فصامٌ لذيذ

المرأة هي…

المرأةٌ ميـمُها مرٌ، وراءُها رَوحٌ، وهمزتُها أنسامٌ، وتاءُها تاجٌ، فالمرُ – إن كادت لك كيدًا – تذقه لك بذات القدر الذي أحبتك به، وروحٌ هي بالبيت أنت جسده، ودون تلك الروح موت، وأنسامٌ في حر الضيق تٌلطف الأجواء المنهكة بشقاء الرجل الذي يجري خارج البيت خلف لُـقم العيش، وتاجٌ إن أهديتها إياه، تجده فوق رأسك، هذه هي المرأة، عربية كانت أم غربية، لا فرق في طبيعتها بين هذه وتلك، ومن يحقر شأنها، ويحتقر جنسها، ويستغل ضعفها، ويوكل لها أمرًا ليس بأمرها، مجرمٌ لا شك في ذلك، والمرأةُ التي تقبل بالمهانة، وترضخ للمجتمع، وترضى بظلم بعض مفسري الدين، لا تعد شاهدةً على هذا الظلم، بل شريكة فيه.
مَغلوبة هي في أوطاننا، تتحمل وحدها عبء الرغبات النفسية الذكورية من سيطرة، وتحكم، وسُلطوية لا تعرف الرفق ولا وصايا الأنبياء، فبعض المجتمعات يفوق العرف فيها كل دين، وكل مقدس، فهناك قبائل لا تقبل أن تزوج بناتها للغير حرصًا – في زعمهم – على طهارة النسل، فتموت بناتهن كمدًا وغيظًا من وجع العنوسة، وحرمانهن من رفقة زوج تطيب معه الحياة، وتسعد به أرواحهن، ويشعرن معه بالمودة والرحمة، أي ظلم يفوق ذلك؟

المرأة و المجتمع

لكن الغريب أن كل من ينادي بحقٍ لها مهضوم، يـَخرجُ عليه بعض الـمُتنطعون، ويصرخون في وجهه بحناجرهم الخشنة: أنتم تريدون لها العري والتبرج.. اتقوا الله يا كفرة، فيصمت المنادي ويلتهم لسانه خوفًا من هذا الاتهام، ويطير معه أمل آخر في سندٍ يقفُ في صفها، فهي منذ الصغر تعاني، أليس فرحة الأسرة بالذكور تفوق فرحتها بالإناث؟ فما الجديد أن يضاف لها معاناة أخرى، ربما تعودت المرأة في بلادنا على ذلك، وصار من الحكمة أن تُظلم، فبعض الرجال لديهم قناعة أن المرأة إن فَطِنت وأخذتْ حقوقها ربما تمردت، وأخذت مكان ومكانة الرجل في المجتمع، لنقر بذلك معشر الرجال كي تأتينا الحلول، ويسهل علينا نقاش هذا الأمر، فالاعتراف بداية لحل جذري، لا نُظلم فيه ولا نظلم.
حتى هؤلاء الذين يتشدقون بحقوقها، قد يظلموها، وهم يشعرون، شربنا عادات وتقاليد وتناقضات كل العرب، حتى أصابنا الفصام، تعايشنا معه دون خجل، فالرجل الذي يحرم أخته الميراث، هو نفسه الذي يسعى لتأخذ زوجته حقها في الميراث، ليبرالي خارج منزله، متزمت داخل بيته، يقبل حرية الأخريات ويشجعهن، بينما يكبت أخواته، فأرجو ألا تعتقد عزيزي القارئ أنني بمنأى عن هؤلاء لمجرد أني أكتب عنهم، فأنا رجل شرقي، أعاني من الفصام، لكنه فصام لذيذ.

فيديو مقال فصامٌ لذيذ

أضف تعليقك هنا