أضف تعليقك هنا

نجم الجزائري

السيرة الشخصية:
نجم عبد الودود الجزائري، ولدت في العراق في محافظة البصرة عام 1980، من ابوين عراقيين، حصلت على شهادة الدبلوم في تقنيات الهندسة المدنية عام 2000، وفي عام 2007 حصلت على شهادة البكالوريوس في ادارة الاعمال من جامعة البصرة، وظفت في جامعة البصرة وما زلت اعمل فيها.

مهاراتي:
* اجيد استخدام الحاسوب وصيانة الحاسبات
* اجيد استخدام البرامج الخاصة بالطباعة والتصميم والرسم الهندسي
* اصمم مواقع الكترونية بسيطة
* كاتب مقالات عامة
* اجيد تصميم البرامج الحسابية وقواعد البيانات باستخدام برامج المايكروسوفت اوفيس
* اجيد فنون الدفاع عن النفس واستخدام السلاح الابيض والخفيف والمتوسط
*