رأس حصان

سيارة رأس الحصان

كان أبي رحمه الله، قد اقتنى سيارة من نوع “سيمكا” على قوّة رأس حصان ” من زمن السيتنات ولونها أزرق داكن يوحي بالتقزز وتسبب أوجاع في الراس ،أو كما يسميها هو العجوز الشمطاء، قالها حرفيا : تزوجت عجوز شمطاء ، وكان قد اقتناها من ميكانيكي في منطقة “عين ثعبان” بمبلغ بناهز مبلغ “غنم أو بعير”. حيث صرف عليها أربع أضعاف ثمن شرائها. وكانت رأس الحصان، تسير بمعدل 20 كيلومتر في الساعة،
انطلقنا برأس الحصان من منطقة قمرت القرية ، نحو مدينة قابس التي تبعد عن تونس العاصمة حوالي 400 كيلومتر، بدون أضواء الوضعية ولا أضواء الطريق.

اعترضنا في أول الرحلة بجانب ثكنة الحرس بالعوينة بوليس الرادار الذي كان يطاردنا على سيارة نارية قائلا لأبي: أين ذاهب حاج. فأجابه أبي إلى قابس، صعق حرس المرور لكنه أجاب ببرودة دم لأني أبي كان رجل دين طاعن في السن،: إذهب يا حاج كان الله في عونك. كيف لا يقول ذلك والطقس حار، في شهر أوت، في صيف 2500.

وبعد ثلاثين كيلومتر أي في منطقة قرنبالية، كان أبي يفتقد أضواء الطريق والغاسق قد أنزل ستاره الأسود الداكن والحياة ليل، فقال لي أبي : انزل بالضواءة اليدوية لتريني الطريق، كان الجو موحش، والهواء بارد في الليل، لكني كنت مع أبي واسع البال، هادئ الضمير، لا أستطيع أن أرفض له طلب.

ذكريات الطفولة

وصلت بنا رأس الحصان إلى منطقة سيدي بوعلي على بعد 20 كيلومتر من ولاية سوسة والفجر قد أطل بأنواره، بعد سبع ساعات من السياقة. ثم واصلت الطريق في اتجاه صفاقس، إلى أن وصلت رأس الحصان إلى مدينة صفاقس وكان اليوم أحد، حيث سوق الأحد بمدينة صفاقس، وأبي قد جاءه النوم وهو واضع الشاشية الحمراء على رأسه، وفقد السيطرة على سيارته السيمكا رأس الحصان، وجرف معه أشياء كانت على ملك بعض الباعة المتجولين في سوق الأحد، بهذه المدينة الكبير، عندما صرخت من خلفه من المقاعد الخلفية، استيقظ، عندما شعر أبي بالخطر واستيقط، وواصلنا طريقنا إلى مدينة قابس.

لقد وصل بنا رأس الحصان السيمكا العجوز الشمطاء إلى مدينة قابس بعد 16 عشر ساعة من السياقة، بعد أن كنا نزلنا على مقربة من هذه المدينة في منطقة الحشيشينة التي تبعد على قابس بحوالي 50 كلم أين استرحنا قليلا والتهمنا البطيخ الأصفر الحلو المزاج والذي انسانا نوع ما إرهاق الرحلة الشاقة التي كنا خضناها في ليالي السبت.

إنّها ذكريات الطفولة، وكما يقول الشابي، أنت عذبة أيتها الطفولة، خاصة أنا وأبي مع سيارة رأس الحصان.

فيديو

أضف تعليقك هنا

هاني القادري

هاني القادري كاتب تونسي