غرفة نومي أربعة أركان وثرا

يصيح الطفل منذ نعومة أظافره غاضبًا فى وجه عمره الذى يجعله خاضعًا لأبويه يتحكمون فيه كما يرى، ويفرضون عليه القواعد والنظم والقوانين رافضين لرغبته النهوض والاستيقاظ ، كما يفكر ناسيًا أن هؤلاء لا مثيل لهم فى العطاء والتضحية تجاه الأبناء فيظل يلعب بفرشاته وألوانه راسمًا أحلامه على ورقة بيضاء مملوءة بكل صفاء ونقاء حالمًا بنسيم هواءٍ نقىٍ وبيتٍ سعيدٍ متطورٍ وأقدامًا تحمله وأبويه إلى نعيم المستقبل الذى ينبعث منه شعاع الأمل والرغبة فى أن يثبت لأبويه أنه يستطيع فعل ما يمنعونه عنه بأفضل الطرق التى تجعله فى مكانةٍ يندمون لو أنهم ما تركوه منذ زمن بعيد ليشق الظلام بنور النجاح.

وحين يكبر

يرى نفسه فى وسط غابة أركانها بعيدة وإذا وصل إليها فحائلها سميكُ لا يؤثر فيها بريق الماس فهى محملة بالقمامة مغطاة بروائحها الكريهة التى لا يتحملها صاحب كرامة أو عقل ناضج فيعود كما بدأ ثم يكرر من طريق آخر فإذا بقواعد القسوة قد أسست خيوط العنكبوت، يستطيع حين رؤيته من بعيد الاختراق ووقت الاقتراب وبعد معاناة وصدمات وقد آن الوقت لأحصل على ما أستحق يقرأ لافتة مكتوب عليها

“ممنوع الاقتراب أو التصوير فإنك لم تجتز الاختبارات بنجاح”.

فيسأل نفسه أي الاختبارات هذه؟ فيعود لائما نفسه على عدم إلمامه بكل الأمور التى تكون سببا لاختراقه تلك الخطوط الحمراء واضعا نفسه فى المكانة التى يسعى إليها وأثناء العودة إذا بالإجابة أمام عينيه:

أولى الاختبارات:

– خروجك من غرفتك دون تنظيف الثرا الذى يؤرقنا بالقيم والمبادئ التى لا تغنى ولا تسمن من جوع وترك العالة الذين يأتونك طالبين الغوث من رأسك فهم لا حقَّ لهم فى غرفتك ، ألا يشكرون ربهم أنَّا تاركوهم فى مكان آمن – نعم لا ماء فيه ولا طعام ولا إضاءة – لكن أليسوا بأفضل من الناسكين فى العذاب ؟،

وثانيها:

تأكل من القمامة ! فلا يصعد الدرج صاحب عطر وطيب،

وثالثها:

أركان غرفتك ملك لنا ، وأنت غير مؤهل لأن تكون فى هذا الطريق، وآخرها : لا تدخل الكواليس فطريقك مرسوم رهن إشارتنا .

رجع الفتى خائب الأمل فاقد القدرة على الفكر مشرَّدُ الذهن ينظر فى وجه المارين حوله مبتسم لا يخفى هذا الوجه على أبويه يشعرون به دون حديث يواسونه فى صمت إلى أن تأتِ اللحظة الحاسمة .

زاد شقاء الصبي من جرح الأيام لأبويه ، فناداه الأب قائلاً : بنى ؛ الذهب بين الأيادي والماس لا يصل إليه سوى من ينقب عليه فيعرف قيمته ويحافظ عليه.

تحولت غرفة الصبي إلى مرقد قمامة تحيط  أركانها الأربعة وهو مشرد خارجها يمر عليها كعابر سبيل يدعو نفسه بالأمل أن تعود يوما ما.

سائلاً نفسه ماذا ينبغى من فعلٍ ؟ وهل ستظل الغرفة هكذا ؟ مناشدا جيرانه إن كان هذا حظي فأنتم اللاحقون.

فيديو مقال غرفة نومي أربعة أركان وثرا

أضف تعليقك هنا