أغنية المَطر.. !

بقلم: يسرى الصبيحي

للموتِ كفنٌ ..

وللحياةِ أكفان..

الفرحُ سحابةٌ مِنْ السماءِ ..

تُمطرُ المطرَ .. تبُثُ الحياةَ في الجسدِ ..

تلفهُ بومضٍ.. كي يستعيدَ بداخلهِ البريقُ ..

يتكورَ الحزنُ في شكلٍ أنيقُ ..

متلبساً رِدَاء الفرحُ .. متخفياً في غائرِ الروحِ ..

يصغرُ ويضيقُ..

ولرُبما ينفجرُ ذاَتَ يومٍ !

فيخلقُ روحاً منْ رمادٍ ..

وللِرمادِ أضَحَى حقّ التبَاهي!

فلا يُعَادُ حَرق الرمادُ .. تدويرُ الرماد ُ..

وإنما … للحياةِ أكفانٌ ..

هكَذا يقولُ سَوادُ الناسِ أو شِبه السَواد..

فأكفانُ الحياةِ .. تولَد منها الحياةُ ..

يولدُ منِها نَبضُ الوريدِ ..

لكِن يَجبُ ألا نُعاودُ تِلك الطريقَ ..

فلرُبَما نسقطُ في كفنِ الحياةِ مُجدداً!

طريقَ السقوطِ في كفنِ الحياةِ ..

طريقَ ضياعٌ مِنْ جديدِ..

ففيهِ إشاراتٌ مُبهَمة .. لا رياحٍ ، لا هواءٍ ، لا مَطَر !

لا وَهجٌ مُضئ ، حَتَى الطيورُ لا تُغرد ..

صَباحٌ فِي تِلكَ الطَريق … حَتَى الطيورُ لا تفيقُ ..

ذلك الطريقُ مكتظٌ باَلبومِ .. مكتظٌ بالسوادِ ..

لا نورٌ بل ظلامٌ ، لا عدلٌ لا حِيَاد..

جَنينُ الحُزن قد تكَور في رحمِ الأملُ ..

والأملُ يُخلقُ في جوفِ الظلامَ على هيئةِ بريق ..

الدموعُ لها جذورٌ .. ولا تُستَأصلُ حتى حِين الغَضب ..

تحتاجُ إلى مَصَب..

تحتاجُ أن تُفرغ في قطاراتِ الحياةِ ..

فالموتُ هُوَّ المصير .. إن كُتم الغَضب !

جَف القلمُ … فماتَ الورق ..

ولِم مَات الورقُ ؟

ماؤه قد نَضُبْ ..

فأصَاَب الكاتبُ هماً.. فداهمُهُ الأَرق ..

تناثَرت أحرفٌ صَماء تَبحثُ عن مَصير ..

حِينما أخرَج الكاتبُ همهمةَ الزفيرِ …

تَبحثُ عن صمغٍ كي تلتَصِق..

على بياضٍ، على وَرَق ..

فتداحَرتْ ،تنافَرتْ ، تباعَدت.ْ..

تبحَثُ عن ورقٍ …

كحلوى يبحث عنها طفلٌ صغير ..

كلقمة للعيش تراود هم الفقير ..

هكذا ..

تبحث تلك الأحرف عن ورق .. عن مصير ..

اصطدمت بالجدار .. ظنته ورق!

فتلاشت ، انكسرت لكنها تتكون من جديد .. جمعاً غفير ..

فالكاتب لا يتوقف عن الشهيق ببطء ثم يلحقه نوبةَ غضب.. على هيئة زفير ..

الويل! الحروف هاهي قد عادت تطير ..

هواء الليل بارد ..

إني أخاف !

أخاف أن يَلِفُ حرف الأمل لحافاً من صقيع !

قد يُغمى عليه فيضطجع..

لكن أحرف اليأس نهضت تسير ..

وتشد خطاها في المسير. .

يسمع حرف الأمل الخطى .. فيُنذر بالوعيد ..

يستشيطُ غضباً وعزماً مِنْ جديد ..

حربٌ تشب في هذا المساء ..

كلا ، فنحن على حافة شرف المساء ..

الشمس تجلو أغنية المساء ..

فنور الشمس يبيد العداء ..

نور الشمس في غسق النهار !

كان خافتاً تتخلله الغيوم ..

فهبت أغنية تشدو ترانيم الحياة ..

أغنية تبشر بالمطر !

أغنيةٌ تؤكد أننا عدنا نعيش ..

عدنا بعد أن هبت فينا الحياة …

فحياةٌ خُلقت من جديد ..

من إحدى أكفان الحياة..

فللحياة أكفان .. لا كفن..

هكذا كانت تقول …

أغنية المطر !

بقلم: يسرى الصبيحي

أضف تعليقك هنا