الصرخة المكبوتة

المرأة التي أوذيت بجسدها تعد مصدرا لاستلهام القوة

لم أصادف بحياتي أي معتقلة ممن تعرضن للاغتصاب أو الأذى الجنسي في سجون الأسد ، ولو صادفت إحداهن لحدثتها طويلاً عن أول شهيدة في الإسلام سمية بنت الخياط رضي الله عنها والتي أوذيت في جسدها ، وقتلت قتلة سيئة جداً وبطريقة أبشع من الاغتصاب ، ومع ذلك بقي المجتمع الإسلامي يحفظ لها مكانتها ويصفها بأطهر ما توصف به إمرأة ، ولم يشعر ابنها الصحابي عمار بن ياسر بأي انتقاص أو إهانة كون أمه كانت معتقلة في سجون المشركين ، أو أنها قتلت بخنجر حُمّي بالنار حتى احمرّ ثم غرزوه في أسفل بطنها ، وكذلك فإن التاريخ حتى يومنا هذا لا يعتبر المرأة التي أوذيت بجسدها أنها عار على المجتمع إنما كانت دوماً مصدر استلهام للقوة وتحفيز للنخوة ..

فالرسول صلى الله عليه وسلم أقام الدنيا على اليهود من أجل امرأة تحرّش بها يهودي ، والمعتصم حرّك الجيوش من أجل امرأة ضربت في سجن عمورية ، وليس بعيداً عن هذه القصص القصة العشائرية المعروفة لأجدادي من عشيرة العفادلة الذين أقاموا مذبحة كبرى انتصاراً لابنتهم (هدلة) التي تعرضت للتحرش من قبل رجل من عشيرة أخرى ، وحتى اليوم لا ينادى العفادلة إلا باسم : (أخوة هدلة) وذلك إحياء لذكرى النخوة لشرف هدلة وإني لأفخر أني #أخو_هدلة .

النساء المعذبات في سجون الأعداء

لم تنبذ مجتمعاتنا يوماً النساء المعذبات في سجون الأعداء ، ولم يكن المجتمع يوماً سكيناً أخرى تغرس في خاصرة حرائر الأمة ورفعة رأسها ممن تحملن ويلات السجن والتعذيب والقهر ، ودائماً كان أهلنا وأجدادنا سنداً لهن وعوناً على تجاوز المحنة .

والشيء بالشيء يذكر فقد لجأ إلى الرقة عائلة عراقية في عام 2004 بعد الغزو الأمريكي ، العائلة مكونة من رجل وزوجته فقط وكانت الزوجة منهارة نفسياً وتتلقى العلاج في المشفى ، فيحكي زوجها قصتهما قائلاً :

“اغتصبوا زوجتي أمامي”

كنا في منزلنا قبل أن تقتحم دورية من الجيش الأمريكي المنزل وتقوم بالتفتيش ، ثم قاموا بتكبيلي ورميي في زاوية غرفتي واغتصبوا زوجتي أمامي لأكثر من مرة وأنا أتحرّق ألماً وقهراً ، ووقع صوت صرخات زوجتي على أذنيّ يكاد يمزق قلبي .

هل يتخيل أحد منا هذا الموقف كم كان مؤذياً وساحقاً ؟!

هل يتصور أحدنا مدى الإذلال الذي عاشه الزوج وزوجته؟!

وما إن غادر الأمريكان المنزل حتى قال الرجل لزوجته فكّي وثاقي ، فقامت إليه وحلّت قيده وهي مطأطئة الرأس ويغرقها شعور متوارث أنها أصبحت عاراً عليه .

قال لها بالحرف :

– ارفعي رأسك وضعي عينك بعيني .

فرفعت رأسها ونظرت إليه فقال لها :

– اسمعي يا زوجتي و حبيبتي وشريكة حياتي ، أنت طاهرة قبل هذه الحادثة وبعدها ، ووالله ما أخذوا من طهرك وعفتك شيئاً ، ووالله لم يدنسوا شيئاً من شرفك وطهرك بنظري .

فأنت طاهرة طاهرة طاهرة رغم أنوفهم ، وحذاؤك يشرّف أكبر رأس فيهم .

ومن فورهما حزموا الحقائب وغادروا إلى سورية وبقي الزوج سنداً لزوجته وكان يأخذها إلى المشفى لتلقي جلسات علاج نفسي بعد أن انهارت من هول الموقف .

لن نكون عوناً للظالم على ظلم أخواتنا ونسائنا وبناتنا وأمهاتنا ، فالحرة حرة مهما حاول المجرم تدنيس شرفها، والاغتصاب جريمة من طرف واحد يُحاسب فيها الطرف المعتدي ويُنصف فيها الطرف المعتدى عليه .

فيديو مقال الصرخة المكبوتة

 

أضف تعليقك هنا

أحمد الصالح

أحمد الصالح