العلمانية والدين(الاسلام)

إن من بين المواضيع الأكثر تداولا في وقتنا الحاضر والتي تؤرق كل من يسير في اتجاه الحسم فيها هي تلك المرتبطة بجدلية الدين والعلمانية من جهة, والدين والعقل والعلم من جهة اخرى, فكلما قلنا أن النقاش قد حسم ورجح, يأتي العلمانيون وأصحاب الفهم الديق للحداثة والتقدم والتطور بشبهات أخرى ينبغي التفاعل معها من جديد, وتطرح أسئلة جديدة حديثة الولادة عن طريق التلاعب بالمفاهيم والسطو عليها بطريقة شيطانية تجعل مستقبلها يدخل في دوامة من التساؤلات مع فطرته .وغالبا ما يكون الاسلاميون في الصفوف الأولى من هده المعركة, معركة الخلاص من الافتراءات التي تطال ديننا ورموزه .
فالعلمانيون يحتجون على الدين بحجة نمودج الدولة الثيوقراطية التي سادت في اوروبا قبيل القرن 17م ويخافون من تكرار دلك النمودج في دولنا.

رفع الاتهامات عن الدين

وفي هذا المقال سنحاول بحول الله رفع هده الإتهامات بحجج تاريخية وواقعية ملموسة ,وسأحاول أن أضع بين أيديكم اختلافات صريحة وواضحة بين الدولة الإسلامية والدولة الثيوقراطية والتي تمثلها الكنيسة .
بسم الله
إن العلمانية كنظام سياسي تحاول أن تظهر لنا الدين بصفة عامة كمتورط في التخلف والتأخر الدي تعرفه بلداننا ويدعون الى فصل الدين عن الحياة وفصل الحياة عن الدين كما يقول فرج فودة .وكما أقر بدلك الأزهري سعيد زغلول في قولته الشهيرة ” الدين لله والوطن للجميع ” بل إن المطالبين بالفصل الكلي للدين عن الدولة ,وعندما وجدو ان مفهوم العلمانية يكتسي سمعة سيئة في الأوساط الإجتماعية, استبدلوها بكلمة “المدنية” في سطو ممنهج وتمويه شيطاني للمفهوم , بل إن بعضهم قد تنازل عن فصل الدين عن الدولة وتبنى المعنى المستحدث للعلمانية ألا وهي العلمانية الجزئية التي مضمونها فصل الدين عن السياسة كما عبر عن دلك المفكر المصري عبد الوهاب المسيري في كتابه العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة, ولكن الغريب في الأمر هو أن المنتقدين لا يستطيعون التفريق بين الإسلام وباقي الأديان وذلك لأنهم لم يدرسوه ولا يعرفون عليه الا ما يسمعون من شيوخهم, فياتي أحدهم يريد تفنيد صحة البخاري, ويأتي آخر ليقول إن القران لا يحتاج الى السنة ,ويقول آخر أن بعض آيات القران غير صالحة لكل زمان ومكان.والغريب في الأمر انك إدا سالتهم عن بعض أساسيات الإسلام لا يعرفون .. وكأن هدا الدين لقمة سائغة ,وليس له أهل, وكل من قرأ نصف كتاب لأحد الحداثيين المرضى وأصحاب التحليل السطعي للشرائع يصبح مفسرا ومفتيا ومنضرا يعطي الفتاوى ويحلل ويحرم بدون علم يدكر ..
وحتى نكون عمليين سنحاول الرد بحول الله على الشبهات التى تحاك للإسلام ليلا من أعدائنا, فيشربها ويتشدقها أبناء جلدتنا, فيدخل السم عقولهم ويصبح كالورم يعشش ويكبر حتى أنه لا يكتفي بصاحبه بل ينتقل الى من هم في محيطه .

الدولة الثيوقراطية:

هي نمودج لدولة كانت سائدة في اوروبا قبل القرن 17م والتي كانت تقوم على حكم الإله وكانت تقودها الكنيسة وتتحكم في كل أمور الحياة الاجتماعية والاقتصاديةوالسياسية والدينية …

الدولة الاسلامية:

هي نمودج لدولة لم تتحقق كل معالمها إلا في عهد النبي محمد صل الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وبعض الخلفاء من بعدهم.

في الدولة الاسلامية في الدول الثيوقراطية (الكنيسة )
الحاكم في الدولة الاسلامية حاكم من مهامه تحقيق العدالة والسعي نحو تحقيق الحق وازهاق الباطل . ودلك بالحكم بما انزل الله .فادا فعل دلك وجب على الرعية السمع والطاعة

الحكم وكيفية التعامل مع الناس في الاسلام

في الاسلام ليست هناك مشكلة في ان يأتي رجل الى النبي محمد صل الله عليه وسلم وهو يصرخ في وجهه قائلا أريد حقي يا رسول الله فيقول عمر دعني أضرب عنقه يا رسول الله فيقول رسول الله .((لا يا عمر بل اامره بحسن الطلب واامرني بحسن العطاء)).

في الاسلام ليس هناك مشكل في ان ياتي رجل الى امير المؤمنين عمر ابن الخطاب مشهر سيفه ويقول(( والله لو أخطات ياعمر لقومناك بسيوفنا )) ولا يدكر التاريخ من قال أو فعل دلك لأن الأمر عادي ويمكن أن يتكرر مرات ومرات.
وليس في الإسلام حرج في أن يتقاضى خليفة المؤمنين علي كرم الله وجهه امام القاضي مع يهودي ودلك من أجل درع لعلي ادعى اليهودي انه له .فحكم القاضي لليهودي فتعجب اليهودي قائلا أتحكم لي وهو خليفةالمؤمنين.. وأسلم عندها كان الحاكم في الدولة الثيوقراطية يعتبر الاه أو مبعوثا من الإله الامر الدي كان يجعل من حكمه حكما لا يناقش وليس له قيد او سقف او حد … وكانت مباركة الكنيسة للحاكم هي من تعطيه الشرعية وتجعل الناس يخافون من غضب الرب عليهم ان هم خالفو امر الكنيسة التي تتواطئ مع الدولة والحاكم عليهم من أجل جعلهم تابعين مخلصين …وكان الناس يرددون قولة شهيرة للحاكم ويقولون .
.ما شئة لا ما شاءت الاقدار
فاحكم فانت الواحد القهار
الاه
الحاكم

مبعوث من طرف الاله

لويس الخامس عشر. وهو من قيادات اوروبا ابان حكم الكنيسة كان يقول .((انا الدولة والدولة انا ))

وكان يقول:(( انا بعثني الله كي احكم بينكم)) الحاكم

الإعجاز العلمي والعددي في القران الكريم

ان القارئ للقران طبقا لأول آية نزلت من القران (((إقرأ))) يجد نفسه أمام دعوات للتدبر والتفكر والتعقل في كون الله وخلقه يقول تعالى .افلا تتدبرون ..افلا تعقلون ..افلا تبصرون …
وان الإعجاز العلمي والعددي في القران الكريم يؤكد دلك حيث ان كلمة:
-العبادة دكرت 275 مرة في القران الكريم
-العمل دكرت 359 وهو عدد ايام السنة الهجرية وهي اشارة من الله تعالى ان المسلم يجب ان يعمل طوال ايام السنة .
-العلم والمعرفة دكرت 811 مرة في القران أي اكتر من العبادة والعمل مجتمعين
أي ان الاسلام لا يمكن باي حال من الاحوال ان يمنع او يحرم ما ينفع البشرية.
وهو الأمر الدي يؤكد أن الإسلام يعنى بالبحث والتحديث فيما ينفع البشرية ولا يضر بالأخلاق والقيم كانت الكنيسة في الدولة الثيوقراطية تتحدث باسم الإله. –
كانت الكنيسة تمنع ترجمة الكتاب المقدس. –
-كانت الكنيسة تمنع كل طروحات علمية تخالف ما تقول به ..وسأدكركم باليلي كاليليو الدي قال بان الشمس هي مركز الكون وخالف الكنيسة التي كانت تقول ان الارض هي مركز الكون والدي تم اعدامه وحرق كتبه …والامثلة كثيرة في دالك.
-كانت الكنيسة تبيع المغفرة والأراضي في الجنة مقابل المال.

العلم وإعمال العقل

قد يتساءل احدكم قائلا ان ما نلاحضه اليوم في الاوساط الاسلامية لا يدل على ما ادلينا به .فاقول له : انني احلل من وجهة نظر الاسلام قرآن وسنة لا بالاستناد الى الواقع او بالاستناد الى شخص معين او تيار معين, فالاسلام لا يمثله الواقع, او شخص معين او توجه معين, بل ان الاسلام يمثله النص فقط قرآنا وسنة, أي انه لا يصح ان ناتي بنقطة سوداء في تاريخ الاسلام فنقول ان هدا هو الاسلام كما يستغل البعض مقتل الخلفاء الثلاث والفتنة الكبرى حتى يعزز ادعاءاته ,او ان يرى ممارسات بعض التيارات الاسلامية كداعش ويقول ان الاسلام دين الارهاب .
سؤال :لمادا تقدمت الدول العلمانية وتأخرت الدول التي تتبنى الاسلام في دساتيرها ؟؟؟

ان الكثير ممن يلاحضون حال الدول العربية والاسلامية اليوم من حروب ودمار وتخلف يرجع دلك الى الاسلام بل انهم يعتبرونه كحاجز وحاجب للتقدم والتطور والبحث العلمي .وحسب رأيهم فانه يجب الاستغناء عن الاسلام وان كل من يؤمن بهدا الكلام وهده الخرافات وجب عليه ان يختبأ وسط المساجد ..وهو الامر الدي جعل الكثير من المفكرين والباحثين يطالب علماء الاسلام بمراجعة تفسير بعض الايات حتى تصبح ملائمة وتطلعات المجتمع كآيات الارث .وآيات شريعة الجهاد .وقضايا المراة …

وفي المقابل فانهم يلاحضون الدول العلمانية التي لا تدين بالاسلام ولا باي دين اخر فيما يبدو في ظاهرالامر انها اما دول متقدمة او دول تسير في طريق التقدم والنمو ..الامر الدي يدفعهم للمطالبة بنظام علماني ..

فهل حقا الإسلام هو سبب التخلف الدي تعرفه بلداننا ؟؟؟.

للاسف فان كل البراهين التي يقدمها العلمانيون وأصحاب الفهم الديق للحداثة براهين لا تدل على تخلف الإسلام بل على تخلف المسلمين .الأمر الدي يجعلني اتسائل ..هل توجد دوله في العالم طبقت الإسلام بحدافره حتى نقارنها مع دوله علمانية.
حتما لا توجد دوله في العالم تطبق ولو 20 في المأة من شرائع الإسلام حتا نقول ان الإسلام فشل او نجح …أعطني دولة إسلامية ومن ثم قارنها بمن تريد من الأنظمة والدول .
ثم عن اي نجاح يتحدث هؤلاء فاوروبا ربما نجحت ماديا لكن المجتمع الاوروبي اليوم يعاني الويلات اجتماعيا حيث انعدم مفهوم الأسرة عندهم نتيجة الإنحلال الأخلاقي والتفسخ والشدود والحرية المطلقة,فتجد أن المرأة تعاشر 60 خليل والرجل يعاشر 100 خليلة وعندما يولد المولود لا يعرف من أبوه لان الأم لم تتدكر مع من كانت ولا مع من باتت. وفي بريطانيا ظهرت أصوات تطالب بتجريب الشريعة الإسلامية فيما يخص مدونة الأسرة .
ثم ان النجاح الدي تعرفه أوروبا ماديا يثبت عكس ما يدعون ..ففي بريطانيا رجعت الأبناك الى النسبة التي قلنا بها مند 1400 سنة: 0 في المأة.
وتجدر الإشارة الى أنه في اوروبا اكتر من 15 دولة تشترط في دساتيرها ان يكون الحاكم من ملة محددة ( الدانمارك ,المانيا ,ايطاليا ,فرنسا .سويسرا …).

قال تعالى:{ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} المائدة:44
قول الله -جل وعلا-:{ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} النساء: 65
يقول سبحانه-:{ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} [المائدة): 50
يقول تعالى :{ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ[المائدة: .49] يقول عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: نحن قوم أعزنا الله بالاسلام ,فكلما أبتغينا العزة بغيره أعزنا الله.

قرار مجلس مَجْمَعِ الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي:

إن العلمانية نظام وضعي، يقوم على أساس من الإلحاد، يناقض الإسلام في جملته وتفصيله، وتلتقي مع الصهيونية العالمية والدعوات الإباحية والهدامة، لهذا فهي مذهب إلحادي يأباه ..
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ببلاد الحرمين: ما يسمى بالعلمانية التي هي دعوة إلى فصل الدين عن الدولة، والاكتفاء من الدين بأمور العبادات…، دعوة فاجرة كافرة، يجب التحذير منها، وكشفُ زيفها..

الإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله: والعلمانيون الذين ينبِذون الإسلام وراء الظهر ويريدون غير الإسلام…، يكون كفرهم وشرهم أكثر من اليهود والنصارى.

قال الشيخ ابن جبرين رحمه الله: العلمانية مذهب جديد، وحركة فاسدة…، وقد دخل في هذا الوصف كل من عاب شيئًا من تعاليم الإسلام قولاً أو فعلاً، فمن حكَّم القوانين، وألغى الأحكام الشرعية فهو علماني، ومن أباح المحرمات- كالزنا، والخمور، والأغاني، والمعاملات الربوية، واعتقد أن منعها ضرر على الناس، وتحجر لشيء فيه مصلحة نفسية – فهو علماني، ومن منع أو أنكر إقامة الحدود – كقتل القاتل، ورجم أو جلد الزاني والشارب، أو قطع السارق أو المحارب، وادَّعى أن إقامتها تنافي المرونة، وأن فيها بشاعة وشناعة – فقد دخل في العلمانية..

فيديو مقال العلمانية والدين(الاسلام)

أضف تعليقك هنا