جدارية الحياة

ثقافة الجدران

علي جدار قديم تلاشت الوانه يبدو ابيض ليلا ورمادي نهارا كتبت جدارية “هنا بشر بحاجة الي حياة”
وتحتها كتبت عبارة تافهة وبطريقة اتفه من طرف جاهل يملك سلسلة مقاهي ومطاعم “ممنوع رمي ازبال وشوكران”.

بجانب الجدار يتكئ عجوز علي قنينة ماء فارغة، يملئ الشيب رأسه وجهه حزين وكئيب بكأبة الجدار، ترسم التجاعيد علي وجهه لوحة للبؤوس.
علي الضفة الاخري للشارع مقهي ومطعم جميل يضع شجيرات علي ابوابه الكثيرة ، يلمع صاحب المقهي بنفسه الزجاج يوميا ويسهر علي جلب الزبناء ، يطرد العمال بشكل منتظم لايهمه حق عامل ولا قانون كل ما يشغل باله الزبون والمال ، يأتي زبناء متنوعون الي المقهي بين من قادته البطالة الي هناك ليصبح ويمسي علي نظام الفه منذ حصوله علي شهادته وبين ما ياتي بعد العمل هكذا هي الحياة.
يتحرك العجوز ببطئ ويتمايل جسمه النحيف وملابسه الرثة لا تساعده ان يمشي مستقيما محاولا ان يقطع الشارع الي الضفة الاخري فضفتي الشارع كضفتي البحر الابيض المتوسط هنا افريقيا ببؤسها وانظمتها الفاسدة وباحتلال ترك جذوره هنا لينير مدنه ويبني جنته ونظامه الديموقراطي هناك علي الضفة الاخري.
يقطع العجوز الشارع واقفا علي باب المقهي طالبا ما يسد به رمقه بوجه حقير يطرده صاحب المقهي وبكل وقاحة يشتمه، من علي طاولة ينهض احدهم ليضع نظارت شمسية تاركا وراءه مالم يستطع اكله علي الطاولة او ربما تركه ك”برستيج”.
ومن وراء الزجاج ينظر العجوز الي الطعام وهو يرمي في القمامة داخل المطعم يعود الي ضفة البؤس مرة اخري قاطعا الشارع يجر معه حزنة وكأبته منتظرا خروج القمامة ليلا ليأكل منها.
تمر الايام بحزنها وبنفس الوانها وسط هذا الحزن علي هذا العجوز وغيره كثير.
وعلينا تمر الايام وكل يوم نفقد شيأ من انسانيتنا نهرول ونجري الي اين؟
كيف نحاسب انفسنا؟ وكيف سنحاسب؟
جزء من حكاية لم ينتهي.
وكم من حكاية لم تحكي…

 

أضف تعليقك هنا