زوجة الشقاء .. ( قصة قصيرة )

لا يدري كيف وقع في حبها،

كان يهيم بها كلما رآها أو رأى طيفها الجميل، فرض على أهله أن يزوجوه بها بعد قصة حب عميق، فلما تمّ الزواج وطويت أوراق النكاح انكشف عوارها، نكّت عليه عيشه، أرته نجوم الظهر، وشمس المغيب في الليل، تفننت في إيقاع الأذى به حتى صاح من هول تلك النازلة.

 

فساتينها، أشياؤها كلها تحبذها من الماركات العالمية،

علماً أنه موظف بسيط براتب بسيط في بيت بسيط في مدينة بسيطة في بلد بسيط، إذ البساطة وتواضع الحال سمة تصبغه ويصطبغ بها كل ما حوله. تملكته يد الحيرة، واستبدّ به اليأس، كيف وزوجته قد أمرته بشراء فستان لعرس قريب مرتبه لا يكفي والشهر بعيد راتبه، لكنه كان يعلم ما الذي سيحدث له إن خالف.

 

 ذهب للمعرض واشترى فستاناً وأخرج من جيبه ما تبقى من دم قلبه قبل أن يخرج المال، حال خروجه من المعرض ممسكاً بكيس الفستان الفخم رأى حصالة لجمع تبرعات لأجل الأقصى، توقف فجأة، نظر إليها نظرة المفزوع لمس جيبه خلسة كمن يتحسس حيواناً أليفاً أو وحشاً مروضاً، نظر حوله، ثم نظر داخل جيبه، أخرج ورقة نقدية من أقل الفئات، كانت مهترئة الجوانب باهتة اللون، لكن لا يهم، تسارع في خطوه راحلاً، بدت على محياه ابتسامة حيرة ” تُرى هل أرضيتُ زوجتي ونصرت الأقصى أم فضلت أحدهما على الآخر ؟؟ ” هكذا ساءل ذاته الكليل.

 

وأمام القضاء النازل الذي أفرغ جيبه،

والزوجة التى خلا قلبها من أية رحمة وشفقة تجاهه؛ لم يجد المسكين مسلكاً سوى أن يبحث عن عمل إضافي مهمه يكن، بحثَ عن أيِّ عمل وفي كل مكان وبكل طريقة لكنه لم يجدْ. استمكن اليأس منه ، واستبدّ به القنوط، كان قد مضى على زواجه ثلاث سنوات عجاف، ضاقت به نفسه، وضاق به أهل بيته ذرعاً، وضاقت عليه الأرض بما رَحُبت، أهمله الجميع، وتنكروا له ، وانفضّ عنه صحبه، حتى جماعته التي كان يكنّ لها الولاء قد أدارت له ظهرها.

 

تعلم من بين ما تعلم أن الفقر والسعادة لا تجتمعان تحت سقف واحد، همس في نفسه ” لماذا لا أعود إلى العزوبية مجدداً ؟”، قرر أن يتبنّى القرار ويقتحمه بلا رجعة، ويودّع حياته البائسة، كان بحوزته من الوقت الكثير والكثير لكي يفكر.

 

تذكر كيف نشأ منذ الصّغر في نفق الفقر المظلم، عصب على الجوع بطنه وعاش متعففاً، قاوم المسغَبة، عانى الأمرّين، لكنّ اليأس لم يعرف إلى نفسه سبيلاً، ورغم الفقدِ أكمل تعليمه، تحدى الظروف وواصل المشوار، وبعد طول كفاح تكللت هامته بالأزاهير، جنى ثمار جهده ونال الشهادة بعَرَق الجبين.

 

لم يمدّ كفّه يوماً مستجدياً،

 

غناهُ كان في قلبه، سلك القناعة منهجاً منذ الصغر، كان يحلم بومضة نور، وحبيبة قلب تنتشله من وهدته، وبعد أعوام من تجربته مع تلك الزوجة الظالمة آن له أن يتخلص من عبئها الثقيل ويمضي في الحياة سعيداً تحت شلاّل المطر. انبلج الصبحُ عن مخاض التفكير،  ليولد عند أول شعاعات شمسه أعزب جديد.

 

فيديو زوجة الشقاء .. ( قصة قصيرة )

 

 

أضف تعليقك هنا

أحمد عمر باحمادي

أحمد عمر أحمد باحمادي

كاتب يمني

خرّيج كلية الآداب ـ صحافة وإعلام حضرموت ـ اليمن