التجارة الإلكترونية وظاهرة إلغاء الوسطاء

التجارة الإلكترونية

لقد ساعد الإنترنت على التغلب على صعوبات التعاقد الخارجي بجعله مباشر، ويسير، وذلك بظهور التجارة الإلكترونية، والتي تتكون من أسواق إلكترونية تتألف من عدد ضخم من المتاجر الافتراضية حيث المنافسة الكاملة La concurrence pure et parfaite التي شاعت أفكارها عند أصحاب المذهب الكلاسيكي أدم سميث، ومالتس، وريكادو، والتي تتحقق في ظل حرية التجارة كأثر من آثار التجارة الإلكترونية حيث الثمن العادل في سوق يتميز بالتعددية، والشفافية، والتجانس السلعي، وحرية الدخول إلى السوق والخروج منه، وانعدام تكاليف النقل، وخاصةً في قطاع التجارة الإلكترونية المباشرة التي تتم بالتسليم الإلكتروني عن طريق التحميل الرقمي للمنتجات الفكرية.

نتائج التجارة الإلكترونية

ومع هذه النتائج التي حققتها التجارة الإلكترونية يمكن أن نعتمد أنها أدت إلى الوصول تقريباً للمنافسة الكاملة، وحققت ما كان يرجوه أصحاب المذهب الكلاسيكي، وإن كان الواقع العملي عند كثيرين قد أثبت أن المنافسة الكاملة مستحيلة، فإن ذلك كان في ظل معطيات التجارة التقليدية حيث آليات السوق المحدودة.
فإذا ما اعتمدنا ما تمخضه التجارة الإلكترونية من ثمن عادل في ظل المنافسة الكاملة، وانخفاض تكلفة المعاملة على عكس السوق التقليدية نتيجة حرية التجارة، والتعامل المباشر بين جانبي السوق (العملاء، والموردين)، فإن النتيجة المفترضة عن ذلك هو انكماش دور الوسطاء التجاريين لدرجة انقراضه كلما تطورت التجارة الإلكترونية، وأدت إلى زيادة حرية التجارة الدولية، وتبادل البيانات الإلكترونية EDI، لذلك ظهرت دراسات بحثية حول انعدام الوساطة التجارية في ظل التجارة الإلكترونية لتصبح ظاهرة بحثية عرفت بمصطلح” إلغاء الوسطاء “Disintermediated .

إمكانية إلغاء الوسطاء عبر الأسواق الإلكترونية

وإن كان هذا الكلام على إطلاقه محل شك، وريبه، وخاصةً أن إمكانية إلغاء الوسطاء عبر الأسواق الإلكترونية يكتنفها كثير من الغموض، والتساؤلات. الأمر الذي دفع الباحثين إلى الدراسة الاستكشافية كان منهم مجموعة من الباحثين بكلية سلون للإدارة بمرحلة الماجستير في إدارة الأعمال على التجارة
الإلكترونية، والتسويق عبر الإنترنت، والتي انبثقت من دراستهم تقارير مفصلة عن 13 سوق إلكتروني متنوع تم اختيارهم كعينة نموذجية تمثل كافة العلاقات التجارية عبر الإنترنت، فشملت

علاقات قطاع الأعمال بالأعمال (B2B)، وقطاع الأعمال بالمستهلك (B2C) في مجال البضائع، والخدمات ثبت منها أن فرضية “إلغاء الوسطاء” قد تكون صحيحة جزئياً حيث يتقلص دور الوسيط التقليدي في الأسواق الإلكترونية، على سبيل المثال: الممثل التجاري التابع الجائل، وغير الجائل، وكذلك السمسار العادي.

ومن الناحية الأخرى

ظهرت أدوار جديدة للوسطاء مازالت تنمو، وتنتشر في التجارة
الإلكترونية، فبمجرد الإبحار بمحركات البحث في فضاء الإنترنت على شبكة الويب Web للبحث عن شركات الوساطة التجارية سيظهر لنا العديد منها في سوق المال، والعقارات، والسلع، والخدمات، وأعظم مثال: في ذلك شركات الفوركس FOREX، وهي شركات سمسرة في سوق العملات، وكذلك شركات البورصة الإلكترونية التي تعمل بالوساطة المالية حيث أن التعامل في أوراق المال له النصيب الأكبر من أعمال الوساطة على الإنترنت لما تتطلبه من خبرة كبيرة في مجال الاقتصاد، والمال.
وقد دأبت شركات السمسرة في استخدام الإنترنت كوسيلة دعائية لتقديم خدماتها المالية، والتجارية للوصول إلى أسواق جديدة غير متناهية حيث ملايين العملاء طالبي الاستثمار في الأوراق المالية على شبكة الإنترنت، ليس هذا فقط، بل إبرام التعاقد من خلال برمجيات معدة خصيصاً لذلك، حيث ينشأ لكل عميل محفظة لأوراقه المالية، ومن خلال أدوات إلكترونية متصلة بوسائط متعددة إلكترونية يستطيع العميل المحاكاة، والتفاعل مع وسيطة المالي بإعطاء أوامر الشراء، والبيع للأوراق المالية، ومن أمثلة هذه الشركات في السوق المصري الإلكتروني Miser Information Services and Trading .

البورصة التجارية

فإذا كان طبيعة عمل سمسار البورصة تتشابه إلى حدٍ ما بالوكالة بالعمولة حيث أنه غير المتخصص قد يختلط الأمر عليه؛ لأن معيار التمييز دقيق، وفني من الناحية القانونية لدرجة أن البعض يعتقد أن شركات البورصة هي وكيل تجاري بالعمولة، إلا أن ذلك مردود عليه بما تميز به الوكيل بالعمولة من كونه طرف أساسي في عقد الوكالة حيث يجري التصرف القانوني باسمه الشخصي، وإن كان لحساب موكله بحيث يكون مسئولاً عن كافة الالتزامات الناتجة عن هذا العقد في حين السمسار ليس طرف في العقد، إلا إذا كان مأزوناً له بذلك فضلاً عن أن دوره يتمركز حول التقريب بين المتعاقدين بما له من خبرة مالية لإبرام عقد مبايعة الأوراق المالية لحساب المستثمر، ولذلك فهو في مركز قانوني خاص.
فإذا كان سمسار البورصة Broker كوسيط تجاري ذا نشاط رائج على شبكة الإنترنت، لما للبورصة من مجال للاستثمار ذو عائد كبير، ولكونها سوق لرأس مال الشركات الذي يعكس مركزها
التجاري،

“الوكيل الإلكتروني”

إلا أنه على شبكة الإنترنت يوجد شركات وساطة تجارية أخرى تحتل مراكز ريادية على وجه الخصوص في المجالات الآتية:

التوكيلات البحرية، النقل والشحن، والتأمين، الدعاية والإعلان، والعقود، والسلع والخدمات، والذي يهمنا في موضوع الوساطة التجارية هو الوكالة بالعمولة كأحد صور الوساطة التجارية، والتي يستخدم فيها الذكاء الصناعي، والمحاكاة ببرنامج أطلق عليه مصطلح “الوكيل الإلكتروني”.
فإذا كان هذا الوضع يدل على انتشار الوساطة التجارية بشكل كبير في التجارة الإلكترونية، فإن الإدعاء المطلق بإلغاء الوساطة التجارية في التجارة الرقمية غير صحيح؛ لأنه مس جزء صغير منها الذي يأبى أن يتطور؛ لأنه تقليدي بحت لا يتناسب مع طبيعة التجارة الإلكترونية، فإذا كان التطور المستمر للكائنات الحية لمسايرةً البيئة المتغيرة هي سمة الحياة، فإن التجارة كالكائن تتطور طبقاً للبيئة التجارية، ومفترضات السوق التي تتكون فيها، ونحن نرى أنه شيء طبيعي، فآليات السوق تلقائية تسعى إلي تحقيق توازن ذاتي تفرضه بمتطلباته الفنية على كل نوع من أنواع التجارة، ومن ثم لا محل لمقارنة السوق التقليدية بالإلكترونية.

فيديو مقال التجارة الإلكترونية وظاهرة إلغاء الوسطاء

أضف تعليقك هنا