شكر النعمة

بقلم: جود

ميزة تحقيق  أمنيات الطيور

قد خصني الله بميزة فريدة جعلتني متفردة في سربي ، و مشهورة بين أسراب الطيور الاخرى ، قدرتي على تحقيق الامنيات جلبت لي شهرة واسعة، لكنها كانت ايضا سببا لخلق بعض المشاكل غير المتوقعة ففي سنواتي الاولى حين اكتشفت قدرتي تلك كنت قد عانيت من تملّق بعض الطيور من غربان و صقور و كرهت محاولات البعض في أن يصبح صديقا مقربا مني ، وبجهلي تحققت بعض الأمنيات السيئة ، وتحملت الكثير من المشاعر الصعبة  و تحاملت على نفسي، ظنا مني بأني أحقق الخير للطيور حين أحقق امنياتهم ، لكن ، و بعد تجارب عديدة تعلمت الكثير فلم أعد استخدم قدرتي إلّا في الخير وحده ،

و في صباح أحد الايام عندما كنت محلقة في وسط السماء الزرقاء التي تضم في فضاءها الكثير من الآمال والاحلام بما لا يتخيله عقلي ولا تقوى قدرتي على تحقيقها دفعة واحدة او على دفعات، حينها كنت أفكّر ماذا لو امكنني تحقيق أمنيات البشر ، ما الذي يفكرون فيه ؟ ما هي احلامهم واقصى رغباتهم ؟

تحقيق أمنيات البشر

وقفت على على أحدى الشرفات انتظر ان يخرج احد ساكني الدار ليلقي بأمنية ، لم يمضي وقت طويل حتى انتبهت لصوت بعيد خافت صوت رجل يبكي يتدارك ضبط انفاسه تارة ، و يختنق بحشرجته المؤلمة تارة اخرى ، بدأ الرجل بالمشي سريعا يجول الغرفة ماسكا في يده اليمنى آلة حاسبة وفي اليد الاخرى مجموعة اوراق سرعان ما سقطت على الارض ، وانفجر الرجل بالبكاء بصوت عال ، وأخذ يضرب الالة برأسه قائلا : ( كم أنا غبي ، كم أنا غبي ، لو كنت ماهرا في الحساب لقَبِلت في تلك الوظيفة لماذا انا لا اجيد الحساب يا الهي؟ لماذا؟ ) فعلمت بأنه في أمس الحاجة لأن يصبح محاسبا شاطرا ليضمن تلك الوظيفة ، رفرفت بجناحي السحريين سريعا و غطّ الرجل في نوم عميق ، سيعلم حين يفيق أنّ أمنيته قد تحققت ، ما عساني ان افعل الا الانتظار لاشاهد ردة فعله

مرّت ساعات نومه بسرعة و انا على شرفة الرجل المحظوظ وقبل أن تشرق الشمس ، ترّقبت لحظة استيقاظه ، و اخيرا ها قد استفاق ، توجه فورا نحو الطاولة ليحاول فك تلك المعضلة الرياضيه وهو خائب الامل، ولكنه كان امام موضوع سهل يستطيع ان يحل مسائله بسهولة وبكل ثقة ، لم يصدق ما يحدث له ، وضع يداه على رأسه و ظلّ يصرخ فرحا ، قفز في مكانه كطفل حظي بقطعة حلوى ، يتأكد عن طريق الآلة ، فعلا اجاباته صحيحة ، يكاد يجنّ من الفرحة ، و أكاد أبكي من فرط سعادتي.

تركته بفرحته و رجوت الله أن تكون تلك الأمنيه سببا في تغيير حاله للأفضل و أن يعمل وينجح في عمله كما كان يرجو ، مضت سنة نسيت فيها بعض وجوه البشر الذين حققت أمنياتهم،  إلّا ذلك الرجل فهو أول بشري استمع لشكواه و مناه ، قررت زيارته للإطمئنان على حاله ،

عدم صون وشكر النعمة

حين وصلت لمنزله رأيت سيارات الشرطة ، كنت ابحث عن وجهه، لقد كان بالنسبة لي مميزا، ولكني استغربت كثيرا، حينما وجدته ذليلا مكسورا وقد كبلت يداه بالاصفاد ، يتوسط شرطيين قد امسكاه من ذراعيه بقوة ، كنت اتسائل ، ما الذي حدث يا ترى ؟ حاولت التحليق قريبا منهم قدر الامكان ،تبعته الى مركز الشرطة، وهناك سمعت الشرطي يقول له :

“كيف سولت لك نفسك ان تسرق أموال الايتام، لقد كنت من أشهر محاسبي البلاد، ولكنك مع الاسف، لم تشكر النعمة ”

بقلم: جود

أضف تعليقك هنا