وطنٌ في الجنّة – قصة قصيرة

ظلام الليل يحيطُ بنا من بعد يومٍ قضيناه بالترحال من مكان إلى آخر، نحاول أن نصل إلى برّ الأمان نحو مكان ما يحتوينا. صديقي الذي لم ينجو معنا..لا يزال في مخيلتي، وأنا أمشي إلى اللا عودة أذكره بدعائي. حقيقة جعلتني أتساءل متحدثًا مع أخي الجالس بجواري والخوف متربص بنا في هذا المكان المجهول الذي وصلنا إليه..
– أنا : سمعتُ أبي وهو يقول لك إن الله يحرسنا..ولكن هل تعتقد بأن الملائكة كانت تأخذ قسطاً من الراحة عندما اقتحم أولئك الرجال بيوتنا؟.. أكانت قلوبها في سباتها العميق، عندما غرِقَت الناس بدمائها، وتشردنا؟

– أخي : ربما نامت الملائكة قليلاً..كانت أمي تقول: ” العذر مع الغائب يا بُنيّ” ..
– أنا: هل تظّن بأننا سنلتقي بباقي الأصدقاء هنا؟

– أخي : من الممكن ذلك يا أخي.. لأنني أذكر عندما ودعنا بعضنا بعضًا، تعاهدتُ معهم على اللقاء. ورددنا معاً كلمة “و..ط…نٌ”، ورسمنا على الجدران قلوبنا الحمراء.
– أنا: (و..ط….نٌ) .. ما هذا؟

– أخي: أخبَرَني بائع الحلوى ” العّم أمين ” عن الوطن. قال بأنه يشبه أمهاتنا ولكنه من غير ضفائر.
ثم حّل الهدوء علينا ولم يُكمل أخي كلامه أكثر عن الوطن.

فجأة رأيتُ كيف بدأ الزائرون يتهافتون بكثرة على أبـواب السماء! حاملين معهم سلام الأحباء، صور الذكريات، أحلام الطفولة وأغصان الزيتون. فاح عطر الياسمين وأصبح النور فرحًا عظيمًا، لقد امتلأ المكان بالأطفال، بضحكاتهم، وأغنياتهم وبالوناتهم. لعبنا معًا حتى تعبنا. بعد أن ناموا، أغمضتُ عينيّ، وسألتُ الملائكة: لماذا لا تحب بلادنا أطفالها؟..ولماذا بقيت أمهاتنا وحيدات في الأرض بلا و..ط..ن؟..

وإذ برفقٍ يوقظني بالون زهريّ اللون، وفي أسفل خيطه كانت هناك ورقة كتبتها لي أمي:
” يا بُني، لا تثرثر كثيرًا..أنت بخير في قلبي.. قبلاتي .. ماما”.

فيديو وطنٌ في الجنّة – قصة قصيرة

 

أضف تعليقك هنا

غادة مخول

الصحفية اللبنانية والكاتبة: غادة مخول