بستان النفايات

في محاولة للإسترخاء أمام التليفزيون

فاقداّ للتركيز لما يتم عرضه، كنت أتذكر أيام الطفولة.

أجمل الزهور

وأثناء الغوص في بحر الذكريات رأيت مشاهد من برنامج تليفزيوني للأطفال كنا نستمتع به كثيرا ونحن صغار يسمي ( أجمل الزهور ) للإعلامية القديرة والمربية للجيل الذي أنتمي اليه ( ماما نجوي )

وتذكرت كم كان التليفزيون ونحن صغار مثل البستان الذي نرى فيه كل ما هو جميل سواء كانت برامج ومسلسلات أطفال ممتعة ومفيدة أو برامج تفتح لنا نافذة علي العالم لنري العجائب والغرائب أو مسلسلات من الأدب العالمي أو برامج علمية تجمع العلم والإيمان وبرامج دينية خالية من التشدد وندوات ثقافية وأمسيات شعرية وأغاني كتبت بكلمات تمس القلوب وتعزف بألحان تغسل الروح

وفجأة أثناء هذه الرحلة في الذكريات الجميلة اقتحم صوت أحد المذيعين أذني وهو يسب أغنية يتم عرضها علي قنوات الأغاني والسوشيال ميديا ويسب المغنية وجميع المشاركين في هذا العمل الفاسد

وفي هذه اللحظة شعرت بأني أسقط في الفجوة التي نشأت بين المحتوى الإعلامي منذ 20 عاماّ والمحتوى الإعلامي في الوقت الحاضر.

فبرغم محدودية عدد القنوات وعدد ساعات العرض مقارنة بالوقت الحالي وكذلك عدد الصحف والمنصات الإعلامية قديماّ إلا أن هناك تغيير جذري في المحتوى المقدم وأعرض لكم منه بعض الأمثلة.

عند ظهور أغنية لا وزن لها في عالم الغناء

فمثلا بمجرد ظهور أغنية أبسط ما يقال عنها أنه لا وزن لها في عالم الغناء تبدأ جميع القنوات بالحديث عنها وعرضها وإبداء الاعتراض علي إذاعتها وتتعالي الأصوات بالسباب لجميع المشاركين في هذا العمل واثناء ذلك تتزايد المشاهدات ويبدأ جميع من لم يعلموا بوجود مثل هذه الأغنية بالبحث عليها ومشاهدتها واستنكار وجودها علي الساحة الفنية وبالتالي تتزايد مشاهدات هذه الأغنية والتفاعل معها وتتزايد مكاسب جميع العاملين فيها.

وعند حدوث أي عمل إرهابي

تتسابق القنوات في إذاعة تفاصيل الحدث مدعوما بصور للقتلى دون مراعاة لشعور أهالي الضحايا ودون مراعاة للتأثير السلبي الذي يتركه عرض مثل هذه اللقطات على المشاهد حيث أن كثرة عرض هذه المشاهد يقتل تدريجيا لدي المشاهد الإحساس بفظاعة الحادث فقد نما لدي البعض حالة من القبول والتطبيع للآثار الناتجة عن مثل هذه الحوادث.

إضافة إلي ذلك ما يقوم به الكثير من المذيعين من تحليل الحدث وتعريف الجمهور على أراء وأفكار من قاموا بتنفيذ مثل هذه العمليات الإرهابية وأعتقد في رأيي الشخصي أن هذا سلاح ذو حدين فبالرغم من أن الغرض الأساس لعرض هذه الأفكار هو نقضها وإظهار الدلائل على فسادها إلا أن هناك إحتمال ولو واحد في المليون أن يتفاعل أحدهم مع هذه الأفكار ويتبناها كما تبناها من قبل من نفذوا هذه الأعمال الإرهابية وبذلك يكون قد ساهم هذا الإعلامي في تقديم فرد بديل لمن تم فقده في هذه العملية فلماذا لا يتم الإكتفاء بالتركيز علي أن التخريب وقتل النفس محرم في جميع الديان مهما كان المبرردون الدخول في تفاصيل لا نعلم عاقبتها .

وبالقياس نجد في الوقت الراهن جميع المنصات الإعلامية هدفها هو التركيز على عرض كل ما هو شاذ ومناف للتقاليد والأديان ومثير للجدل لزيادة المشاهدات والإعلانات ولا مجال للتفكير في النهوض بالمستوي الثقافي والفكري للجمهور.

وبرغم ذلك لازال الإعلام محتفظا بشيمته الأساسية ألا وهي أنه بستان ولكن في وقتنا الحاضر هو:

( بستان النفايات )

ولا أنكر أنه يوجد العديد من الأعمال المفيدة الموجودة على الساحة ولكن نسبتها مقارنة بالأعمال محل التركيز ضئيلة ولا تلقي حقها من العرض.

لذا أدعو جميع من يقرأ مقالي أن نترفع بأنفسنا عن المساهمة في ازدهار مثل هذه الأعمال التي تتغذى علي مشاهداتنا وعلي تعليقاتنا سواء بالإعجاب أو الرفض. أدعو الجميع أن نتوقف عن أي تفاعل مع مثل هذه المواضيع التي لا فائدة منها سوى زيادة مكسب من يقوم بعرضها ونغرقها بعيدا في ظلمات النسيان.

لعلها تكون خطوة لحث المنصات الإعلامية لتغيير المحتوي والقضاء على ( بستان النفايات ).

فيديو مقال بستان النفايات

أضف تعليقك هنا

هيثم أحمد الحسيني

هيثم أحمد الحسيني