إلى وكالة الغوث كفى

بقلم: نسر شنان

 إلى وكالة الغوث 

يجب أن تشكروا الموظفين المحليين لا أن تقهروهم وتنتزعوا حقوقهم.

لقد ضغطت مؤسسة الانروا على فوق عادتها على موظفيها في موضوع الحيادية والالتزام بقواعد ضبط النفس والابتعاد عن كل ما ينتهك قواعد الحيادية ( طبعا الحيادية هنا ان لا تفعل ما يغضب الجانب الاسرائيلي ) وحقيقة لا يختلف عليها ذو حكمة وبصيرة ان الحيادية تتجلى عندما تكون عامل في مؤسسة دولية في بلد ما ومع شعب ما وانت من جنسية اخرى فانه يكون في الاطار المنطقي، فلو نسجنا سيناريو  تاريخي فانتازي فانه ستكون حياديا ناجحا  و انت تقدم خدمات اغاثية في الولايات المتحدة للحرب المستعرة بي الشمال والجنوب او ان تقدم خدمات الاغاثة على جزر الفوكلاند للمتضررين من الحرب البريطانية الارجنتينيه ، في هذا الاطار الفنتازي يتجلى ان تكون ( حياديا )  في مكان ليس بلدك لتقدم ما تمليه عليك انسانيتك ، ولكن ان يكون موظف محليا ويعمل في مؤسسة دولية فانه جهاد كبير وضغط نفسي اكبر يقع كاهله ـ ذلك انه جزء من التاريخ والنسيج الاجتماعي والثقافي والسياسي الذي يحتضن كل شيء في إطار العلاقات ، لهذا يجب ان نقول الف شكر للموظفين المحليين الذين يعملون في بلدانهم مع مؤسسة كالانروا وذلك لاسباب عدة :

على الصعيد النفسي :

  • هذا الموظف الفلسطيني الذي يعمل على الأرض له امتداده التاريخي قبل ان يصبح موظف محلي ، فقد لجأ مع أهله وشاهد التشرد ورواه لابناءه وتعرض لكل ما يمكن ان يقال عنه تشرد ويعرف ان له بيت قد سرب منه ويعيش الان في مخيم زواريبه تحبس الهواء هنه .
  • هذا الموظف المحلي يقتحم بيته وبيت جاره وبيت أخوه او ابن عمه ويوقف على حاجز ويصطف في طابور كبير من المغلقة الطرقات عليهم وبالتالي فإن النار تحرق أصابعه ويطلب منه أن يقول كلةم يعبر فيها عن ألمه ليس أكثر من ذلك بل على العكس فهو متربص بكل شيء يصدر عنه .
  • هذا الموظف مطلوب أن يحاصر فكره ودوره ووعيه وأن يصبح اله فقط حتى تلتصق به صفة الحيادية فلا مقال سياسي ولا اجتماعي ولا مقابلة تلفزيونية …….. الخ الا بموافقه مسبقة فينصاع ولا احد يقدر كبته.
  • هذا الموظف يتعرض لاحداث يومية في بلده الأصلي بين أهله وبالتالي عليه أن يعزل نفسه عن كل الأنشطة والفعاليات والأحداث وبالتالي يتخذ قرار ان يعزل نفسه مما يضاعف الضغط النفسي عليه ويراكم بداخله ما لا يفهمه احد .
  • هذا الموظف الذي يتم التعامل معه ضمن امتيازات الموظف المحلي وليس الموظف الاجنبي فهو يعاني من ضغط التمييز بين كونه محليا امتيازاته تختلف عن الموظف الاجنبي وبالتالي احساس التمييز يملأ كل زاوية من نفسه .

على صعيد المخاطر والحقوق :

  • من يقدم الخدمة المباشرة هو الموظف المحلي اما الأجانب فهم في مكاتبهم وفي دوائرهم الدافئة وامتيازاتهم الخاصة وهم يقودمون بإدارة الأمور عن بعد ويبقى العبء الأكبر على الموظف المحلي.
  • هذا الموظف المحلي هو الذي يقدم الخدمات مباشرة فهو من يحتك بالجمهور وهذا الاحتكاك يولد له الكثير من المشاكل الاجتماعية بل في بعض الأحيان يعرضه للخطر ولا توجد له أي حصانه إلا على الورق ، فإذا اعتدى عليه إن تمت الاساءه له قوانين الوكالة فقط ترفع عنه الحصانه وعليه أن يذهب بصفته الشخصية لكي يقدم شكوى ، والضجة فقط تقوم إذا تم التعرض لموظف أجنبي أما المحلي فهو واقع بين المطرق والسندان .
  • هذا الموظف سيبقى في بلده وبين شعبه وبالتالي فإن أي ضرر اجتماعي او نفسي تعرض له سيبقى معه وسيرافقه في كل مراحل حياته وليس كأي موظف أجنبي ياتي لعدة سنوات ويعود بصورة المنتصر أنه كان في مناطق مشتعله وهو لم يخرج من مكتبه .
  • هذا الموظف المحلي هو من يتم انتقاص حقوقه ودوما ياخذ حقوقه بالحديد والنار ولا ياخذها اصلا من مؤسسته بطريقة تلقائية بل العكس يدفع ثمنا لها .
  • هذا الموظف بعد انتهاء خدماته او عمله لا تقوم المؤسسة اصلا بشكل رسمي بتكريمه او حتى قيام حفله له بل على العكس يخرج من المؤسسة كانه لم يكن وكل من يكرمه هو زملائه على نفقتهم الشخصية .

حقيقة ان من يحاولون الضغط على الموظفين ويتغنون بالحيادية عليهم ان يدركوا مثل هذه الحقائق وعليهم ان يوجهوا الف شكر لموظفي الانروا  المحليين ويحنوا لهم الهامات لا أن ينازعوهم في حقوقهم او يمارسوا عليهم غطرستهم ، فلو قمنا بحساب بسيط لوجدنا أعداد كبيرة من الموظفين المحليين تحملوا ما لا يمكن تحمله أي أحد على الصعيد النفسي وعلى الصعيد الاجتماعي الذي أشرنا لهما ولم نستطع الإحاطه بهما دون أن تلتفت المؤسسة لهم ، بل على العكس تعاملهم موظفي درجة ثانية يسهل التعامل معهم بجرة قلم واحدة، الاستغناء عن خدماتهم .

وأختم وأقول أنه سيأتي من يقول ، ليس صحيحا وأن المؤسسة تراعي ، وأن من يقبل بالعمل عليه أن يلتزم بالشروط ، ونحن نقول تعال وانظر يوميا إلى عامل النظافة كيف بشرفه وبصمته كيف يدافع عن المؤسسه وهو يقوم بعمله ويتحمل الأعباء الوظيفية دون أن يملأ الدنيا ضجيج كمن يرتدون ربطات العنق ويتحدثون عن عالم آخر غير الواقع.

الموظفون المحليون ضاغطون على مشاعرهم وحابسون آهاتهم وأفكارهم ومنتزعة حقوقهم ومتروكون لمصيرهم ، ومطلوب حياديتهم … والصمت على القرارات التي تصدر بحقهم .

بقلم: نسر شنان

أضف تعليقك هنا