التخصص الجامعي وسوء التوجيه والاختيار

كلٌّ منّا يطمح للتحصيل العلمي ويسعى للحصول على الشهادات الجامعية ليكون ذو قيمةً وذو أهمية في مجتمعه وبين أقرانه, وليستطيع الحصول على وظيفة يقتات منها ويعيش من خلالها حياة كريمة.

الاختصاص الذي يناسبني ليس بالضرورة أن يناسبك

ولكلٍّ منّا هدفاً أو أهدافاً يسعى لتحقيقها من خلال تخصصه العلمي وحصوله على الشهادة الجامعية, كما أنَّهُ لكلٍّ منّا كفاءته ومواهبه الخاصة والمتميزة عن غيره, لذلك فإنَّ الإختصاص الذي يناسبني ليس بالضرورة أن يناسبنك, والإختصاص الذي ستبرعُ فيه أنت ليس واجباً وشرطاً أن أبرع فيه, وهذا لا ينقص من كفاءة أحدٍ منّا, وهذه الحكمة في خلق الله تعالى لعباده وتفضيل بعضهم على بعض ببعض الكفاءات والصفات, ولهذا انعكاس إيجابي على نجاح المجتمع وتوزع المهام والوظائف كلٌّ وفق قدراته ومميزاته. فالله سبحانه فضَّل بعضنا على بعض وميزنا درجات لنتكامل لا لنتكبّر على بعضنا البعض.

أهمية الاختيار المناسب للتخصص الجامعي

ومن هنا تأتي أهمية حسن التوجيه الصحيح للطلاب ليقوموا بإختيار تخصصاتهم الجامعية المناسبة لقدراتهم والتي تتناسب مع ظروف حياتهم وتتناسب مع سوق العمل ومستوى العرض والطلب.

وهذه من أكبر مشكلات مجتمعاتنا التي لا يوجد أو يندر من تراه يوجه الطلاب توجيهاً صحيحاً, وخصوصاً الأهالي الذين يرسمون لأولادهم حتى من قبل أن يُخلقوا طريق حياتهم ونوع تخصصاتهم الجامعية, فترى معظم الأهالي لا يريدون من أولادهم إلا التوجه للتخصص الهندسي أو الطبي, يعني إمّا أن تكون مهندساً أو طبيباً وإذا كنت غير ذلك فهذا يعني أنَّك فاشل وغير ناجح.

وكأنَّ كل الاختصاصات الباقية أصبحت عيباً أو هي حكرٌ للفاشلين؟!!!

إلا أنَّ الواقع الحديث والمستقبل القريب يؤكد عكس هذه النظرية, فكم أصبح الإعلام من أكبر الأمور المؤثرة والمهمة في حياتنا, وكم اصبح للإقتصاد دورٌ جوهري في بناء الدول, كيف لا ونحن نعيش عصر الماديات.

إضافة إلى العلوم الإجتماعية وغيرها من العلوم التي لم يعد يستطيع أحد أن ينكر أهميتها وحاجة مجتمعاتنا لها.

ونحن هنا لا نريد أن نقلل من أهمية أي تخصص جامعي ولا من متخصصه, بالعكس نريد أن ننشر ثقافة أنَّ لكلِّ تخصص أهميته ودوره الفعال في المجتمع.

أهم أسباب نجاح الغرب 

والمتأمل في ثقافة الغرب يجد هذا الأمر من أهم أسباب نجاحهم وتفوقهم, فكلّ شخص يتوجه للإختصاص الذي يريده ويحبه هو لا ما يريده أهله أو مجتمعه أو ما تجبره عليه عاداته وتقاليده, لذلك ترى كلّ فردٍ منهم مبدع في تخصصه وعمله واثقٌ بنفسه ولا تجد أحد يحتقر أحداً أو يقلل من شأنه.

فصاحب العلم وحامل الشهادات لا ينبغي له أن يتكبر على غيره بما يحمله من علم أو شهادة, فالعلم هو أن تزداد تواضعاً وأدباً وخدمةً لمجتمعك وأفراده.

زد على ذلك أهمية دراسة وضع السوق ومستوى العرض والطلب حتى لا يندم الطالب بعد إنهاء تخصصه ويجلس في بيته دون عمل بسبب عدم التوازن بين حاجة السوق لأصحاب التخصصات المطلوبة وكمية الطلاب المتخرجين من هذه التخصصات.

ومن دون هذه الثقافة والمنظومة المكتملة لا يمكن لأي فردٍ أن يتمم عمله ويبدع فيه, فحتى المهندس لا يمكنه أن يتمم بناء ما يريد دون أن يساعده عمّال البناء وسائقي المعدات والشاحنات.

كذلك الطبيب لا يمكنه أن يعالج المريض دون مساعدة كادر المختبر الذي سيكشف له نوع المرض من خلال الفحوصات الطبية ولا من دون الفريق التمريضي الذي سيشرف وسيقوم بعملية العلاج التي سيقررها الطبيب المعالج.

والأمثلة على ذلك كثيرة…

وعلى هذا وجب على الجميع نشر ثقافة احترام الجميع وثقافة حسن التوجيه والاختيار الصحيح للتخصصات الجامعية أو حتى المهنية كلٌّ وفق قدراته وهواياته حتى يكون المجتمع في أبهى حلَّتهِ وتطوره.

فيديو المقال 

أضف تعليقك هنا

مجد الدين المزوق

مجد الدين المزوق