شهادة الدكتوراه حلم أم واقع أليم؟!

هي قصة هؤلاء الشباب اللبناني الطموح الذين يسعون جاهدين لبناء مستقبلهم بروح مفعمة بالحياة.

من هؤلاء، من دخل مقاعد الدراسة الجامعية ورأى في أستاذه قدوة، ومنهم من رأى التعليم رسالة. وفي كلا الحالتين، بدأوا بنسج الأفكار في مخيّلتهم ورسم ذاك الحلم الجميل:

هل سيأتي اليوم الذي أقف فيه مكان أستاذي؟

وهل أنا جدير بحمل تلك الشعلة من أجل بناء أجيال المستقبل؟

فذاق هؤلاء حلاوة التعلّم وسهروا الليالي في سبيل التفوّق عسى ان تتسنّى لهم الفرصة الملائمة لكنهم لم يدركوا حجم الصعوبات التي تفترش طريقهم. وبعد سنوات الاجازة، بدأ التحدّي الاول، أن يتقدمّوا بطلب للحصول على منحة الماجستير والدكتوراه التي توفّرها جامعتهم. وإذ بهذه المنحة تعطى إلى طلاب آخرين في ظروف غامضة ولأسباب قيل عنها أكاديمية. لم يكترث هؤلاء الطلاب لتلك النائبة، وكان عليهم البقاء في جامعتهم لاستكمال مرحلة الماجستير. فتفوّق الطلاب وتقدموا مجددا بطلب للحصول على منحة من الجامعة عينها. فكان التحدّي الثاني الذي أصبح علنيا هذه المرّة،

هل أنت مدعّم بفيتامين واو؟

وبشكل اخر” في عندك واسطة؟ “. إجتماعات كثيرة قد عقدت، ليس لدراسة ملفات الطلاب وتقييمها فحسب كما يزعمون، بل لتوزيع الحصص وفقا للطوائف والمذاهب والمصالح المشتركة. فكثر هم من نالوا هذه المنح وهم لايستحقونها، وكثر هم من حرموا منها لأنّهم لا يملكون الواسطة المشؤومة. وبعد أشهر من الانتظار، تمكّن الطلاب من الحصول على هذه المنحة ففرحوا وظنّوا أنّهم قد أصبحوا على مشارف تحقيق ذاك الحلم. فقضوا ثلاث سنوات بأفراحها وأحزانها، تمكّنوا خلالها من إنجاز أبحاثهم ومشاريعهم في لبنان والدول الغربية متخطّين كل القيود والعقبات. ومع اقتراب اليوم المنتظر، استيقظ الشباب على صوت خافت يخبرهم أنّ غدا مرحلة أخرى وبدأت الاسئلة تتراود إلى أذهانهم ولعلّ أبرزها:

هل ممكن أن نجد فرصة للعمل في لبنان؟

تحدّ كبير واجه هؤلاء الطلاب الذي قوبلوا بالرفض بداية من الجامعة الوطنية التي عاشوا بين أروقتها سنوات، مرورا بالجامعات الخاصة وغيرها من المرافق. لا يوجد شغور، لاتملكون الخبرة، لاتنتمون الى ذلك الحزب أو لتلك الطائفة، أو “over qualified”، هكذا كانت الحجج الواهية بصريح العبارة.

نعم، إنّ أعداد الدكاترة في تزايد مستمر، وعلى جميع المقدمين على هذه الخطوة اختيار الإختصاص المناسب وفقا لحاجات سوق العمل. لكن هذا لاينكر أنّ سرطان الفساد قد استشرى في المؤسسات الأكاديمية وعلى رأسها الجامعة الوطنية التي أصبحت مرتهنة لتلك الطبقة السياسية. ماهذه السياسة المتبعة التي تملي على المتعاقدين رفع الدعاوى على الجامعة ليتقاضوا رواتبهم مرّة في السنة. يدخل الاستاذ فيعطي المحاضرات باختصاصه وغير اختصاصه فقط لتبلغ ساعاته النصاب المنشود على طريقة

“مرّقلي حتى مرّقلك “.

هذا ناهيك عن مشكلة “التفرّغ” التي تعصف بالجامعة كل فترة، لتبدأ معها التدخلات السياسية لضمان الحصص، وكأنّ الجامعة أصبحت غنيمة من غنائم الحرب أو قالب حلوى يتنافسون عليه للتلذذ بطعمه. أصبح توفّر الشواغر حكرا على أصحاب الواسطة أو على طوائف معيّنة، أما ملفات الآخرين تضحى طعاما لغبار الادراج في المكاتب. أصبح المتخرجون حديثا وللأسف عالة على مجتمعم يمشون حائرين في ظل غياب المعايير التي تحكم توظيفهم. فكيف لطلاب أنهوا بالامس أن يكونوا ذوي خبرة دون أن يمنحوا فرصة لذلك. فلا عجب ان تراهم حينها على أبواب السفارات ينتظرون أدوارهم تارة للحصول على تأشيرات العمل في الخارج وتارة أخرى لتقديم طلبات الهجرة.

وهنا نعود لبيت القصيد ونتساءل : هل لا تزال شهادة الدكتوراه حلما يستحق كل هذا العناء ؟ أم باتت واقعا أليما يستتر خلف جدران الفساد؟

فيديو شهادة الدكتوراه حلم أم واقع أليم؟!

أضف تعليقك هنا