هذا سرب

طفولة…

من أحلام الطفولةِ الساذجة التي حِكْتُ تفاصيلها بيني وبين نفسي كان أن أكون طائرًا ..لا أعلمُ ِلِم ،رغم أنَّ طفولتي ما كانت ِلِتشكو من كبتٍ ما أو إقماحٍ لحرية ..كنت دوما أفعل ما يحلو لي حتى لو تطلب الأمر تركي للدرس في ليلة اختبارٍ ما .كان يمكن أن أضع عالمي مِن خلف ظهري وأقبعُ القرفصاء على أرضية غرفتي وقد جمعت حولي أشياءَ كُثر لا علاقة لكل منها بغيره..أوراق ولاصق ومسامير ومصباح قديم و علب كثيرة وعرائسي و بعض مجلاتي المصورة و أشياء أخرى لم أدري جدواها ..كنت أقضي ساعاتٍ وساعات في صنع ما لا أعرف ..كانت تجارب في كل مرة لا أعلم إلامَ تُفضي ولكن هي فقط إرضاء لحاسةِ الفضولِ عندي..حتى اذا ما خرج من بين يدي منزلٌ ما من الكرتون وبدائيات الحاجيات ،رُحت أرتب في العرائس واحدة واحدة و أصنع شبكة من قصص لجواري في أحرام الملوك ،و أنَصِب نفسي بمكانة الاميرة المحاربة التي نالت من قلب قائد جيش المملكة ،مبالغٍة لا ضير منها ومغامرة حُلوة .

حلمي ان أكون طائر

نعود لحلم الطائر ..أذكر أني حين كنتُ في الإبتدائية برغِم الشعبية التي اكتسبتها بين طلاب مدرستي الاكبر مني والاصغر وحتى معلميْ وناظريْ الصرح التعليمي ..كان لي أصف طفولتي وبقلبٍ جرئ أنها “منعزلة” ..كان من حِب ما لقلبي أن أجلس في الفناء وقد أطلقت بصري للسماء و عيني تلاحق جماعة من الطيور ..ارتبط هذا المشهدُ دوماً في رأسي بصوتِ معلمتي للغة العربية :”هذا سرب ٌمن الطيورِ يطيرُ في السماء” ، حتى لحظتي تلك ، تتردد تلك الجملة كلما رأيت جماعة الطير ..تثيرُ في نفسي حسداً غريباً ..ما لي لا ينبتُ من ظهري رويشات كما ب “البجعة السوداء” ثم تنمو لجناحين كبيرين سوداوين لامعين جداً ..ومن ثَم أصعد إلى مئذنة ابن فرناس بالبصرة ..أجربُ الطيران كما فعل ..ولا أسقط كما فعل .
وفي موسمِ الهجرة ،أنطلقُ بغير علم ٍلوجهتي التالية ..كل ما أستجيب له هو شعوري فحسب ..الى مكان أُحبهُ ويحبني ..ومعي جماعتي أو لوحدي .. و أَمُر فوق فناء مدرستي ..وأراني طفلةً صغيرة يتردد في عقلها نفس الجملةِ التي تثير حسدي ..”هذا سرب من الطيور يطير في السماء” .

فيديو مقال هذا سرب

 

أضف تعليقك هنا