انخراط في سلك الكهرباء ( قصة قصيرة )

لماذا تنقطع الكهرباء والمازوت مستمر ؟

قابلهم في مؤتمر صحفي مقتضب، كان المتحدث الرسمي باسم مسؤول الكهرباء، قيل له : لماذا تنقطع الكهرباء والمازوت مستمر ؟، ردّ : الأحمال زائدة والمحوّل وحيد، قيل له : لماذا المحول وحيد لا شريك له ؟ ردّ : لأننا لا نملك غيره !، قيل له : لماذا ونحن نملك الثروات ونضخها إلى الخزانة أموالاً ؟ ردّ : لأننا حمير ولا نتعلم !، قيل له : احترم نفسك ولا تسبّ، ردّ : معذرة ظننتُ أنني أجادل حميراً.

طلبوا منه أن يتريث في تصريحاته، ولا يكون صلباً فيكسره الأقوياء، تعلم الدرس، وفي مقابلة تلفزيونية معه بثتها بالتزامن أجواء إذاعية، أسند ظهره، بثّ البشرى، كان يحسب هو وحسب الناس كذلك أنه في مقابلة هامة, رنت إليها أبصار الشعب المظلوم ، ساق بشراه لهم أن دعم الديزل والمازوت  سيتواصل، بشرهم أن الكهرباء لن تنقطع مجدداً، يعني مثل كهرباء اليابان أو الصين، فجأة تسيّد الظلام، توقفت المقابلة وانقطعت الكهرباء.

بعد مرور سنتان على اندلاع الحرب

بعد البشرى، تأجج سعير الوضع السياسي، تقاطعت المصالح، واختلف الشركاء، سنتان مرّتا على اندلاع الحرب في موطنه، وعلى إثر ذلك احترق كل شيء، احترقت الحياة، احترقت الأحلام، ومعها احترق مستقبله المشرق، ولا ننسى أن وعود المسؤولين احترقت كذلك، بات الفساد ينخر في أوصال أرضه، والفقر أضحى سيد الموقف، يعيش الناس مَقْصِيّون كأنهم في منفى، وكأن البلد ليس بلدهم، مشردون في كل مكان، متسولون، لاجئون، لصوص، والقائمة لا تنتهي.

مع تلكم المآسي أقبل الصيف بكلكله فحلّ خريف الكهرباء، انسابت مدرارةً قطرات العرق، تندى الجبين، انطفاءات عديدة لا تنتهي، عكرت صفو الحياة، أحالت أعصاب المغلوب عليهم إلى خراب، وعلى أسلاك التيار نعقت غربان الفساد، تغير وزيرٌ على إثرِ وزير، لكنْ لم يتغيّر في واقعهم شيء.

صارت لياليهم حالكة، اتّـشحت أيامهم بالسواد، أمست أسرّتهم كالجمر بلون الخَمر، مرّت ساعاتهم كسريان حممٍ بركانية، صبروا، حبسوا أنفاسهم رويداً رويداً، انتظَروا وانتظرَوا لكن ” لا فائدة من الانتظار ” حدثتهم أنفسهم القانطة، ومع الغيظ تصاعدت زفراتهم وعلت صرخاتهم، اعتزموا العصيان أو الاعتصام، ما زال التيار مقطوعاً، وما زالت صيحة الجحيم .

فيديو المقال انخراط في سلك الكهرباء ( قصة قصيرة )

أضف تعليقك هنا

أحمد عمر باحمادي

أحمد عمر أحمد باحمادي

كاتب يمني

خرّيج كلية الآداب ـ صحافة وإعلام حضرموت ـ اليمن